تتمة شرح قول صلى الله عليه وسلم ( ... والنفس بالنفس ... ) . حفظ
الشيخ : الثاني ( النفس بالنفس ) : وهذا يعني القصاص ، إذا قتل أحدٌ شخصا قتل به ، وهو من تمام العدل : (( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم )) ، فمن قَتل نفساً قُتل بها بالشروط المعروفة لأن القصاص له شروط .
ولكن هل يقتل القاتل بالسيف أو بما قتل به ؟ في هذا للعلماء قولان :
أحدهما : أنه يقتل بالسيف ، واستدلوا بحديث رواه ابن ماجه بسند ضعيف أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( لا قَوَد إلا بالسيف ) : لا قود يعني : لا قصاص إلا بالسيف ، ولأن السيف أسهل في الغالب ، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( إذا قتلتم فأحسنوا القتلة ) .
وقال بعض العلماء : بل يقتل القاتل أي : الجاني بما قتل به ، إن قتل بالسيف قتلناه بالسيف ، وإن قتل بالرصاص قتلناه بالرصاص ، وإن قتل بالسُّم قتلناه بالسم ، وإن قتل بالعين قتلناه بالعين ، وإن قتل بالحال قتلناه بالحال ، أي شيء يقتل به نقتله به ، واستدلوا لهذا بالكتاب والسنة والقياس الصحيح :
أما الكتاب فقوله تعالى : (( ولكم في القصاص حياة )) ، ولا يتم القصاص إلا إذا قتل الجاني بما قتل به ، وبقوله تعالى : (( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه )) بإيش ؟ (( بمثل ما اعتدى عليكم )) : هذا اعتدى على هذا بالسيف نعتدي عليه بالسيف ، اعتدى عليه بالرصاص نعتدي عليه بالرصاص ، وأما بالسنة فقد ثبت في * الصحيحين * : ( أن النبي صلي الله عليه وسلم رضَّ رأس رجل يهودي رضَّ رأس جارية للأنصار ، وأخذ ما معها من الأوضاح -الحلي- فجيء للمرأة وهي في آخر رمق وقيل : من قتلك فلان فلان حتى وصلوا إلى اليهودي فأومأت أن نعم ، فأُخذ اليهودي فأقر ، فأمر النبي صلي الله عليه وآله وسلم أن يرض رأسه بين حجرين ) : هذا من الكتاب والسنة .القياس الصحيح : أن المعتدي جاني ، وتمام العدل في معاملته أن نفعل به كما فعل وهذا القول هو الصحيح ، بل هو المتعين ، فعلى هذا نقول : قوله عليه الصلاة والسلام : ( النفس بالنفس ) : يعني أنه يُفعل بالجاني كما فعل بالمجني عليه ، والزاني ماذا يفعل به ؟ الزاني المحصن ؟ يرجم .
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( النفس بالنفس ) هو كقوله تعالى في سورة المائدة : (( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس )) : وكما تشاهدون الحديث عام ، فهل خُصص منه شيء ؟
أولا : ننظر في عمومه : قتل رجل بالغ رجلا بالغا يقتل به ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : يقتل به ، رجل عاقل رجلا مجنونا يقتل به ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : يُقتل به ، للعموم .
امرأة قتلت رجلا ؟!
الطالب : تقتل به .
الشيخ : تقتل به .
رجل قتل امرأة ؟
الطالب : يقتل بها .
الشيخ : يقتل بها ، طيب حرٌ قتل عبدا يقتل به ؟
الطالب : لا .
الشيخ : ناخذ العموم يا إخوان ، ناخذ العموم ، حر قتل عبدا يقتل به ، عبد قتل حرا يقتل به ، أب قتل ابنه ؟
الطالب : لا يقتل !!
الشيخ : يقتل به ، أم قتلت بنتها !؟
الطالب : تقتل بها .
الشيخ : ابن قتل أباه ؟
الطالب : يقتل به .
الشيخ : مسلم قتل كافرا يقتل به للعموم ، كافر قتل مسلما يقتل به ، هذا هو العموم هذا هو الأصل ، ولنا أن نأخذ بالعموم حتى يثبت المخصص ، لأننا مأمورون بالأخذ بالنصوص على عمومها حتى يثبت المخصص ، فهل هناك مخصص ؟
ننظر أولاً : يقتل الكافر بالمسلم ، يعني لو قتل كافر مسلما فإننا نقتله ، واضح ؟ الدليل ؟ الدليل يا إخوان ؟ الدليل : ( النفس بالنفس ) هذا الدليل ، لا يقتل المسلم بالكافر يحتاج إلى دليل ما هو الدليل ؟ الدليل ما ثبت في * الصحيحين * من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( ألا يقتل مسلم بكافر ) : لا يقتل مسلم بكافر ، فإن كان الكافر حربياً فإنه يقتل به بالإجماع ، لا يقتل به المسلم ، لأن الحربي دمه هدر ، وإن كان ذميا فقد اختلف العلماء فيه على ثلاثة أقوال :
القول الأول : لا يُقتل المسلم بالذمي لعموم حديث علي : ( لا يقتل مسلم بكافر ) .
والثاني : يُقتل لأن النبي صلي الله عليه وسلم قتل مسلمًا بذمي وقال : ( أنا أولى من أوفى بذمته ) ، ولأن الذمي معصوم الدم ومعصوم المال فهو كالمسلم ، وإسلامه له ، لكن ما دام معصوم الدم والمال ولا تحل الجناية عليه فإنه إذا جنى المسلم على هذا المعصوم يقتل ، والدين يختص بنفسه ، لكن حفظ الأمن العام هو للعموم .
القول الثالث : إن قتله غِيلة قُتل ، إن قتل المسلمُ الكافرَ غِيلة فإنه يقتل به وإن كان عن قصد فإنه لا يُقتل به .
الغِيلة : " هو أن يتحرى غفلته " ، يتحرى القاتل غفلة الإنسان فيقتله فإن المسلم يقتل بالكافر ، وعليه يحمل ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام : ( أنه قتل مسلما بكافر في غزوة خيبر ) ، ولأن قتل الغيلة مخل بالأمن على سبيل العموم فيقتل القاتل حفظًا ؟ إيش ؟ للأمن ، لأن القاتل غِيلة لا يمكن التحرز منه إذ هو يأتي في غفلة وغرة ، بخلاف الذي يشابك باليد ويقاتل فهذا قد أتى عن قصد .
إذًا القول في هذا كم ؟
الطالب : ثلاثة .
الشيخ : ثلاثة ، القول الأول : أنه لا يقتل به .
والثاني : يقتل به لعصمته .
والثالث : إن كان غيلة قتل وإلا فلا .
والقول بأنه يُقتل به مطلقا ضعيف ، والقول بأنه يقتل إذا كان القتل غِيلة قوي والقول بأنه لا يقتل به مطلقا أيضا قوي ، فالترجيح الآن دائر بين القولين : أنه إذا قتل المسلم الكافر غيلة قتل به أو أنه لا يقتل به مطلقا ، جمهور العلماء في هذه المسألة على أن المسلم لا يقتل بالكافر مطلقا ، المسلم لا يقتل بالكافر مطلقا لعموم قول النبي صلي الله عليه وسلم : ( لا يقتل مسلم بكافر ) .
وأما ورد عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم في قتل مسلم بذمي فهذا إن صح قضية عين قد تكون فيها ملابسات أوجبت قتل هذا الرجل .
وقال بعض العلماء : إن قتل الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمَ بالذمي من باب التعزير ، وأن النبي صلي الله عليه وسلم وحده له أن يعزر بالقتل ، لأنه معصوم من إرادة قتل النفس ، وأما غيره فلا يعزر بالقتل ، لأنه قد يكون له هوى .
وهذا ينبغي أن يضم إلى الأقوال الثلاثة : وهو عبارة عن جواب مَن استدل بفعل الرسول عليه الصلاة والسلام على قتل المسلم بالذمي ، فيقال : إن الرسول عليه الصلاة والسلام له أن يعزر بالقتل وحده ، طيب نشوف هل يُقتل الرجل بالمرأة ؟ نعم ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : الدليل ؟
الطالب : ( النفس بالنفس ) .
الشيخ : ( النفس بالنفس ) وهذا الذي رآه جمهور العلماء بل حكاه بعضهم إجماعا أن الرجل يقتل بالمرأة .
وقيل : لا يقتل الرجل بالمرأة .
وقيل : يقتل بها ويدفع أهلها نصف الدية ، وجه هذا القول الأخير إيش ؟ أنه يدفع نصف الدية لأن دية المرأة نصف دية الرجل ، فإذا قتلنا الرجل فإنه يدفع أهلها نصف دية الرجل مِن مالها ، أما من أموالهم فلا يلزمهم لأن الله يقول : (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) ، ولكن الصحيح المتعين أنه يقتل الرجل بالمرأة ، يقتل الرجل بالمرأة ودليل هذا : ( أن النبي صلي الله عليه وسلم قتل اليهودي ) بمن ؟ ( بالجارية ) ، وهذا قتل رجل بامرأة ، ولعموم قول النبي صلي الله عليه وسلم : ( المؤمنون تتكافئ دماؤهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ) .
فإن قيل : ما الجواب عن قوله تعالى : (( والأنثى بالأنثى )) ، (( كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى )) ؟
فالجواب أن الآية صريحة في أن الأنثى تقتل بالأنثى ولها مفهومان :
الأول : أن الرجل لا يقتل بالأنثى . والثاني : أن الأنثى لا تقتل بالرجل ، لكن المفهوم الثاني يقال فيه : إن الأنثى تقتل بالرجل من باب أولى ، إذا كانت تقتل بالأنثى فقتلها بالرجل من باب أولى -أظن يجي لمكانه ما هو بجاي- طيب .
وأما الثاني : وهو أنه هل يقتل الرجل بالمرأة ؟ فإن دلالة آية البقرة على امتناعه بالمفهوم ، والسنة أثبتت قتل الرجل بالأنثى وهو في قوة المنطوق ، فيكون مقدما على المفهوم ، نستمر بالشرح وإلا ؟ نعم .
الطالب : نستمر .
الشيخ : طيب ، إذًا الأنثى تُقتل بالرجل من باب أولى ، يعني : إذا كانت تقتل بالأنثى فبالرجل من باب أولى .
وهل يقتل الرجل بالأنثى ؟ قلنا : جمهور العلماء وحُكي إجماعًا أن الرجل يقتل بالأنثى ، وقال بعض العلماء : إنه إذا قُتل فلا بد أن يسلم لأوليائه نصف الدية .
ثم أوردنا إشكالا بالنسبة للآية وقلنا : الآية منطوقها أن الأنثى تقتل بالأنثى مفهومها إيش ؟
أن الرجل لا يقتل بالأنثى ولا الأنثى بالرجل ، ولكن قتل الأنثى بالرجل من باب أولى ، فتكون دلالة الآية على قتل الأنثى بالرجل من باب مفهوم الأولى . وأما قتل الرجل بالمرأة فدلالة الآية على انتفائه دلالة مفهوم ، ودلالة السنة على ثبوته دلالة في قوة المنطوق فتكون أولى ، ثم عموم : ( المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ) ، وعموم (( النفس بالنفس )) يدل على ثبوت القصاص .
طيب نستمر ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم ، هو لا شك أن استمرارنا أولى لتوارد الخواطر لكن في ناس راحوا بناء على العادة أن نعم ؟ نعم نعم ؟
الطالب : حرموا أنفسهم .
الشيخ : حرموا أنفسهم ها كيف ؟ طيب أحسب بس يقولون هذا تغرير غريتونا وفعلتو والله على رأيكم أنا كله واحد تبون نستمر علشان .
الطالب : نستمر أفضل .
الشيخ : طيب ، إذًا أجل نستمر ولكم أن تبرروا ذلك بأن تقولوا : إنهم لم يستأذنوا ، نعم ، طيب إذا قتل أب ابنه أيقتل به ؟ قلنا : نعم يقتل على العموم ، لكن جمهور العلماء على أن الوالد مِن أب أو أم لا يقتل بولده ، واستدلوا لذلك بحديث فيه مقال : ( لا يقتل والد بولده ) وهو يعم الأم بالنسبة لأولادها والأب بالنسبة لأولاده أيضا ، ودليلهم من هذا دليل من الأثر ودليلهم من النظر .
طيب قالوا : لنا دليلان :
الدليل الأول من الأثر ، وهو قوله أو ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله : ( لا يقتل والد بولده ) .
الدليل من النظر : أن الوالد هو السبب في وجود الولد ، فلا ينبغي أن يكون الولد سبباً في إعدامه وهو السبب في إيجاده ، وعلى هذا فيكون قتل الوالد بولده مستثنى من قوله صلى الله عليه وسلم : ( النفس بالنفس ) .
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الوالد يقتل بالولد واستدلوا بالأثر وبالنظر !!سبحان الله !! هؤلاء بالأثر والنظر وهؤلاء أيضا بالأثر والنظر ، أما الأثر فقالوا : لدينا عموم الحديث : ( النفس بالنفس ) ، وعموم الآية : (( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس )) ، وعموم قوله تعالى : (( فمن آعتدى عليكُم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكُم )) هذا أثر .
النظر : أن قتل الولد أعظم جناية من قتل الأجنبي ، فكيف يسقط القصاص في قتل الولد مع أنه أعظم جناية من قتل الأجنبي ؟!
وكان الأولى أن يُقال : إذا ثبت القصاص في قتل الأجنبي فليثبت في قتل الولد .
وأما ما استدل به القائلون بمنع قتل الوالد بالولد فالأثر الذي استدلوا به ضعيف لا يقاوم عموم : ( النفس بالنفس ) .
والنظر الذي استدلوا به أيضا ضعيف علة معلولة ، لأن الولد لما قُتل لم يكن سببا في إعدام أبيه ، من هو السبب في إعدام نفسه ؟
الطالب : هو نفسه .
الشيخ : الأب هو السبب ، هو الذي فعل سببا يقتضي إعدام نفسه فجنى على نفسه ، فجنايته على نفسه .
قالوا : وأما الحديث فهو حديث لا يقاوم عمومات الأحاديث الصحيحة ، ثم على تقدير صحته إنما نفى قتل الوالد بالولد لأن الغالب أن قتل الوالد لولده لا يكون إلا عن خطأ ، فإن أرحم الناس بالناس هو الوالد بولده ، فكونه يتعمد قتله أمر بعيد ، فلذلك قال : ( لا يقتل والد بولده ) أي : لا يمكن أن يقتل والدٌ ولده عمدا عدوانا ، فإذا انتفى العمد العدوان وهو علة القتل انتفى إيش ؟ القتل ، ولهذا قال الإمام مالك -رحمه الله- قال : " إن تعمد قتل ولده تعمدا لا شك فيه بأن أمسكه فأضجعه فذبحه قُتل به " ، لأنه ليس هناك شبهة تقتضي رفع القتل عنه ، وإن قتله عمدا كسائر الناس فلا يُقتل ، لاحتمال وجود الشبهة وهي الخطأ ، وعدم إرادة القتل .
وقال بعض العلماء -وهم قلة- : يقتل الوالد بولده بكل حال .
فصارت الأقوال كم ؟ ثلاثة : يقتل بكل حال ، لا يقتل بكل حال ، التفصيل : إن تعمد قتله عمدًا لا شبهة فيه قتل به وإلا فلا ، وهذا القول الصحيح ، وهذا القول هو الصحيح إن لم نقل بأن القول الصحيح أنه يقتل به مطلقا لعموم الأدلة ، ولأن النزاع يقع كثيرا بين الوالد وولده ليس الأكثر لكن كثيرا ، فيغضب الوالد فيقوم ويقتل ولده ، يعني كثير من الناس يبغض أولاده ، صحيح أن الغالب أن الوالد يحب ولده ولا يحب أن يناله أحد بسوء ويبعد كل البعد أن يتعمد قتله ولكن قد يقتله ، كم ذكرنا من التخصيص الآن ؟
الطالب : ثلاثة .
الشيخ : آه ؟
الطالب : ثلاثة .
الشيخ : ما هي ؟ ما هي ؟
الطالب : المسلم بالكافر .
الشيخ : المسلم لا يقتل بالكافر ، الرجل والمرأة ، الوالد بولده ، الأم والابن الوالد بولده أعم .
طيب قتل عبدٌ حراً ؟
الطالب : لا يقتل .
الشيخ : لا يا إخوان ، عبد ! قتل عبدٌ حرًا ؟!
الطالب : يقتل .
الشيخ : على العموم ، طيب لو دعست البعير شخصًا هل تقتل أو لا ؟ نعم طيب على كل حال : العبد إذا قتل حرًا يقتل به لا إشكال فيه ولا خلاف فيه فيما نعلم .
لكن إذا قتل حرٌ عبدا ، قتل حر عبدًا هل يقتل به ؟ يقتل على العموم : ( النفس بالنفس ) .
وقيل : لا يقتل ، لا يقتل به لحديث : ( لا يقتل حر بعبد ) ، وللنظر وهو : أن العبد متقوَّم فسبيله سبيل البهائم ، وللقياس : وهو أن أطراف الحر لا تقطع بأطراف العبد بالإجماع ، فكذلك لا يقتل به ، كم ؟ كم ؟ سعد ، نعم ؟ الطالب : الحر !
الشيخ : الحر هل يقتل بالعبد أو لا ؟ لا ، هل يقتل الحر بالعبد ؟
الطالب : لا يقتل ، العموم يقول يقتل .
الشيخ : طيب .
الطالب : مقدم عليه لا يقتل .
الشيخ : نعم ، الدليل ؟
الطالب : دليله في الحديث : ( لا يقتل حر بعبد ) .
الشيخ : تمام هذا واحد ، ولأن ؟ إي فيه ، فيه تعليل نظري وفيه قياس ولأن ؟
الطالب : ولأن الأعضاء .
الشيخ : لا .
الطالب : ولأن العبد يتقوم سبيله سبيل البهائم .
الشيخ : نعم .
الطالب : وأما القياس فلأن أطراف الحر لا تقطع بأطراف العبد بالإجماع .
الشيخ : وأما القياس فلأن أطراف الحر لا تقطع بأطراف العبد بالإجماع فكذلك لا ينبغي أن يقتل به ، أعرفتم الآن ؟! طيب هذه ثلاثة .
وقال بعض العلماء : بل الحر يقتل بالعبد ، لعموم قوله : ( النفس بالنفس ) ، ولأنها نفس محترمة ففارقت البهائم ، ولأن في قتله خطأ كفارة ففارق البهائم ، يعني لو قتلت بعيرًا خطأ فعليك ضمانها لكن ليس عليك كفارة ، ولو قتلت عبدًا خطأ فعليك ضمانه والكفارة ، فلم يكن سبيله سبيل الأموال ، وأما الأطراف فالفرق أنَّ الأطراف تُقدر بالنسبة للعبد بالقيمة لا بالدية ، وأطراف الحر تقدر بالدية ، فهمتم ؟
الطالب : ما فهمنا .
الشيخ : ما فهمتم ! لو قطع اليد اليسرى من الحر ، وقطع آخر مِن حر آخر اليد اليمنى كم دية اليسرى ؟ حران قطع يد أحدهما رجل ، قطع يد أحدهما اليمنى رجل ، وقطع يد أحدهما اليسرى رجل آخر ، كم يضمن كل رجل ؟ نضمن كل رجل نصف الدية .
ولو كان عندنا عبدان فقطع يد أحدهما اليمنى رجل ، وقطع يد أحدهما اليسرى رجل آخر فكم على كل واحد من الرجلين ؟ تقويم ، اليد اليمنى في العبد تساوي ثلثي القيمة أو ثلاثة أرباع القيمة ، واليد اليسرى ؟ تساوي ربع القيمة أو ثلث القيمة ، فكانت الأجزاء من العبد إيش ؟ مقومة بالقيمة ، مقدرة بالقيمة ، ومن الحر مقدرة بالنسبة إلى الدية ، فهذا هو الفرق ، ولذلك لا تقطع يد الحر إذا قطع يد العبد بالإجماع .
فهذان قولان متقابلان : القول الأول : لا يقتل الحر العبد . والقول الثاني : يقتل الحر بالعبد بكل حال .والقول الثالث وسط ، وهو : أنه إن قتل عبدَ غيره قُتل ، وإن قتل عبد نفسه لم يُقتل -حطوا بالكم لهذا- الفرق ، ما الفرق بين أن يقتل الحر عبد غيره أو يقتل عبد غيره ؟
قالوا : إذا قتل عبد نفسه فإنه يقتل هذا العبد بماذا ؟ بالملكية ، لأنه يملكه ، وإذا قتل عبد غيره فإنه لا يقتله في ذلك ، ولأن العبد عبد الإنسان قد يخطأ خطأ يوجب لسيده أن يكون له شبهة في قتله ، فيرفع القتل عنه ، ولكن يرد على هذا أنه قد روي في * السنن * من حديث سمرة : ( من قتل عبده قتلناه ، ومن جدع عبده جدعناه ) : يعني من قطع أنفه ، وهذا يقتضي أن يقتل السيد بعبده ، وإذا قتل السيد بعبده فغير السيد من باب أولى ، ولهذا نقول :
القول الراجح في هذه المسألة أن الحر يقتل بالعبد كما قلنا إن القول الراجح في هذه مسألة الولادة أن الأب يقتل بابنه ما لم يكن هناك شبهة ، ولدينا عموم : ( النفس بالنفس ) ، ( والمؤمنون تتكافأ دماؤهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ) ، ولأننا إذا قلنا بعدم القتل أوجب التهاون في قتل العبيد فحصل بذلك شر بين العبيد مع الجناة ، وبين أسياد العبيد مع الجناة .
والتفريق بين قتل الرجل عبده وقتله عبد غيره فيه نظر أيضًا :
أولاً : للحديث الذي ذكرنا ( أن من قتل عبده قتلناه ) .
وثانياً : أنا إذا قلنا : إن الحر لا يقتل بالعبد إذا كان هو سيده ، ويقتل إذا كان العبد لغيره ، يؤدي إلى أن الإنسان إذا أراد أن يقتل عبدا ذهب وإيش ؟
الطالب : اشتراه .
الشيخ : واشتراه من سيده وأغرى سيده بالمال حتى يملكه ، ثم بعد ذلك يقتله ، هذه أربعة أشياء .
طيب وقوله عليه الصلاة والسلام : ( النفس بالنفس ) : يشمل ما إذا قتل عاقلٌ مجنونا ، أو عالمٌ جاهلا ، أو شابٌ طفلا في المهد ، أو شابٌّ كبيرا مخرفا أليس كذلك ؟ نعم ، وذلك لأن الأنفس ليست مقومة بالمال حتى نقول : إن الشاب الجلد العالم العاقل الذكي نعم لا يُقتل بشيخ هرم مخرف لا يمسك بولا ولا غائطا ولا يقوم من فراشه ولا يعرف أمه من بنته ، وهذا الرجل الشاب الجلد القوي العالم الغني الكريم الشجاع يُقتل به إذا قتله ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : ليش ؟ للعموم ( النفس بالنفس ) ، ومسألة القتل ليست مبنية على القيمة .
طيب لو كان القاتل أميرًا ، لو كان القاتل أميراً بغير حق عمد عدوان هل يقتل الأمير ؟
الطالب : العموم يقتل .
الشيخ : نعم ؟ العموم يقتل : ( النفس بالنفس ) ، وقال بعض العلماء -وأنا بعيد العهد به ويحتاج إلى أن نحرره- : " إنه إذا إقتضى قتله فتنة وشرًا كبيرًا فإنه يمنع من القتل كما قلنا : إن قتل الغِيلة يوجب القصاص بكل حال حفظًا للأمن فهذا يمنع فيه من القصاص حفظا لإيش ؟ للأمن " ، أظن بعض العلماء قال ذلك ، وقال : إنه إذا خِيف من قتل هذا فتنة كبيرة نعم فإنه يمنع من القتل كما قلنا في قتل الغيلة أنه يوجب القتل ولو اختار أولياء المقتول الدية ، لما في ذلك من حفظ الأمن ، هذا أيضا نهى عن القصاص فيه حفظ للأمن .
طيب -اصبروا يا جماعة- ما أظلمكم !! أنتم تحتاجون إلى القصاص الآن إخوانكم ذهب كثير منهم تقول : استمر والآن نستمر ، نكمل على الأقل قوله : ( النفس بالنفس ) نعم .
طيب عموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( النفس بالنفس ) يشمل القتل مباشرة ، أو بسبب :
القتل مباشرة أو بسبب : القتل مباشرة واضح ، يأخذ السيف ويقتله .
القتل بسبب : يحفر في طريقه حفرة ، فيسقط فيها ويموت ، هذا إيش ؟ مباشر ولا سبب ؟
الطالب : سبب .
الشيخ : سبب ، وما دفعه في الحفرة ، حفر حفرة وجاء هذا فسقط فيها فمات ، ولكن إذا اجتمع مباشر ومتسبب فهل يشتركان أو الضمان على المباشر ؟ الطالب : الثاني !
الشيخ : الثاني ولا الأول ؟ فيه تفصيل : إذا كان المباشر يمكن إحالة الضمان عليه فعلى المباشر ، وإن كان لا يمكن فعلى المتسبب ، فلو أن رجلا رأى أسدا يزأر ، يزأر يريد أحدا يأكله ، فأخذ بهذا الطفل ورمى به بين يدي الأسد وأكله فالضمان على الأسد ، على الأسد ولا لا ليش ؟ على الذي أكل وقضم عظامه هو الأسد .
الطالب : لا يمكن .
الشيخ : نعم لكن هذا المباشر لا يمكن إحالة الضمان عليه ، كيف نضمن الأسد ؟ ما يصلح ، طيب إذًا الضمان هنا على المتسبب .
أما إذا أمكن إحالة الضمان عليه فالضمان على المباشر ، مثاله : حفر حفرة في طريق إنسان ليسقط فيها فجاء إنسان يمشي وقف على الحفرة ، فجاء آخر فدفعه بالحفرة حتى مات ، على مَن ؟
الطالب : على الذي دفعه .
طالب آخر : على المباشر .
الشيخ : على المباشر لأن إحالة الضمان عليه ممكنة فكان الضمان عليه . طيب اشترك جماعة في قتل إنسان ، اشترك جماعة في قتل إنسان فهل يقتلون به ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : لا إله إلا الله ، ما أسرع قولكم نعم !! ( النفس بالنفس ) إذا كان المشتركون عشرة كم نقتل الآن ؟
الطالب : عشرة .
الشيخ : والحديث : ( النفس بالنفس ) ، المقتول واحد ، نعم ؟ الصحيح أن الجماعة تقتل بالواحد ، لأنهم مشتركون في القتال ، ولأن بعضهم قوة لبعض ربما لو كان واحدًا ما قتل لكن لما كان معه جماعة قتلوه ، ولهذا : " قتل عمر رضي الله عنه جماعة من أهل صنعاء في اليمن اشتركوا في قتل إنسان ، وقال : لو اجتمع عليه أهل صنعاء لقتلتهم به " : وسنة عمر سنة متبعة ، وعلى هذا إذا اشترك جماعة بواحد نعم قتلوا جميعا ، لكن فيه شيء آخر يمكن ننظر هل يمكن أو لا ؟
هم عشرة الآن ، وقتلوا نفسا واحدة ، أفلا نقتل كل واحد منهم عُشْر قتله ؟ نقول للأول : نقتلك عشر قتلة ، الثاني عُشر والثالث عشر إلى أن نتم عشرة يمكن ولا ما يمكن ؟
الطالب : لا يمكن .
الشيخ : طيب ، لو أن أولياء المقتول اختاروا الدية ، كم يعطون ؟ كل واحد عليه عشر من الإبل ، يعني عشر الدية ، الدية مئة بعير ، طيب لماذا الدية اختلفت عن القصاص ؟
الطالب : لا يمكن تجزئتها .
الشيخ : لأن الدية يمكن تجزئتها والقصاص لا يمكن تجزئته .
طيب ، لو اشترك واحد ، لو أن واحدًا قتل عشرة عكس مسألتنا ، واحد قتل عشرة إيش نعمل ؟ نقتله عشر مرات ؟
الطالب : مرة واحدة .
الشيخ : مرة واحدة ، لكن لمن يقول من الذي يتولى قتله ؟ كل واحد من أولياء المقتولين يقول : أنا الذي أقتله لأنه قتل صاحبي فماذا يصنع ؟ إن عين الإمام أحدا لا بأس ، وإلا يؤخذ بالأول ، فإن كان قتلهم جميعا فيقرع بينهم ويثبت للباقين دية ، عَرفتم ؟ من قَتل أولاً ، الذي يقتل أول هو الذي له الحق ، لأنه صار دمه هدرا بقتل الأول ، إذا لم يكن أول بأن قتلهم جميعا برشاش أو خانق أو ما أشبه ذلك ، أو عُلم الأول أو جُهل فهنا يقرع بينهم ، لأن القرعة ثابتة في كل ما لا يتميز .
فالمهم أن هذا الباب يا إخوانا باب عظيم ، ينبغي لطالب العلم أن يحرره ويحققه ، لأنه ينبني عليه ليس إتلاف مال ، المال إذا تلف يأتي بعده ما يخلفه ، لكن الأنفس !! ولهذا يجب أن يتحرز الإنسان كل التحرز ، صار هذا العموم النفس بالنفس فيه مستثنيات .
الطالب : إنسان قتل آخر بطعنة ، فاختلفوا ، فالشيخ قال : آخه للتشريح ولا أسامح ، ما قولكم ؟ هل ... ؟
الشيخ : هذه مسألة ما تتعلق بموضوعنا .