وعن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يحل قتل مسلمٍ إلا بإحدى ثلاث خصالٍ: زانٍ محصنٍ فيرجم، ورجلٍ يقتل مسلماً متعمداً فيقتل، ورجلٍ يخرج من الإسلام فيحارب الله ورسوله فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض ) رواه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم . حفظ
الشيخ : وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( لا يحل قتل مسلمٍ إلا بإحدى ثلاث خصالٍ : زانٍ محصنٍ فيرجم ) : وهذا كقوله : ( الثيب الزاني ) .
( ورجلٍ يقتل مسلماً متعمداً فيقتل ) : وهذا معنى قوله : ( النفس بالنفس ) : وهنا اشترط أن يكون متعمدًا ، لأنه لا يمكن ثبوت القصاص إلا إذا كان القتل عمدًا ، والعمد تعريفه سبق لنا : " هو أن يقصد من يعلمه آدميا معصوما فيقتله بما يغلب على الظن ما موته به " .
ولا بد من شروط أيضًا زائدة على العمد : وهي تكليف القاتل ، تكليف القاتل بأن يكون بالغًا عاقلاً ، فلو تعمد الصبي قتل إنسان فإنه لا يقتل ، ولو تعمد المجنون قتل إنسان فإنه لا يقتل ، لأنه مرفوع عنهما القلم ، فعمدهما خطأ يثبت فيه ما يثبت بقتل البالغ العاقل خطأ وهو الدية على العاقلة ، وأما الكفارة فلا تجب عليهما أيضاً ، لأن الصغير ليس من أهل التكليف والمجنون كذلك ، فلا كفارة على من لم يبلغ إذا قتل خطأ ، وإذا قتل عمدًا فكذلك ، لأن عمد الصغير والمجنون خطأ .
يشترط أيضًا في القتل عصمة المقتول ، عصمة المقتول فإن لم يكن معصوم الدم فلا قصاص ، فالحربي إذا قتله الإنسان فلا قصاص ، والزاني المحصن إذا قتله الإنسان فلا قصاص ، لكن بشرط أن يُحكم برجمه ، أما قبل ثبوته عند الحاكم فهو باق على عصمته .
والشرط الثالث : ألا يقتل القاتل المقتول في الدين والحرية والملك ، مرت علينا هذه ؟
الطالب : لا .
الشيخ : بلى ، ألا يفضل القاتل المقتول في الدين والحرية والملك :
فلا يقتل المسلم بالكافر ولو تعمد ، ولو كان الكافر معصوما كالذمي ، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا يقتل مسلم بكافر ) .
الحرية أيضا سبق الكلام فيها : ( لا يقتل حر بعبد ) وسبق الكلام فيه.
والملك أيضا بأن لا يكون القاتل مالكًا للمقتول ، صح ؟ ألا يكون القاتل مالكاً للمقتول ، فإن كان مالكا للمقتول فإنه لا يقتل به ولو كان عبدا ، ولو كان المالك عبدًا !
الطالب : ...
الشيخ : نعم ؟ إذا كان مكاتبًا فإنه يملك ، تعرفون المكاتب ؟ المكاتب : " هو الذي اشترى نفسه من سيده " ، وهو جائز التصرف يبيع ويشتري ويملك لكنه ليس جائز التبرع ، إنما هو جائز التصرف ، فإذا اشترى المكاتَب عبدا ليتجر به حتى يوفي الدين الذي في كتابته ثم إن هذا المكاتَب قتله فكلاهما عبد ، لكن هذا المكاتَب يفضله بأنه سيده مالكه فلا يقتل به ، وعلى القول الراجح الذي رجحنا : أنه يقتل الحر بالعبد يقتل به أو لا ؟
الطالب : يقتل .
الشيخ : يقتل به من باب أولى .
طيب الشرط الرابع : انتفاء الولادة ، فلا يقتل الأصل بالفرع ، صح ؟
الطالب : غلط ...
الشيخ : أنا أريد أن أفرق ، لا يقتل الأصل بالفرع ؟
الطالب : صحيح .
الشيخ : صحيح ، يعني لا يقتل الأب بابنه ، ولا الأم بابنها أو بنتها أو ما أشبه ذلك ، وسبق لنا ذكر الخلاف فيه ، وأن الصحيح أنه يقتل به نعم . طيب إذًا نضيف إلى قوله صلى الله عليه وسلم : ( يقتل مسلمًا متعمدًا ) نضيف بقية الشروط حتى يتمكن الإنسان من تطبيق كل مسألة جزئية على هذه الشروط ، فإن تمت الشروط ثبت القصاص ، وإن لم تتم لم يثبت القصاص.
قال : ( ورجل يخرج من الإسلام فيحارب اللهَ ورسولَه فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض ) : هنا يقول : رجل يخرج من الإسلام ، هل المراد يكفر فيحارب فيجمع بين الكفر والحرابة ، أو المعنى : أنه بخروجه من الإسلام حارب الله ورسوله ؟!
يحتمل الحديث المعنيين ، لكن المعروف أن من كفر بدون حرابة فإنه لا يثبت في حقه الصلب أو النفي من الأرض ، ويكون المعنى يخرج من الإسلام بالكفر فيُقتل ، أو يحارب الله ورسوله ولو كان باقيا على الإسلام فيستعمل في حقه ما ذكره الرسول عليه الصلاة والسلام ، يقول : ( فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض ) : وهذا مأخوذ من الآية ، وهي قوله تعالى : (( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسولَه ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهِم وأرجلُهم من خلاف أو ينفوا من الأرض )) : فهؤلاء هم المحاربون لله ورسوله .
وآكل الربا له قسط منهم ، لقول الله تعالى : (( فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله )) : فما المراد بالمحاربة هنا ؟
قال العلماء : المراد بالمحاربة قطع الطريق ، بأن يتصدى قوم أو واحد من الناس للناس في طريقهم فيسلبهم المال ، أو يقتل أنفسهم بالسلاح ، فهذا قاطع طريق ، ويجب أن يقتل أو يصلب أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض .
وهل (أو) هنا للتنويع أو للتخيير ؟ اختلف في ذلك المفسرون والفقهاء :
فقيل : أو للتخيير ، وقيل : أو للتنويع .
والفرق بين القولين : أنه إذا قيل إنها للتخيير صار الإمام مخيرا بين هذه الأربعة وهي : القتل والصلب وتقطيع الأيدي والأرجل من خلاف والنفي من الأرض ، وإذا قلنا : إنها للتنويع ، صارت هذه العقوبات منزلة على قدر الجريمة فتختص كل عقوبة بجريمتها ، ولا يخير الإمام ، فيقال : من فعل كذا فُعل به كذا ، فعلى هذا القول يقولون : إن قطاع الطريق إذا قتلوا فقط قتلوا فقط ، وإن قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا ، وإن أخذوا المال بدون قتل قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وإن أخافوا الطريق دون أن يعتدوا على أحد بمال أو دم فإنهم ينفون من الأرض .
فتكون هذه العقوبات مرتبة على قدر إيش ؟ على قدر الجريمة ، فيكون الفرق بين القولين : أن هذا القول مقيِّد للإمام بعقوبة معينة ، وأما القول الأول فيخير الإمام ، ولكن : هل معنى التخيير أنه تخيير تشهي ؟ بفعل ما يشاء ؟ فيمكن أن يقتل هذا وينفي هذا من الأرض ، ويمكن أن يقطع أيدي وأرجل هذا ويترك الآخر ؟! أو هو تخيير مصلحة ؟
الطالب : الثاني .
الشيخ : الثاني ، وهذه قاعدة : " كل من تصرف لغيره وخُيِّر فهو تخيير مصلحة " : الوكيل والولي وناظر الوقف والوصي وولي الأمر : من أمير أو قاضي أو غيره ، إذا خُير بين شيئين فتخييره تخيير مصلحة ، هذه القاعدة ، أما من خير بين شيئين في أمر يتعلق به بنفسه ويقصد به التسهيل عليه فتخييره هنا تخيير تشهي .
طيب ومتى يصلب وكيف يصلب ؟
إذا رأى الإمام أن يقتل ويصلب ، أو كانت الجريمة على القول الثاني تقتضي القتل والصلب فمتى ؟
قيل : إنه يصلب وهو حي ، وقيل : يقتل ثم يصلب ، وأيهما أنكى ؟
الطالب : الأول .
الشيخ : الأول ، الأول أنكى لا شك ، فإذا رأى ولي الأمر أن الأنكى أن يصلب قبل أن يقتل فليفعل ، لأنه إذا صلب بعد القتل فإنه هو بنفسه لا يتعب ، نعم ، " وما يضر الشاة سلخها بعد موتها " .
وكيف يصلب ؟ يصلب بأن يربط على خشبة لها يدان ، فتمد يداه على يدي الخشبة ، ويبقى قائما إلى متى ؟ إلى أن يشتهر ، فإذا اشتهر أُنزل وقتل إن قلنا بصلبه قبل القتل ، أو نزل وغسل وكفن وصلي عليه ودفن مع الناس ، واضح ؟! طيب .
وأما التقطيع ، أو ينفى من الأرض ، هنا ما ذكر الحديث تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، لكن في الآية تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى ، تقطع اليد اليمنى من مفصل الكف ، وتقطع الرجل اليسرى من مفصل العقب ولا يقطع العقب ، العقب لا يقطع ، يبقى لأجل أن يمشي عليه ، وتعرفون العقب أو لا ؟ العقب هذا ، يعني تقطع هكذا نعم ؟ كيف ؟ إيش يقول ؟
الطالب : ... .
الشيخ : سبحان الله !! إيش ؟ لا تقطع العقب في الرجل ، لأنه لو قطع لاختلت الرجل ولا استطاع أن يمشي ، فلهذا يبقى عقبه .
طيب وقوله : ( أو ينفى من الأرض ) : يعني يطرد من الأرض ، إلى أي أرض ؟ قال بعض العلماء : يطرد إلى أرض غير أرضه ، ولكن هذا القول اعترض بأنه ربما يفسد في الأرض الثانية ، فإذا خفنا من ذلك فإن النفي من الأرض يكون بالحبس ، يحبس حتى تظهر عليه علامة التوبة النصوح ، فإذا ظهرت عليه علامة التوبة النصوح أُطلق .
إذًا هذا الحديث يختلف عن الأول في كيفية العقوبة فيمن خرج عن الإسلام . وقد قلنا : إنه إذا خرج عن الإسلام فجمع بين الكفر والحرابة فهذا جزاؤه ، وإن لم يحارب فإنه يقتل بالسيف .
( ورجلٍ يقتل مسلماً متعمداً فيقتل ) : وهذا معنى قوله : ( النفس بالنفس ) : وهنا اشترط أن يكون متعمدًا ، لأنه لا يمكن ثبوت القصاص إلا إذا كان القتل عمدًا ، والعمد تعريفه سبق لنا : " هو أن يقصد من يعلمه آدميا معصوما فيقتله بما يغلب على الظن ما موته به " .
ولا بد من شروط أيضًا زائدة على العمد : وهي تكليف القاتل ، تكليف القاتل بأن يكون بالغًا عاقلاً ، فلو تعمد الصبي قتل إنسان فإنه لا يقتل ، ولو تعمد المجنون قتل إنسان فإنه لا يقتل ، لأنه مرفوع عنهما القلم ، فعمدهما خطأ يثبت فيه ما يثبت بقتل البالغ العاقل خطأ وهو الدية على العاقلة ، وأما الكفارة فلا تجب عليهما أيضاً ، لأن الصغير ليس من أهل التكليف والمجنون كذلك ، فلا كفارة على من لم يبلغ إذا قتل خطأ ، وإذا قتل عمدًا فكذلك ، لأن عمد الصغير والمجنون خطأ .
يشترط أيضًا في القتل عصمة المقتول ، عصمة المقتول فإن لم يكن معصوم الدم فلا قصاص ، فالحربي إذا قتله الإنسان فلا قصاص ، والزاني المحصن إذا قتله الإنسان فلا قصاص ، لكن بشرط أن يُحكم برجمه ، أما قبل ثبوته عند الحاكم فهو باق على عصمته .
والشرط الثالث : ألا يقتل القاتل المقتول في الدين والحرية والملك ، مرت علينا هذه ؟
الطالب : لا .
الشيخ : بلى ، ألا يفضل القاتل المقتول في الدين والحرية والملك :
فلا يقتل المسلم بالكافر ولو تعمد ، ولو كان الكافر معصوما كالذمي ، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا يقتل مسلم بكافر ) .
الحرية أيضا سبق الكلام فيها : ( لا يقتل حر بعبد ) وسبق الكلام فيه.
والملك أيضا بأن لا يكون القاتل مالكًا للمقتول ، صح ؟ ألا يكون القاتل مالكاً للمقتول ، فإن كان مالكا للمقتول فإنه لا يقتل به ولو كان عبدا ، ولو كان المالك عبدًا !
الطالب : ...
الشيخ : نعم ؟ إذا كان مكاتبًا فإنه يملك ، تعرفون المكاتب ؟ المكاتب : " هو الذي اشترى نفسه من سيده " ، وهو جائز التصرف يبيع ويشتري ويملك لكنه ليس جائز التبرع ، إنما هو جائز التصرف ، فإذا اشترى المكاتَب عبدا ليتجر به حتى يوفي الدين الذي في كتابته ثم إن هذا المكاتَب قتله فكلاهما عبد ، لكن هذا المكاتَب يفضله بأنه سيده مالكه فلا يقتل به ، وعلى القول الراجح الذي رجحنا : أنه يقتل الحر بالعبد يقتل به أو لا ؟
الطالب : يقتل .
الشيخ : يقتل به من باب أولى .
طيب الشرط الرابع : انتفاء الولادة ، فلا يقتل الأصل بالفرع ، صح ؟
الطالب : غلط ...
الشيخ : أنا أريد أن أفرق ، لا يقتل الأصل بالفرع ؟
الطالب : صحيح .
الشيخ : صحيح ، يعني لا يقتل الأب بابنه ، ولا الأم بابنها أو بنتها أو ما أشبه ذلك ، وسبق لنا ذكر الخلاف فيه ، وأن الصحيح أنه يقتل به نعم . طيب إذًا نضيف إلى قوله صلى الله عليه وسلم : ( يقتل مسلمًا متعمدًا ) نضيف بقية الشروط حتى يتمكن الإنسان من تطبيق كل مسألة جزئية على هذه الشروط ، فإن تمت الشروط ثبت القصاص ، وإن لم تتم لم يثبت القصاص.
قال : ( ورجل يخرج من الإسلام فيحارب اللهَ ورسولَه فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض ) : هنا يقول : رجل يخرج من الإسلام ، هل المراد يكفر فيحارب فيجمع بين الكفر والحرابة ، أو المعنى : أنه بخروجه من الإسلام حارب الله ورسوله ؟!
يحتمل الحديث المعنيين ، لكن المعروف أن من كفر بدون حرابة فإنه لا يثبت في حقه الصلب أو النفي من الأرض ، ويكون المعنى يخرج من الإسلام بالكفر فيُقتل ، أو يحارب الله ورسوله ولو كان باقيا على الإسلام فيستعمل في حقه ما ذكره الرسول عليه الصلاة والسلام ، يقول : ( فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض ) : وهذا مأخوذ من الآية ، وهي قوله تعالى : (( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسولَه ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهِم وأرجلُهم من خلاف أو ينفوا من الأرض )) : فهؤلاء هم المحاربون لله ورسوله .
وآكل الربا له قسط منهم ، لقول الله تعالى : (( فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله )) : فما المراد بالمحاربة هنا ؟
قال العلماء : المراد بالمحاربة قطع الطريق ، بأن يتصدى قوم أو واحد من الناس للناس في طريقهم فيسلبهم المال ، أو يقتل أنفسهم بالسلاح ، فهذا قاطع طريق ، ويجب أن يقتل أو يصلب أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض .
وهل (أو) هنا للتنويع أو للتخيير ؟ اختلف في ذلك المفسرون والفقهاء :
فقيل : أو للتخيير ، وقيل : أو للتنويع .
والفرق بين القولين : أنه إذا قيل إنها للتخيير صار الإمام مخيرا بين هذه الأربعة وهي : القتل والصلب وتقطيع الأيدي والأرجل من خلاف والنفي من الأرض ، وإذا قلنا : إنها للتنويع ، صارت هذه العقوبات منزلة على قدر الجريمة فتختص كل عقوبة بجريمتها ، ولا يخير الإمام ، فيقال : من فعل كذا فُعل به كذا ، فعلى هذا القول يقولون : إن قطاع الطريق إذا قتلوا فقط قتلوا فقط ، وإن قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا ، وإن أخذوا المال بدون قتل قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وإن أخافوا الطريق دون أن يعتدوا على أحد بمال أو دم فإنهم ينفون من الأرض .
فتكون هذه العقوبات مرتبة على قدر إيش ؟ على قدر الجريمة ، فيكون الفرق بين القولين : أن هذا القول مقيِّد للإمام بعقوبة معينة ، وأما القول الأول فيخير الإمام ، ولكن : هل معنى التخيير أنه تخيير تشهي ؟ بفعل ما يشاء ؟ فيمكن أن يقتل هذا وينفي هذا من الأرض ، ويمكن أن يقطع أيدي وأرجل هذا ويترك الآخر ؟! أو هو تخيير مصلحة ؟
الطالب : الثاني .
الشيخ : الثاني ، وهذه قاعدة : " كل من تصرف لغيره وخُيِّر فهو تخيير مصلحة " : الوكيل والولي وناظر الوقف والوصي وولي الأمر : من أمير أو قاضي أو غيره ، إذا خُير بين شيئين فتخييره تخيير مصلحة ، هذه القاعدة ، أما من خير بين شيئين في أمر يتعلق به بنفسه ويقصد به التسهيل عليه فتخييره هنا تخيير تشهي .
طيب ومتى يصلب وكيف يصلب ؟
إذا رأى الإمام أن يقتل ويصلب ، أو كانت الجريمة على القول الثاني تقتضي القتل والصلب فمتى ؟
قيل : إنه يصلب وهو حي ، وقيل : يقتل ثم يصلب ، وأيهما أنكى ؟
الطالب : الأول .
الشيخ : الأول ، الأول أنكى لا شك ، فإذا رأى ولي الأمر أن الأنكى أن يصلب قبل أن يقتل فليفعل ، لأنه إذا صلب بعد القتل فإنه هو بنفسه لا يتعب ، نعم ، " وما يضر الشاة سلخها بعد موتها " .
وكيف يصلب ؟ يصلب بأن يربط على خشبة لها يدان ، فتمد يداه على يدي الخشبة ، ويبقى قائما إلى متى ؟ إلى أن يشتهر ، فإذا اشتهر أُنزل وقتل إن قلنا بصلبه قبل القتل ، أو نزل وغسل وكفن وصلي عليه ودفن مع الناس ، واضح ؟! طيب .
وأما التقطيع ، أو ينفى من الأرض ، هنا ما ذكر الحديث تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، لكن في الآية تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى ، تقطع اليد اليمنى من مفصل الكف ، وتقطع الرجل اليسرى من مفصل العقب ولا يقطع العقب ، العقب لا يقطع ، يبقى لأجل أن يمشي عليه ، وتعرفون العقب أو لا ؟ العقب هذا ، يعني تقطع هكذا نعم ؟ كيف ؟ إيش يقول ؟
الطالب : ... .
الشيخ : سبحان الله !! إيش ؟ لا تقطع العقب في الرجل ، لأنه لو قطع لاختلت الرجل ولا استطاع أن يمشي ، فلهذا يبقى عقبه .
طيب وقوله : ( أو ينفى من الأرض ) : يعني يطرد من الأرض ، إلى أي أرض ؟ قال بعض العلماء : يطرد إلى أرض غير أرضه ، ولكن هذا القول اعترض بأنه ربما يفسد في الأرض الثانية ، فإذا خفنا من ذلك فإن النفي من الأرض يكون بالحبس ، يحبس حتى تظهر عليه علامة التوبة النصوح ، فإذا ظهرت عليه علامة التوبة النصوح أُطلق .
إذًا هذا الحديث يختلف عن الأول في كيفية العقوبة فيمن خرج عن الإسلام . وقد قلنا : إنه إذا خرج عن الإسلام فجمع بين الكفر والحرابة فهذا جزاؤه ، وإن لم يحارب فإنه يقتل بالسيف .