فوائد حديث : ( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ) . حفظ
الشيخ : وفيه فوائد :
أولًا من فوائده ، من فوائد هذا الحديث : ما يجري بين الصبيان والصغار من المناوشات التي قد تؤدي إلى مثل هذه الحال ، إلى الكسر ، كسر السن كسر الذراع كسر الأصبع وما أشبه ذلك ، وهذا مما يوجب لفت النظر لأولياء الصغار بحيث يحذرونهم من هذه الأعمال ، ويدرسونهم إذا جلسوا معهم على الغداء أو العشاء أو القهوة أو غير ذلك يحذرونهم من هذه الأشياء .
ومن فوائد هذا الحديث : أنَّ الخِيار في القصاص أو الدية أو العفو لمن وقعت عليه الجِناية لا لمن وقعت منه ، وجه ذلك : أنهم طلبوا منهم العفو والأرش وأبوا إلا القصاص ، فالخيار إذًا لمن ؟
الطالب : للمعتدى عليهم .
الشيخ : أي نعم للمعتدى عليهم لا للمعتدي .
ومن فوائد هذا الحديث : جواز طلب العفو من المجني عليه ، وأن هذا لا يدخل في المسألة المكروهة ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أقرَّ هؤلاء حين طلبوا العفو .
ومن فوائد هذا الحديث : أنَّ الحق لولي الصغير ، وجه ذلك قوله : ( فطلبوا إليهم العفو فأبوا فعرضوا الأرش فأبوا ) : وهذا يدل على أن الذي يتكلم هم أولياء هذه الصبية ، وهذا أحد القولين في هذه المسألة : أنه إذا وجب القصاص لصبي فإن المرجع في ذلك إلى أوليائه لما في هذا من تعجيل الحق وأخذ الحق .
وقال بعض العلماء : إذا وجب القِصاص لصغير فإنه ينتظر إلى أن يبلغ لأنه هو المجني عليه فينتظر إلى أن يبلغ ثم إن شاء اقتص وإن شاء أخذ الدية وإن شاء عفا ، لكن هذا الحديث يدل على إيش ؟ على أن الأولياء لهم الحق في ذلك .
ومن فوائد هذا الحديث : جواز إقسام الإنسان على الله إذا كان الحامل له على ذلك التفاؤل وإحسان الظن بالله عز وجل ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أقرَّ أنس بن النضر ، وأما إذا كان الحمل له التألي على الله ، أو تحجر رحمته ، فإن ذلك لا يجوز ، ويدل على هذا قصة الرجل العابد الذي كان يمرُّ برجل عاص فينهاه عن المعصية ، كلما مر به وهو على المعصية نهاه، ولكنه مستمر في معصيته فقال الرجل العابد : ( والله لا يغفر الله لفلان ) : قال ذلك إعجابا بعمله هو وتأليا على الله وتحجرا لرحمته ، فقال الله عز وجل : ( من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان ؟ قد غفرت له وأحبطت عملك ) ، وهنا نعرف الفرق بين إنسان يحمله حسن الظن بالله والتفاؤل على الإقسام على الله ، وبين شخص يريد أن يتألى على الله وأنه فوق الله وأنه يريد أن يتحجر رحمة الله عز وجل ، وأنه معجب بعمله ، فهذا لا يستحق أن الله يبر بقسمه .
ومن فوائد هذا الحديث : جواز القسم بمثل هذه الصيغة : ( والذي بعثك بالحق ) : وذلك لأن الذي بعثه بالحق هو الله ، وهذا قسم بصفة من صفات الله عز وجل ، أو قسم بفعل من أفعال الله ، والقسم بصفة من صفات الله أو فعل من أفعاله جائز ، وأما القسم بغير الله فإنه لا يجوز ، فإن أقسم بغير الله هل ينعقد اليمين أو لا ؟
لا تنعقد ، بل يكون آثما وعليه التوبة ، فلو قال مثلا : والنبي لا أفعل ذا ففعل فإنه لا كفارة عليه ، ولكن عليه أن يتوب ، وإنما قلنا : لا كفارة عليه لأن الفعل المنهي عنه لا يترتب عليه أثره ، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد ) : أي : مردود عليه .
ومن فوائد هذه الآية : أن ما كان شرعًا لغيرنا فهو شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه ، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( كتاب الله القصاص ) : فنحن لا نرى في القرآن الكريم شيئًا من القصاص في السن وشبهه وإنما فيه : (( والجروح قصاص )) ، لكن السن إنما ذكر فيما كتب على بني إسرائيل : (( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس )) إلى أن قال : (( والسن بالسن )) .
ومن فوائد هذا الحديث : إثبات القصاص في السن ، وهذا إذا خلع فالأمر فيه واضح والمكافأة فيه واضحة ، فإذا قلعت الثنية وقلع من الآخر الثنية فإنه واضح أننا أخذنا ثنية بثنية ، ولكن إذا كُسرت الثنية كسرًا ، كُسرت كسرا فهل في هذه الحال يجوز القصاص أو لا ؟
المشهور عند الفقهاء أنه لا يجوز القصاص ، وذلك لأنه لا يمكن القصاص في هذه الحال إلا بِحيف من الذي يضبط محل الكسر ومقدار الكسر ونسبة الكسر وما أشبه ذلك ؟
ولكن الصحيح أنه إذا أمكن فإنه يجوز القصاص ، ويكون بالنسبة لا بالحجم ، خلي بقية البحث إن شاء الله بعد ، نعم ؟