وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ( قتل غلامٌ غيلةً فقال عمر: لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم به ) أخرجه البخاري. حفظ
الشيخ : ثم قال : " وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( قُتل غلامٌ غِيلة فقال عمر: لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم به ) أخرجه البخاري " :
( قتل غلام غِيلة ) : الغلام الصغير ، غِيلة فِعلة من الاغتيال ، وهو إتيان الشيء على غرة ، هذا الغيلة أن يأتي الإنسان الشيء على غرة فيقتله وهو آمن ، مثل أن يأتيه في فراشه فيقتله أو على طعامه فيقتله أو على مكتبه فيقتله وما أشبه ذلك .
قتل الغِيلة نوع من أنواع القتل ، وهل يجري فيه التخيير ، أي تخيير الأولياء بين القصاص والدية والعفو أم ماذا ؟
الجمهور على ذلك ، الجمهور على أن قتل الغيلة كغيره ، يعني يخير أولياء المقتول بين أمور ثلاثة :
القصاص ، أتموا ! والدية ، والعفو مجانا ، وقال الإمام مالك : " قتل الغيلة يجب فيه القصاص ، لأنه إخلال بالأمن " : إذ أن الناس آمنون ، فإذا كان الناس يؤتون من مأمنهم يمشي الإنسان في السوق فيلحقه الآخر ويقتله ، أو يأتيه في بيته على فراشه فيقتله ، أو في خيمته على فراشه فيقتله ، أو على طعامه فيقتله ، هذا إخلال بالأمن والأمر فيه راجع إلى الإمام ، فإذا قال الإمام : لا بد أن يقتل يقتل ، حتى لو قال أولياء المقتول : هذا ابن عمنا نسمح له أو هذا صديقنا يكفينا منه الدية فإنه لا خيار لهم ، وما ذهب إليه الإمام مالك -رحمه الله- قوي جداً أن قتل الغيلة لا خيار فيه وأن القاتل يقتل بكل حال ، ولو قيل بأن هذا يرجع إلى الإمام وأنه لو كثر قتل الغيلة وجب عليه القصاص أي : على الإمام ، وإذا كان قليلا فيرجع في ذلك إلى أولياء المقتول لكان هذا قولا وسط ، وهو وسط بين قول من يقول : إن قتل الغيلة يجب فيه القصاص مطلقا ، وبين قول من يقول : إنه كغيره من أنواع القتل . المهم أن عمر رضي الله عنه قتل فيه أربعة ، قتل في هذا الغلام أربعة أنفار ، وقال : ( لو اجتمع عليه أهل صنعاء لقتلتهم به ) : ولنفرض أن أهل صنعاء في ذلك الوقت مئة نفر ، مئة نفر لو اجتمعوا عليه وتمالؤوا عليه لقتلتهم به ، والباء هنا للبدلية ، أي : قتلا مقابلا لهذا القتل ، هذا قول عمر أحد الخلفاء الراشدين ، وأرشدُهم بعد أبي بكر رضي الله عنهما ، وهو الذي يأتي قولُه فيوافقه حكم الله عز وجل ، حتى قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إن يكن فيكم مُحدَّثون فعمر ) أي : مهملون للصواب فعمر ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( اقتدوا باللَّذين من بعدي أبي بكر وعمر ) ، وقال : ( إن يطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا ) ، قال : ( لو اجتمع عليه أهل صنعاء لقتلتهم به ) :وعليه فتقتل الجماعة بالواحد بشرط التمالأ ، لأنه قال : ( لو اجتمع عليه أهل صنعاء ) يعني تمالؤوا على ذلك .