هل إجازة التصوير هو من باب المصالح المرسلة.؟ وما ضابط المصلحة المرسلة.؟ حفظ
الشيخ : ومع أن هذه القاعدة ليست على إطلاقها كما شرح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه " اقتضاء الصّراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم " حيث قال إن "المصلحة المرسلة لا يجوز الأخذ بها على إطلاقها وإنما لابد من تفصيل " وذكر ما يأتي باختصار يقول المصلحة المرسلة إذا وجد السبب المقتضى لها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فينظر هل الأخذ بهذا السبب كان قائما في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ومع ذلك لم يأخذ به أو لم يكن هذا السّبب قائما ، فإن كان الأمر الأوّل لم يجز للمسلمين أن يأخذوا بهذا السّبب ولو كان بزعمهم يحقّق مصلحة شرعية لأن هذا السبب لو كان مشروعا وكان فعلا يحقق مصلحة شرعية كان الرّسول عليه السّلام أولى النّاس أن يجعل ذلك سببا مشروعا وأن يتبناه لأنه يحقق مصلحة شرعية ، قال " فإذا لم يكن السبب المقتضي للأخذ به تحقيقا للمصلحة المرسلة قائما في عهد النبي صلى الله عليه وسلم نظرنا في الحامل لنا أن نأخذ به لتحقيق المصلحة هل هو تقصير المسلمين في القيام في بعض الأحكام الشرعية ، فإن كان المقتضي للأخذ بهذا السبب هو بسبب تقصير المسلمين في القيام ببعض الأحكام الشرعية فلا يجوز أيضا الأخذ بهذا السبب بل يقال لهم خذوا بما شرع الله لكم من الوسائل والأسباب المشروعة فهي تكفي لتحقيق المصلحة المنشودة بهذا السبب الحادث ، هذا الوجه الثاني ، الوجه الثالث والأخير إذا لم يكن السبب هذا الوجب للأخذ به تقصير المسلمين في القيام ببعض الأحكام الشرعية بل هم آخذون بها لكن هذا السبب أيضا يحقّق لهم مصلحة زائدة على تلك الأسباب المشروعة ، هنا يقول يجوز أن نأخذ به " إذا استحضرنا هذا التفصيل وعدنا إلى السؤال أوّل شيء يعترض سبيل شرعية الأخذ بهذه الوسيلة لتحقيق مصلحة شرعية أنّ هذه وسيلة غير مشروعة ، فإذا هم رجعوا إلى القول بأنه لا هذه الصور ليست يعني محرمة عاد إلى البحث إلى ما كنا فيه آنفا ، أما إذا سلموا بأن هذه الوسيلة محرمة وغير مشروعة حينئذ فمن السهل جدا أن يقال لهم كيف تستحلّون ارتكاب وسيلة محرّمة لتحقيق مصلحة شرعية في زعمهم والواقع أنه لا يجوز الأخذ بسبب ليس مخالفا للشريعة إذا لم يأخذ به الرّسول عليه السّلام تحقيقا للمصلحة الشرعيّة ، فرق كبير جدّا بين هذا الذي ذكرته آنفا عن ابن تيمية أنّ سببا كان قائما المقتضي للأخذ به لتحقيق مصلحة والرسول لم يأخذ به ، إذا لا يجوز لنا أن نأخذ به فكيف نأخذ بوسيلة حرّمها رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولذلك فالواقع أن هؤلاء الذين يفتون بهذه الفتاوى في اعتقادي هم يتبنون القاعدة الكافرة وهي التي تقول " الغاية تبرر الوسيلة " وهذه مع الأسف يعني ظاهرة مستشرية جدا عند كثير من الكتاب الإسلاميين الذين لم يؤتوا حظا وافرا من العلم " الغاية تبرر الوسيلة " هذه شو فيها يا أخي ؟ هذه تحقق مصلحة لا ينظرون إلى هذا التّفصيل العلمي الّذي جاء به وأوضحه ابن تيمية رحمه الله ويحسن أن نذكر بعض الأمثلة بالنّسبة للأقسام الثّلاثة وأهمّها القسم الذي يقول إذا كان السبب حدث بعد أن لم يكن والمقتضي للأخذ به هو تقصير المسلمين فلا يجوز الأخذ به ، مثاله واقع الدّول الإسلامية اليوم الذين يفرضون على الشعوب المسلمة ضرائب وأموال يأخذونها منهم رغم أنوفهم ، لماذا ؟ يا أخي مصلحة الدولة تقتضي ذلك ، كيف الدولة بدها تحقّق مصالح للشعب بدون مال ؟ فهؤلاء يقال لهم خذوا الوسائل المشروعة في جمع الأموال من الزكوات المعروفة في الحيوانات مثلا ، في الثمار وفي بعض النباتات المعروف حكمها في الإسلام والترّكات ونحو ذلك مما لا وارث لها ، طبقوا هذه الأحكام الشرعية واجمعوا هذه الأموال في خزينة الدولة حينذاك إذا لم تكفي هذه الأموال للقيام بمصالح الدولة ومصالح الشعب المسلم ممكن أن تفرضوا فريضة جديدة تتناسب مع الحاجة ، أما و أنتم أعرضتم عن الأسباب التي شرعها الله لإغناء خزينة الدولة فجئتم بعد أن عطلتموها بأسباب وبقوانين فرضتموها من عدكم ، هذه لا يجوز الأخذ بها بدعوى أنها تحقق المصلحة ، لأنّ هذه المصلحة قد حققها الشارع بشرع أعرضتم عنه ، هذا من الأمثلة التي يتضح بها أنه مش كل شيء يحقق مصلحة يجب نحن أن نتشبث به وإنما يجب أن يدرس على ضوء الأحكام الشرعية على العكس من ذلك مثلا وهذا قد يخفى أمره على كثير من طلاب العلم شرعية عثمان للأذان الثاني ، هذا وسيلة أخذ بها عثمان ، لاشكّ أنّ هذه وسيلة لم تكن في عهد الرّسول عليه السّلام لكن الذي أشار إليه ابن تيمية في كلامه السابق وجد المقتضي في زمن عثمان ولم يكن موجودا في زمن الرسول عليه السلام لأنه كما يقول السائب بن يزيد رضي الله عنه أن عثمان رضي الله عنه زاد الأذان الثاني لما تكاثرت البيوت حول المسجد النّبوي ولم يعد أصحاب هذه البيوت يسمعون الأذان من المسجد النّبوي فجعل أذانا ثانيا في المكان المعروف بالزّوراء ليسمع البعيدين في بيوتهم عن المسجد النبوي ، هذا سبب وجد بعد الرسول عليه السلام أوّلا ، وثانيا لم يكن هذا السبب ناشئا بسبب تقصير المسلمين في القيام في بعض الأحكام الشرعية كما مثّلنا آنفا بالنسبة للقوانين التي تفرض على بعض الشّعوب الإسلامية من الضّرائب ، ولذلك لم يكن أذان عثمان موضع انكار من الصحابة الذين كانوا معه يومئذ وإنمّا كان مقرّرا لأنّه لا يدخل في باب الإحداث في الدين وإنمّا يدخل في باب الأخذ بالمصلحة المرسلة مثاله تماما الآن إذاعة الأذان كما تسمعون بمكبرات الصوت ، هذه وسيلة حدثت وليس المسلمون هم سبب تقصيرهم بالقيام ببعض الأحكام الشرعية ، هو سبب الأخذ بهذه الوسيلة لا ، ولذلك جاز لنا وعلى ضوء الأحاديث التي تشعرنا بأنه ينبغي أن يكون المؤذّن صيّتا جهوري الصوت فإذا هذا المكبر أو هذه الإذاعة تحقّق معنى شرعيّا ، هذه الوسيلة لم تكن موجودة في عهد الرّسول عليه السّلام ، حدثت الآن وحدوثها ليس ناتجا بسبب تقصير المسلمين بالقيام بالأحكام الشرعيّة ، إذا جاز لنا أن نأخذ بها لكن انظروا الآن كيف تختلف المسائل