بداية شرح باب الديات . حفظ
الشيخ : ثم قال المؤلف : " باب الديات " :
الديات : جمع دِيَة ، وهو العوض المأخوذ عن النفس أو الأطراف أو الجروح .
هذه الديات ، الدية : " عوض مأخوذ عن النفس أو الأطراف أو الجروح " : عن النفس يعني دية النفس كاملة ، أو الأطراف كدية اليد ، أو الجروح كدية الموضِحَة ، والمقدر للديات هو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وإن كان أصله موجودا في الجاهلية ، لكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أقر ذلك .
قال : " عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده رضي الله عنهم : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كتب إلى أهل اليمن فذكر الحديث وفيه " :
هذا الحديث كما رأيتم كتاب كتبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن ، وهو مرسل ، ولكن تلقته الأمة بالقبول حتى صار عندهم بمنزلة المتواتر ، وأخذوا بالأحكام التي دل عليها هذا الحديث المرسل .
والمرسل إذا اعتضد بمرسل آخر أو بعمل المسلمين وتلقيهم بالقبول صار حجة ، وهو حديث طويل ، جاءت فيه أحكام في الطهارة وأحكام في الزكاة وأحكام في الديات .
يقول فيه : ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كتب إلى أهل اليمن فذكرالحديث وفيه : أن من اعتبط مؤمنا قتلا عمدا عن بينة فإنه قَوَد ، إلا أن يرضى أولياء المقتول ) .
( أن من اعتبط ) : الاعتباط هو أخذ الشيء ظلما ، والمعنى : من اعتبطه أي : قتله ظلما ، ولهذا فسر الاعتباط بقوله : ( قتلا ) ، لأن الاعتباط قد يكون مالا ، وقد يكون ضربا ، وقد يكون غير ذلك .
المهم الاعتباط أصل الشيء إيش ؟ ظلم ، ولهذا يقال الآن : " فيك عباطة " ، إيش معنى عباطة ؟
الطالب : عنجهية .
الشيخ : إي نعم ، عنجهية وغطرسة وتعدي وما أشبه ذلك : ( أن من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة ) : يعني عن بينة يعني ثبت قتله ببينة ، ( فإن فيه قود ) : والقود يعني القصاص ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني والنفس بالنفس ) .
ولقوله تعالى : (( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس )) : ففيه القود ، قال : ( إلا أن يرضى أولياء المقتول ) : فإن رضي أولياء المقتول بالعفو مجانا أو بالعفو إلى دية أو بالمصالحة بأكثر من الدية على القول الذي رجحناه ، فلا قود .
قال : ( وأنَّ في النفس الدية مئة من الإبل ) : وأن في النفس يعني إذا قتل نفسا ففيها الدية ، وقوله : ( مئة من الإبل ) هذه عطف بيان ، بينت الدية ( وفي الأنف إذا أوعب جدعُه الدية ) : أوعب يعني استوعب فيه الدية ، إذا قطع من المارن ، والمارن ما لان منه ، والأنف مشتمل على أربعة أشياء :
على قصبة ، وعلى مارن ، وهو يجمع ثلاثة أشياء : المنخرين ، والحاجز بينهما فإذا ضممت هذه الثلاثة إلى الأول القصبة صارت أربعة ، فإذا أوعب جدعاً يعني جُدع وقطع المارن كله ، ففيه الدية كاملة ، وذلك لأنه أتلف شيئاً ليس في البدن منه إلا واحد ، يعني ليس له نظير ، فلما أتلف شيئا ليس في البدن منه إلا واحد وجبت دية البدن كاملة ، نعم .
الطالب : أحسن الله إليكم : ذكرتم سابقًا الحكم ، قال الله عز وجل ... أن حق المقتول يكفر بالدية أو القتل ، فإذا عفا أهل المقتول عن الدية وعن القتل وبقي .
الشيخ : ذكرنا فيما سبق أن قتل العمد يتعلق فيه ثلاثة حقوق :
حق لله ، حق للمقتول ، وحق لأولياء المقتول :
أما حق الله فيسقط بالتوبة ، لأن الله أخبرنا بذلك ، وأما حق أولياء المقتول فيسقط بتسليم القاتل نفسه إليهم حتى يقتصوا أو يقضي الدية أو يعفوا ، وأما حق المقتول فالمشهور أنه لا يسقط ، لأنه ظلم ، وظلم الآدمي لا يسقط بالتوبة بل لا بد من أن يؤخذ منه يوم القيامة ، لأن المقتول الآن لا يتمكن من أخذ حقه فيؤخذ يوم القيامة ، وعندي والله أعلم أن القول الراجح في هذا أنه يسقط حق المقتول بالنسبة للتائب القاتل ، ولكن الله تعالى يُرضي المقتول يوم القيامة بجزاء من عنده ، لأن قوله تعالى : (( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ )) : يدل على أن التوية تمحو هذا القتل ، وحق القاتل لن يضيع ولكن الله يتحمل عنه يوم القيامة .
السائل : شيخ ممكن سؤال .
الشيخ : سل .
السائل : إذا عفو ؟
الشيخ : إذا عفوا سقط حقه .
السائل : سقط حق الميت ؟
الشيخ : سقط حقهم هم ، أما المقتول ما يسقط حقه ، نعم ؟
السائل : من المعلوم يا شيخ أنه إذا قيل بقول ، وقيل بغير هذا القول فلابد من بيان القول الثاني ويأتي بجواب عن القول الذي لم يرجحه .
الشيخ : صحيح .
السائل : فما الجواب عن أدلة من ذهب إلى أن الجماعة لا يقتلون بالواحد لعدم الممالأة ؟
الشيخ : نعم ، يقول الأخ العقيلي : من المعلوم أننا إذا رجحنا قولاً على قول لزمنا أمران :
الأمر الأول : الدليل الذي يثبت به القول الذي رجحنا .
والثاني إيش ؟ الجواب عن دليل المعارض ، وهذا صحيح ، وجوابنا على هذا : أن دليلنا سنة عمر رضي الله عنه ، سنة عمر وهذا دليل أثري لأن عمر له سنة متبعة ، وذكرنا أيضا دليلا نظريا ما هو ؟ أنه لو قيل : إن الجماعة لا تقتل بالواحد لَزِم أن يشترك الناس في قتل شخص من أجل أن يسقط عنهم القصاص ، يمكن يشتري ضمائرهم ، يقول : تعال شاركوني في هذا الرجل أنا أريد أن أقاتل شاركوني من أجل ألا يجب علينا القصاص ، وهذه مفسدة عظيمة يدرأ بها الحكم ، هذا إثبات .
أما الجواب عن دليل المعارض فقد ذكرنا أن القصاص لا يمكن تبعضه ، هل يمكن تبعضه حتى نقول مثلا : إنه يُقتل من كل واحد ربع قتلة ؟! ما يمكن ، ولذلك إذا اختيرت الدية كيف نوزعها عليهم ؟
السائل : تتبعض .
الشيخ : نوزعها بالقسط حسب حالهم .
السائل : إذا قال في ذلك .
الشيخ : نعم ؟
السائل : إذا قالوا .. لا يبعَّض .
الشيخ : نعم .
السائل : ويلزم من هذا إلا الدية ، بموجب هذا القصاص .
الشيخ : لا ، ما يجعل للدية ، القصاص عمد النفس بالنفس ، وهذا قتل نفسا بمشاركة ، هذه سيارة موديل ، نعم ؟
السائل : أحسن الله إليكم : ذكرتم بأن حق المقتلول يسقط إذا تاب القاتل توبة نصوح واستدللتم بآية الفرقان .
الشيخ : نعم .
السائل : أليست آية الفرقان في حق الله عز وجل ؟
الشيخ : لا عامة .
السائل : ما الذي جعلها عامة يا شيخ ؟
الشيخ : (( وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا *يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ )) .
السائل : يقول : أنا ضيع علي عمري .
الشيخ : لا لا يعطيه ، يعطيه الله ، قصدنا مو معناه يسقط حقه ، معناه أن الله يتحمله عنه ، عن هذا التائب .
السائل : يعني يتحمل حق المقتول عن القاتل .
الشيخ : أي نعم ، نعم ؟
السائل : شيخ إذا اتفق أهل المقتول بقبول القصاص ، لكن اختلفوا في الدية .
الشيخ : كيف ؟
السائل : بعضهم يريد الدية وبعضهم لا يريدها .
الشيخ : طيب ، ما أحد يجبر عليها .
السائل : يعني شيخ الدية تقسم ويأخذون نصيبهم فقط من الدية ، يعني مثلا لو كانوا اثنين واحد فيهم عفا والثاني ما عفا ، فهل نقول الثاني له نصف الدية ؟
الشيخ : له نصفق الدية نعم .
السائل : فقط ، أو الدية كاملة ؟
الشيخ : لا ، هي كالميراث تماما توزع كالميراث ، لو كان معهم زوجة كان لها الربع أو الثمن ، أم لها السدس أو الثلث حسب الحال نعم .
السائل : شيخ بارك الله فيك : ذكرتم يجوز لأهل المقتول أن يأخذوا الدية هل يجوز في بعض البلدان التي لا تطبق شرع الله عز وجل .
الشيخ : هل يمكن إيش ؟
السائل : يجوز في بعض البلدان التي لا تطبق شرع الله عز وجل أن ينكر أهل القتيل القاتل نفسه أنه قتل حتى يطبقوا شرع الله بينهم ، يعني يأخذوا الدية أهل القتيل يأخذوا الدية سرية .
الشيخ : ليش ؟
السائل : يعني الآن في بعض البلدان .
الشيخ : فهمنا بعض البلدان ما يقتص .
السائل : نعم ، إذا قتل أحدهم الآخر يسجن سنتين ويخرج خلاص .
الشيخ : لكن فيه دية ، فيه دية .
السائل : ما فيه دية .
الشيخ : ما فيه دية .
السائل : ما يدفع ولا قرش .
الشيخ : ما أدري .
السائل : ما فيه دية .
الشيخ : لا غلط .
السائل : أهل القتيل يتربصون به يا شيخ .
الشيخ : لكن هل أنه يقتصر على الحبس سنتين أو أكثر بدون دية ؟
السائل : ما في دية .
الشيخ : ما في دية ؟
السائل : ما في دية .
الشيخ : ولا قصاص .
السائل : ولا أي شيء .
الشيخ : أي كيف ؟
السائل : القاتل لا يمكن قتله .
الشيخ : ما هو ممكن .
السائل : يمكن للحكومة .
الشيخ : ها ؟
السائل : يمكن القتل ، بعد ذلك يقول أهل المقتول ما هو كان عندنا كان يزورنا ، ابحثوا عن القاتل .
الشيخ : طيب .
السائل : وبالتالي يتركونه .
الشيخ : معناه يحتاج إلى إقامة البينة ، يحتاج إلى إقامة البينة ، لا بد من بينة أن هذا الرجل قتل صاحبه .
السائل : هم قبضوا عليه يعني بالشبهة ، أن هذا يشتبه أنه قتله.
الشيخ : ما يكفي هذا ، ما يكفي ، أقول : هذا لا يكفي .
السائل : ما فهمت السؤال يا شيخ .
الشيخ : إلا فاهم السؤال ، أنت ما فهمت الجواب .
السائل : طيب يا شيخ : رجل قتل رجل .
الشيخ : إي نعم .
السائل : وهؤلاء يعني الحكومة .
الشيخ : تقول : لن يرفعوا الأمر للحكومة .
السائل : مو لن يرفعه ، قبض عليه وخلاص وانتهى قبض على الرجل وانتهى هو في السجن .
الشيخ : طيب .
السائل : وسيحكم عليه سنة سنتين طبعا ما هي بكافية .
الشيخ : طيب زين .
السائل : يعني قال : هذا الرجل لما حققوا معه قال : ما قتلت أنا ما قتلت .
الشيخ : طيب .
السائل : كانت نيته بأن يدفع الدية ، لأنه اتفقوا معه أهل القتيل على أنهم يعطوهم الدية من أهل القتيل .
الشيخ : طيب ، وإذا قال ما قتلته تتركه الحكومة ؟
السائل : إذا قال : ما قتلته ، وتبين أنه كان في مكان ما ، وتبين أنه في مكان ما وقت وقوع الجريمة فيتركونه ، ما فيه عليه أدلة ، عليه شبهة فقد قبض عليه لشبهة .
الشيخ : طيب ، في هذه الحالة لا بأس أن يقول : ما قتلته لكن يتأول .
السائل : يعني ممكن يعني يكذب .
الشيخ : ممكن لا مو يكذب يتأول .
السائل : يتأول كيف ؟
الشيخ : مثلا القاتل يوم الأحد قال : ما قتلته يعني يوم السبت .
السائل : أكيد هم عارفين هذا الأمر .
الشيخ : كيف ؟
السائل : أكيد هم يعرفوا هذا الأمر .
الشيخ : ما هم بعارفين ، الحكومة ويش داريها ، هذا في القلب ، لا لا ما يقول ، في القلب ، هذا هو التأويل الذي كره أهل العلم .
السائل : بقلبه يعني ؟
الشيخ : في القلب ، يقول : والله ما قتلته ، وهو يضمر يعني يوم السبت وكان القتل يوم الأحد ، أو والله ما قتلته يعني في السوق ، يضمر في قلبه .