تتمة شرح حديث : ( أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه به مات على شعبة من نفاق ) . رواه مسلم .). حفظ
الشيخ : الآن نبدأ الدّرس الجديد يقول:
" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بهِ -أي بالغزو- مات على شعبة من نفاق ) رواه مسلم " :
( من مات ): الجملة هذه شرطية فعل الشّرط فيها مات، وجواب الشّرط فيها مات الثانية.
( من مات ولم يغزُ ولم يحدّث نفسه به مات على شعبة من النّفاق ).
قوله: ( ولم يغز ) أي: بالفعل.
( ولم يحدّث نفسه بالغزو ) أي: لو قام الجهاد فإنّه سيجاهد، إذا قام الجهاد، من لم يفعل ذلك، ( مات على شعبة من نفاق )، وجه ذلك أنّ المؤمن حقّا هو المجاهد في سبيل الله .
وأمّا المنافق فهو أجبن النّاس ولا يمكن أن يجاهد، ولا أن يحدّث نفسه بالجهاد، ولهذا رجع من الجيش في غزوة أحد نحو الثلث لأنّهم كانوا منافقين، فالمنافق لا يريد الجهاد ولا يحدّث نفسه به لأنّه عكس ما يراد بالجهاد، إذ أنّه يريد أن تكون كلمة الله هي السّفلى فلا يمكن أن يحدّث نفسه بالغزو، فمن كان من المؤمنين على هذا الوجه مات على شعبة أي: على جانب، وشعبة الشّيء جانبه، على جانب من النفاق.
والنّفاق هو إبطان الشّرّ وإظهار الخير، فإن كان الذي أبطنه كفرًا هو الذي أظهره إيمانًا صار منافقًا نفاقًا أكبر من الذين في الدّرك الأسفل من النّار، وإن كان معصية صار منافقًا نفاقًا أصغر، طيب لماذا سمّي هذا النّوع من السّيء بالنّفاق؟ يعني إبطان الشّرّ وإظهار الخير لماذا سمّي بالنّفاق؟
قالوا: إنّه مأخوذ من النّافقاء وهي نافقاء اليربوع، واليربوع دويبة أكبر مِن الفأرة قليلاً رجلاه طويلة ويداه قصيرة لكنّه ذكي وله حيل، منها: أنّه يحفر له جحرًا في الأرض ويجعل له بابا يخرج منه ويدخل منه، ثمّ يحفر في أقصى الجحر صاعدًا إلى الأرض، حتى إذا بقي عليه مثل القشرة وقف، من أجل إذا حجره أحد من بابه فتح النّافقاء هذه، والذي ينظر إلى الجُحر من الأصل يقول: هذا ليس له إلاّ باب واحد فهو قد أخفى الباب الثاني خداعًا، ولذلك اشتقّ من هذه النّافقاء اشتقّ منها كلمة نفاق.