وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد ، فقال : ( أحي والداك ؟ ) قال : نعم : قال : ( ففيهما فجاهد ) . متفق عليه . ولأحمد وأبي داود من حديث أبي سعيد نحوه ، وزاد : ( ارجع فاستأذنهما ، فإن أذنا لك وإلا فبرهما ) . حفظ
الشيخ : (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم يستأذن في الجهاد ) :
( رجل ): مبهم، وكثير ما ترد هذه المبهمات ولكن قد اعتنى بعض العلماء ببيانها، ومنهم من وصلت به الحال إلى حدّ التّكلّف، والحقيقة أنّ بيان المبهم إذا كان فيه مصلحة فجدير أن يبذل الإنسان وقته فيه، أي: في بيانه، وإلاّ فالمهمّ هو معرفة الحكم.
وقوله: ( يستأذنه في الجهاد ) أي: يطلب الإذن .
فقال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم : ( أحيّ والداك؟ ) الجملة استفهاميّة للإعلام أو للإستعلام على الأصحّ، يعني يستعلم الرّسول منه عن ذلك، وقوله: ( أحيّ والداك؟ ) هذا التّركيب ممّا يتعيّن فيه أن يكون الفاعل نائبًا مناب الخبر، فلماذا؟ نعم؟
الطالب : لأن ...
الشيخ : لا، عبيد؟
الطالب : لأنّه وصف ...
الشيخ : هاه؟
الطالب : لأنّه وصف ...
الشيخ : خطأ، يعني قاصد، عبد الله عوفي؟
الطالب : لأنّهما استويا في الإفراد .
الشيخ : خطأ.
الطالب : الوصف هو الخبر.
الشيخ : خطأ.
الطالب : لأنّه وصف اعتمد عليه.
الشيخ : خطأ. نعم؟
الطالب : لأن الوصف مفرد .
الشيخ : أي، نعم لأنّ الوصف مفرد والفاعل؟
الطالب : مثنى.
الشيخ : مثنّى، فيتعيّن أن يكون الوصف مبتدأ ووالداك خبر، لأنّنا لو قلنا والداك مبتدأ مؤخّر لم يطابق الوصف للمبتدأ وهذا متعذّر، ولا يقال: أحيّان والداك ؟
الطالب : جاز
الشيخ : جاز ، لكن تقول: حيّان خبر مقدّم ووالداك مبتدأ مؤخّر، ولا يجوز أن يكون والداك فاعل سدّ مسدّ الخبر إلاّ على لغة؟
الطالب : أكلوني البراغيث.
الشيخ : أكلوني البراغيث ، نعم وقانا الله شر البراغيث.
طيب ( أحيّ والداك؟ ) : إذن حيّ مبتدأ ووالداك فاعل سدّ مسدّ الخبر، وقوله : والداك يعني أمّه وأباه، وهل هذا من باب التّغليب أو لا؟
الطالب : من باب التغليب .
الشيخ : هل يطلق كلمة والد على الأب والأمّ أو على الأمّ وحدها؟
الطالب : على الأب.
الشيخ : (( إنّ أمّهاتهم ))؟
الطالب : (( إلاّ اللّائي ولدنهم )).
الشيخ : (( إلاّ اللّائي ولدنهم )) الولادة تطلق للأم، لكن هل الأب يقال: وَلَدَ؟
الطالب : نعم.
الشيخ : الشاهد؟
الطالب : (( يوصيكم الله في أولادكم )).
الشيخ : طيب أولاد تكون من باب التّغليب، أنا أسأل هل يقال للأب إنّه والد؟
الطالب : نعم.
الشيخ : أي نعم إيه.
الطالب : (( ووالد وما ولد )).
الشيخ : أي الأمّ أو الجنس؟ نعم؟
الطالب : قوله تعالى: (( واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا )).
الشيخ : والوالد تشمل؟
الطالب : الجنسين.
الشيخ : تشمل الذّكر والأنثى.
طيب ( لا يحلّ لواهب أن يرجع فيما وهب أو في هبته إلاّ الوالد فيما يعطي ولده )، والمراد به هنا الأب كما ذكر أهل العلم.
على كلّ حال والداك إذن ليست من باب التّغليب لأنّ الوالد يطلق على الأب وعلى الأمّ، قال: ( نعم ) حرف جواب أي: أنّهما حيّان، قال: ( ففيهما فجاهد ) : يعني اجعل جهادك فيهما، وقوله: ( ففيهما ) الفاء عاطفة، وقوله: ( فجاهد ) : الفاء زائدة لتحسين اللّفظ، والأصل ففيهما جاهد، هذا هو الأصل، لكن تأتي أحيانا الفاء لتحسين اللّفظ كما هي في قولك : فقط ، الفاء هذه زائدة، لأنّ اللّفظة أصلها قط، هذا الحديث يفيد أنّ حقّ الوالدين مقدّم على الجهاد فهل هو على إطلاقه؟
سننظر إن شاء الله في الفوائد.