وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال : إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار يعني : (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة )) ( البقرة : 195 ) قاله رداً على من أنكر على من حمل على صف الروم حتى دخل فيهم . رواه الثلاثة وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم . حفظ
الشيخ : " وعن أبي أيّوب رضي الله عنه قال: ( إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار يعني قوله تعالى: (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة )) قاله رداً على من أنكر على من حمل على صف الروم حتى دخل فيهم ) رواه الثلاثة وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم " :
قوله: ( إنّما أنزلت هذه الآية ) : أبهم المنزل للعلم به فإنّ الذي أنزلها هو الله عزّ وجلّ، وهذا نظيره في القدر قوله تعالى: (( وخلق الإنسان ضعيفا )) فإنّه أبهم الخالق للعلم به وهو الله.
وقوله: ( أنزلت هذه الآية فينا معشر ) : المعشر هم الطائفة وسمّوا بذلك لأنّ بعضهم يعاشر بعضا ويناصره ويؤيه.
وقوله: ( الأنصار ) : هم قبيلتان كبيرتان في المدينة إحداهما الأوس والثانية الخزرج، وسمّوا أنصارا لنصرهم النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم.
قوله تعالى: (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة )) : تلقوا بها أي: تضعوها أمام ما يهلكها ، كما يقال : " ألقى بالحبل " أي: وضعه أمام وجهه ، فالمعنى لا تلقوا بها أمام الهلاك.
وقوله: (( بأيديكم )) المراد بها النّفس، المراد بذلك النّفس لكن يعبّر بالأيدي عن النّفس كثيرا في اللّغة العربيّة ومنه قوله تعالى: (( بما كسبت أيديكم )) أي: بما كسبتم.
والتَّهلُكة تفعُلة من الهلاك، أي: ما يقوم به الهلاك.
قال رضي الله عنه: ( ردّا على من أنكر على من حمل على صفّ الرّوم حتى دخل فيهم ) : لأنّهم مع الرّوم كانوا في غزوة ، فحمل رجل من المسلمين على صفّ الرّوم وهم أمّة حتى دخل فيهم وقاتلهم ، فقال النّاس : ألقى بيده للتّهلكة، فبيّن أبو أيّوب رضي الله عنه أنّ هذا ليس من التّهلكة ، وأنّها نزلت فيهم حين كفّوا أيديهم عن الإنفاق في سبيل الله، وقالوا ننفق الأموال في غير هذا، فأنزل الله تعالى: (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة وأحسنوا إنّ الله يحبّ المحسنين )) : فبيّن رضي الله عنه، أنّه ليس الحمل على صفّ العدوّ من الإلقاء بالنّفس للتّهلكة.
طيب وقوله: ( حتى دخل فيهم ) : نعم يعني دخل فيهم وقاتلهم.