وعن ابن عمر قال : حرق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير وقطع . متفق عليه . حفظ
الشيخ : ثمّ قال -رحمه الله-: " وعن ابن عمر قال: ( حرّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير وقطّع ) " :
الطالب : وقطّع.
الشيخ : هاه؟ أي نعم: ( وقطّع ) والظّاهر أنّه يجوز الوجهان، لكن عندي مشكولة بالتّشديد.
( حرّق نخل بني النّضير ) : بنو النّضير إحدى القبائل الثلاث اليهوديّة التي عاهدت النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم حين قدم المدينة، ولكنّ كلّ هذه الطّوائف خانت، وهم بنو النّضير، وبنو قينقاع، وبنو قريظة وكلّهم خانوا .
لما حاصر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بني النّضير وخرجوا، قبل أن يخرجوا قطّع نخلهم وحرّقها، حرّقها بالنّار إذلالاً لهم وحملا لهم على الاستسلام أو الخروج، وقد كانوا يخرّبون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين كما في سورة الحشر.
( وقطّع ) : يعني بعضها حرّق، يعني أنّه حرّق البعض وقطع البعض الآخر فحصل من ذلك تشويه لسمعة المسلمين، وقالوا: ها هو محمّد ينهى عن إضاعة المال ثمّ يحرّق النّخيل ويقطّعها، وهذه إضاعة مال، فأنزل الله تعالى: (( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله )): يعني أنّ الله هو الذي أذن لنا، وإذا أذن الله بشيء صار حلالاً، حتى إن كان جنسه حراماً فإنّه يكون حلالا، أرأيتم السجود لغير الله ألم يكن شركا؟
الطالب : بلى.
الشيخ : ولما استكبر عنه من أُمر به أي: بأن يسجد لغير الله صار هذا الذي استكبر كافراً، فإنّ الله أمر الملائكة بالسّجود لآدم فسجدوا إلاّ إبليس.
قتل الأولاد من كبائر الذّنوب، ولمّا أمر الله به خليله إبراهيم صار قربة من أفضل القرب.
فقطع النّخيل أو إحراق النّخيل إضاعة مال لا شكّ، لكن إذا أذن الله به صار قربة، فالله تعالى أذن لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم بأن يحرّق النّخيل ويقطّعها، ثمّ قال: (( وليخزي الفاسقين )) هذه فائدة عظيمة إذلال المنافقين.
الطالب : وليخزي ...
الشيخ : نعم، فخزي الفاسقين أمر مطلوب للشّرع، حتى وإن ضاع به المال، فبيّن الله سبحانه وتعالى أنّ الله أباح له أن يفعل وأنّ من فوائد هذا إذلال الفاسقين يعني الكافرين.