فوائد حديث :( مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم نصب المنجنيق على أهل الطائف ). حفظ
الشيخ : في هذا الحديث دليل على جواز نصب المنجنيق أو ما يقوم مقامه من المدافع، أو ما يقوم مقامه من الصّواريخ على مَن أبوا أن يسلموا.
وفيه دليل أيضًا على أنّه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المستقلّ، وجه ذلك: أنّ هذا المنجنيق سوف يهلك النّساء والذّرّيّة، ومعلوم أنّ قصد إهلاكهم محرّم حتى في الحروب لكن إذا جاء تبعًا فإنّه يثبت في التّبع ما لا يثبت في الإستقلال.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه لا ينبغي لنا أن نفوّت الفرصة من أجل خوف إصابة من لا تجوز إصابتهم، لأنّه من الممكن أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يديم الحصار حتى يستسلموا، ولكنّه عليه الصّلاة والسّلام اختار هذا إن صحّ الحديث.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ ما يفعله النّاس اليوم في المزارع حيث يحرقونها إذا حصدوا الزّرع لأن لا يكون فيها نوابت ضارّة في الزّرع المستقبل، فإنّه لا بأس به وإن أدّى ذلك إلى إحراق بعض الحشرات التي تكون فيها وذلك لأنّه إيش؟
الطالب : تبع.
الشيخ : تابع غير مقصود، وقد مرّ علينا أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حرّق نخل بني النّضير، والنّخل قد يكون فيه فراخ الطيور أو غير ذلك من الأشياء لكنّها لم تقصد.
وهذا الحديث يقول: " أخرجه أبو داود في المراسيل " :
والمراسيل جمع مرسل، والمرسل له اصطلاحان:
المصطلح الأوّل المشهور : وهو ما رفعه التّابعي إلى النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أو رفعه الصّحابي الذي لم يسمع من الرّسول:
فهو صنفان: مرفوع تابعي، أو صحابي لم يسمع من النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وسواء لم يسمع مِن الرّسول لصغر سنّه أو لتيقّننا أنّه غاب عنه في هذا المشهد، فمثلا لو روى أحد من الناس حديثا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غزوة من الغزوات ونحن نعلم أنّ هذا الرّاوي لم يشهد هذه الغزوة فإنّه يكون إيش؟
الطالب : مرسلا.
الشيخ : مرسلا، لأنّنا نعلم أنّ بين الرّاوي وبين الرّسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم واسطة.
كذلك لو رواه الصّحابي الذي لم يسمع من الرّسول كمحمّد بن أبي بكر رضي الله عنه وعن أبيه، فإنّ محمّد بن أبي بكر ولد عام حجّة الوداع، أمّه أسماء بنت عُميس وضعته في ذي الحليفة، فإذا روى محمّدٌ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حديثًا فإنّه مرسل.
أما النّوع الثاني من المرسل في الاصطلاح: فهو كلّ ما لم يتّصل سنده فإنّ بعضهم يسمّيه مرسلا فيقول: أرسله فلان عن فلان، لأنّ بينهما واسطة، وهو يشبه المرسل المصطلح عليه المشهور من حيث سقوط إيش؟
الطالب : الواسطة.
الشيخ : الواسطة، ولذلك يطلق عليه بعض المحدّثين أنّه مرسل.
أمّا حكم المرسل فحكمه الضّعف إلاّ في حالين:
الحال الأولى: إذا رفعه الصّحابي، قالوا: فإن مرسل الصّحابي مقبول، وذلك لشدّة تحرّي الصّحابة في النّقل عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فهو لم يرسله إلى الرّسول مباشرة إلاّ لعلمه أنّ الواسطة ثقة.
والثاني: إذا علمنا أنّ هذا التّابعي لا يروي إلاّ عن صحابي، كما يذكر عن سعيد بن المسيَّب أنّ مراسيله عن أبي هريرة رضي الله عنه، هذا أيضًا يكون مقبولًا، وما عدا ذلك فإنّ المرسل يعدّ من قسم؟ من قسم الضّعيف.
ثمّ قال المؤلفّ: " ووصله العقيلي بإسناد ضعيف عن عليّ " :
فصار هذا الحديث إمّا ضعيفًا من حيث اتّصال السّند، وإمّا ضعيفًا من حيث الرّواة، ضعيف لاتّصال السّند لكون مكحول أرسله، أو ضعيف من حيث الرّواة كما قال الحافظ ابن حجر: " وصله العقيلي بإسناد ضعيف عن عليّ رضي الله عنه " .
لكن على كلّ حال إذا لم يصحّ سندًا عن رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فإنّ القواعد الشّرعيّة تقتضي جواز ذلك، لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب، وإذا لم يتمّ الوصول إلى غزو هؤلاء الكفّار وإثخانهم إلاّ بذلك كان هذا جائزاً ولا شكّ.