تتمة شرح حديث : ( عمر : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب ، حتى لا أدع إلا مسلماً ) . رواه مسلم . ). حفظ
الشيخ : طيب، بسم الله الرحمن الرّحيم :
قال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فيما رواه عنه عمر: ( لأخرجنّ اليهود والنّصارى من جزيرة العرب ) :
وسبق لنا أنّ هذه الجملة مؤكّدة بثلاث مؤكّدات:
القسم ، واللّام ، والنّون، وسبق لنا من هم اليهود.
وأمّا النّصارى فهم الذين ينتسبون إلى عيسى بن مريم عليه الصّلاة والسّلام، وسمّوا بهذا الاسم إمّا لأنّهم من بلدة تسمّى النّاصرة في فلسطين، وإمّا من قوله تعالى: (( قال الحواريّون نحن أنصار الله ))، وإمّا من الأمرين جميعا.
وهؤلاء النّصارى كانوا في عهد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أقرب إلى المؤمنين من اليهود لقوله تعالى: (( لتجدنّ أشدّ النّاس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدّنّ أقربهم مودّة للذين آمنوا )) يعني من الكفار، (( الذين قالوا إنّا نصارى )) وعلّل ذلك: (( ذلك بأنّ منهم قسّيسين ورهبانا وأنّهم لا يستكبرون * وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرّسول ترى أعينهم تفيض من الدّمع )) إلى آخر الآية، ومثل هذه الأوصاف لا توجد في اليهود، لأنّ اليهود عتاة معاندون من أشدّ النّاس عنادا وكبرا، فلا تجد فيهم هذا الوصف.
أمّا النّصارى ففيهم هذا، ولهذا صاروا أقرب النّاس مودّة إلى المؤمنين من سائر الكفّار، ولكن بما أنّ الحكم يدور مع علّته فإنّه إذا انتفت هذه العلّة انتفى الحكم، ولذلك نجدهم اليوم من أشدّ النّاس عداوة للمؤمنين، وأشدّهم شراسة في قتال المسلمين وهذا شيء مشاهد، فمنذ الحروب الصّليبيّة إلى يومنا هذا وهم في صراع دمويّ وغير دمويّ مع المسلمين، ولا يسعون أبدًا إلاّ لصالح أنفسهم ولو على حساب المسلمين، ونجد أنّهم الآن تحقّق فيهم قول الله تبارك وتعالى: (( يا أيّها الذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعض )) ، فاليهود مع النّصارى أولياء، وفي هذا الزّمن ظهر هذا تمامًا في قضيّة اليهود في فلسطين، وقضيّة النّصارى في البلاد الأخرى، وأنّهم يساعدونهم بالمال والعتاد وكذلك أيضًا بالسّياسة، وهذا أمر معروف .
ولهذا قال النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام: ( لأخرجنّ اليهود والنّصارى ) ، فجعل الاثنين حكمهما واحدًا، نعم، أنّه يخرجهم من جزيرة العرب، لما في بقائهم فيها من الشّرّ، ولأنّ جزيرة العرب منها خرج الإسلام، وشعّ نوره في الآفاق، وإليها يعود كما ثبت عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ( أنّ الإيمان يأرز إلى المدينة -معناه يرجع- كما تأرز الحيّة إلى جحرها ) ، ولأنّها لو فشى فيها هذان الدّينان لفسدت، ولهذا جاء في الحديث: ( لا يجتمع دينان في جزيرة العرب ) يعني لا يمكن أن تقام شعائر دين الكفر ودين الإسلام في الجزيرة، فإمّا هذا وإمّا هذا، وهو إشارة إلى وجوب أن تتمحّض هذه الجزيرة لمن؟
للمسلمين، فما هي الجزيرة؟
الجزيرة: حدودها من الشّمال الشام، الشام: سوريا وفلسطين وما والاها، وحدودها من الغرب: البحر الأحمر، وحدودها من الشّرق: العراق، وحدودها من الجنوب: اليمن، هذه هي جزيرة العرب.
وسمّيت جزيرة من باب التّغليب على خلاف المعروف عند الجغرافيين، لأنّ الجزيرة عند الجغرافيّين هي ما جزر عنها الماء في وسط البحر، فيكون البحر محيطا بها في كلّ جانب، أما الجزيرة العربيّة: فإنّه لا يحيط بها البحر من كلّ جانب، لهذا يعبّر بعضهم عنها : " بشبه الجزيرة العربيّة " يعني ليست جزيرة كاملة، هذا كلام الرّسول عليه الصّلاة والسّلام حيث أخبر بأنّه يؤكّد إخراج هؤلاء من جزيرة العرب ، وورد عنه فيما رواه أهل السّنن أنّه أمر بذلك فقال: ( أخرجوا اليهود والنّصارى من جزيرة العرب ) ، وفي مرض موته صلّى الله عليه وسلّم أوصى أمّته فقال: ( أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ) في آخر حياته، وعلى هذا فالواجب على المسلمين إخراج اليهود والنّصارى من جزيرة العرب، وإخراج المشركين من جزيرة العرب وقد ذكرنا آنفا الحكمة في ذلك.
فإن قال قائل: يرد على هذا أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع وأقرّهم، ولم يجلهم إلاّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه لسبب من الأسباب ؟
فالجواب أن نقول: إنّ إقامة اليهود والنّصارى في الجزيرة على نوعين:
النّوع الأوّل: على وجه الإذلال، وأنّهم عمّال من جملة العاملين فهذا لا بأس به لكن بشرط أن نأمن شرّهم، فإن لم نأمن شرّهم فإنّه لا يجوز أن يبقوا.
والثاني: إقامة استيطان فهذا هو الذي منع منه الرّسول صلّى الله عليه وسلّم وأمر بإخراجه، بقاء اليهود في خيبر من النّوع الثاني أو الأوّل؟
الطالب : الأوّل.
الشيخ : من النّوع الأوّل ولهذا قال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم في العقد الذي جرى بينهم: ( نقرّكم على ذلك ما شئنا ) ولما استغنى المسلمون عنهم في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولما حصل منهم من الغدر أجلاهم إلى أذرعات في الشّام وإلى مواطن أخرى.
فالحاصل أن نقول: إنّ استيطان اليهود والنّصارى والمشركين بالجزيرة هذا ممنوع يجب على وليّ الأمر منعه، لأنّهم إذا استوطنوا سوف يطالبون بطلب المواطن من المدارس والمعابد وغيرها من الحقوق لا سيما الدّينيّة وهذا يوجب إشكالا كبيرا لأنّهم إمّا أن يجابوا فيجتمع دينان في جزيرة العرب، وإمّا أن لا يجابوا فيحصل منهم شرّ وبلاء لهذا يمنع استيطان اليهود والنّصارى والمشركين في الجزيرة مطلقا بأيّ حال من الأحوال.
أمّا بقاؤهم على أنّهم عملة يعملون لصالح النّاس فهذا لا بأس به ما لم يؤدّ إلى شرّ وفساد، فإن خيف شرّهم وفسادهم فإنّهم لا يمكّنون من البقاء مطلقا، يعني أنّهم بقوا على أنّهم عمّال لكن صاروا والعياذ بالله يصنعون الخمر ويسوّقونه عند النّاس خفاء أو علنا، أو يظهرون الصّليب على صدورهم أو في سيّاراتهم أو ما أشبه ذلك ، فهؤلاء لا شكّ أنّهم معتدون فيجب ردعهم أو ترحيلهم.
وقوله: ( حتى لا أدع إلاّ مسلمًا ) فيه دليل على أنّه يجب أن يخلص الدّين في هذه الجزيرة على دين الإسلام. ثم قال: " وعنه رضي الله عنه " .
الطالب : الفوائد.
الشيخ : نأخذ الفوائد.
قال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فيما رواه عنه عمر: ( لأخرجنّ اليهود والنّصارى من جزيرة العرب ) :
وسبق لنا أنّ هذه الجملة مؤكّدة بثلاث مؤكّدات:
القسم ، واللّام ، والنّون، وسبق لنا من هم اليهود.
وأمّا النّصارى فهم الذين ينتسبون إلى عيسى بن مريم عليه الصّلاة والسّلام، وسمّوا بهذا الاسم إمّا لأنّهم من بلدة تسمّى النّاصرة في فلسطين، وإمّا من قوله تعالى: (( قال الحواريّون نحن أنصار الله ))، وإمّا من الأمرين جميعا.
وهؤلاء النّصارى كانوا في عهد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أقرب إلى المؤمنين من اليهود لقوله تعالى: (( لتجدنّ أشدّ النّاس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدّنّ أقربهم مودّة للذين آمنوا )) يعني من الكفار، (( الذين قالوا إنّا نصارى )) وعلّل ذلك: (( ذلك بأنّ منهم قسّيسين ورهبانا وأنّهم لا يستكبرون * وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرّسول ترى أعينهم تفيض من الدّمع )) إلى آخر الآية، ومثل هذه الأوصاف لا توجد في اليهود، لأنّ اليهود عتاة معاندون من أشدّ النّاس عنادا وكبرا، فلا تجد فيهم هذا الوصف.
أمّا النّصارى ففيهم هذا، ولهذا صاروا أقرب النّاس مودّة إلى المؤمنين من سائر الكفّار، ولكن بما أنّ الحكم يدور مع علّته فإنّه إذا انتفت هذه العلّة انتفى الحكم، ولذلك نجدهم اليوم من أشدّ النّاس عداوة للمؤمنين، وأشدّهم شراسة في قتال المسلمين وهذا شيء مشاهد، فمنذ الحروب الصّليبيّة إلى يومنا هذا وهم في صراع دمويّ وغير دمويّ مع المسلمين، ولا يسعون أبدًا إلاّ لصالح أنفسهم ولو على حساب المسلمين، ونجد أنّهم الآن تحقّق فيهم قول الله تبارك وتعالى: (( يا أيّها الذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعض )) ، فاليهود مع النّصارى أولياء، وفي هذا الزّمن ظهر هذا تمامًا في قضيّة اليهود في فلسطين، وقضيّة النّصارى في البلاد الأخرى، وأنّهم يساعدونهم بالمال والعتاد وكذلك أيضًا بالسّياسة، وهذا أمر معروف .
ولهذا قال النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام: ( لأخرجنّ اليهود والنّصارى ) ، فجعل الاثنين حكمهما واحدًا، نعم، أنّه يخرجهم من جزيرة العرب، لما في بقائهم فيها من الشّرّ، ولأنّ جزيرة العرب منها خرج الإسلام، وشعّ نوره في الآفاق، وإليها يعود كما ثبت عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ( أنّ الإيمان يأرز إلى المدينة -معناه يرجع- كما تأرز الحيّة إلى جحرها ) ، ولأنّها لو فشى فيها هذان الدّينان لفسدت، ولهذا جاء في الحديث: ( لا يجتمع دينان في جزيرة العرب ) يعني لا يمكن أن تقام شعائر دين الكفر ودين الإسلام في الجزيرة، فإمّا هذا وإمّا هذا، وهو إشارة إلى وجوب أن تتمحّض هذه الجزيرة لمن؟
للمسلمين، فما هي الجزيرة؟
الجزيرة: حدودها من الشّمال الشام، الشام: سوريا وفلسطين وما والاها، وحدودها من الغرب: البحر الأحمر، وحدودها من الشّرق: العراق، وحدودها من الجنوب: اليمن، هذه هي جزيرة العرب.
وسمّيت جزيرة من باب التّغليب على خلاف المعروف عند الجغرافيين، لأنّ الجزيرة عند الجغرافيّين هي ما جزر عنها الماء في وسط البحر، فيكون البحر محيطا بها في كلّ جانب، أما الجزيرة العربيّة: فإنّه لا يحيط بها البحر من كلّ جانب، لهذا يعبّر بعضهم عنها : " بشبه الجزيرة العربيّة " يعني ليست جزيرة كاملة، هذا كلام الرّسول عليه الصّلاة والسّلام حيث أخبر بأنّه يؤكّد إخراج هؤلاء من جزيرة العرب ، وورد عنه فيما رواه أهل السّنن أنّه أمر بذلك فقال: ( أخرجوا اليهود والنّصارى من جزيرة العرب ) ، وفي مرض موته صلّى الله عليه وسلّم أوصى أمّته فقال: ( أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ) في آخر حياته، وعلى هذا فالواجب على المسلمين إخراج اليهود والنّصارى من جزيرة العرب، وإخراج المشركين من جزيرة العرب وقد ذكرنا آنفا الحكمة في ذلك.
فإن قال قائل: يرد على هذا أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع وأقرّهم، ولم يجلهم إلاّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه لسبب من الأسباب ؟
فالجواب أن نقول: إنّ إقامة اليهود والنّصارى في الجزيرة على نوعين:
النّوع الأوّل: على وجه الإذلال، وأنّهم عمّال من جملة العاملين فهذا لا بأس به لكن بشرط أن نأمن شرّهم، فإن لم نأمن شرّهم فإنّه لا يجوز أن يبقوا.
والثاني: إقامة استيطان فهذا هو الذي منع منه الرّسول صلّى الله عليه وسلّم وأمر بإخراجه، بقاء اليهود في خيبر من النّوع الثاني أو الأوّل؟
الطالب : الأوّل.
الشيخ : من النّوع الأوّل ولهذا قال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم في العقد الذي جرى بينهم: ( نقرّكم على ذلك ما شئنا ) ولما استغنى المسلمون عنهم في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولما حصل منهم من الغدر أجلاهم إلى أذرعات في الشّام وإلى مواطن أخرى.
فالحاصل أن نقول: إنّ استيطان اليهود والنّصارى والمشركين بالجزيرة هذا ممنوع يجب على وليّ الأمر منعه، لأنّهم إذا استوطنوا سوف يطالبون بطلب المواطن من المدارس والمعابد وغيرها من الحقوق لا سيما الدّينيّة وهذا يوجب إشكالا كبيرا لأنّهم إمّا أن يجابوا فيجتمع دينان في جزيرة العرب، وإمّا أن لا يجابوا فيحصل منهم شرّ وبلاء لهذا يمنع استيطان اليهود والنّصارى والمشركين في الجزيرة مطلقا بأيّ حال من الأحوال.
أمّا بقاؤهم على أنّهم عملة يعملون لصالح النّاس فهذا لا بأس به ما لم يؤدّ إلى شرّ وفساد، فإن خيف شرّهم وفسادهم فإنّهم لا يمكّنون من البقاء مطلقا، يعني أنّهم بقوا على أنّهم عمّال لكن صاروا والعياذ بالله يصنعون الخمر ويسوّقونه عند النّاس خفاء أو علنا، أو يظهرون الصّليب على صدورهم أو في سيّاراتهم أو ما أشبه ذلك ، فهؤلاء لا شكّ أنّهم معتدون فيجب ردعهم أو ترحيلهم.
وقوله: ( حتى لا أدع إلاّ مسلمًا ) فيه دليل على أنّه يجب أن يخلص الدّين في هذه الجزيرة على دين الإسلام. ثم قال: " وعنه رضي الله عنه " .
الطالب : الفوائد.
الشيخ : نأخذ الفوائد.