وعن عائذ بن عمرو المزني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الإسلام يعلو ولا يعلى ) . أخرجه الدار قطني . حفظ
الشيخ : الشيخ : بسم الله الرّحمن الرّحيم:
الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين:
قال المؤلّف: " وعن عائذ بن عمرو المزني رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الإسلام يعلو ولا يُعلى ) " :
ذكره المؤلّف في باب: " الجزية والهدنة ":
لأنّ من علوّ الإسلام أن يأخذ المسلمون الجزية من غير المسلمين، لأنّ الجزية فيها إهانة وفيها ذلّ كما قال الله تعالى: (( حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ))، فهذا وجه المناسبة.
وقوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ( الإسلام يعلو ولا يُعلى ) :
هذا خبر لكنّه يتضمّن الحكم، فالإسلام لا شكّ يعلو، ولكن بشرط أن يكون أهله حاملين له حقيقة فإذا حملوه حقيقة نصرهم الله به ودليل هذا في كتاب الله: (( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون )) .
أمّا إذا لم يحمله أهله حقيقة فإنّه يوشك أن يكون هؤلاء الذين لم يحملوه أخبث من اليهود والنّصارى، لأنّ الله تعالى قال: (( مثل الذين حمّلوا التّوراة ثمّ لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا )).
وإذا كان الله قد مَنّ على هذه الأمّة بميزات لم تكن لغيرها كان له عليها من الحقّ ما هو أوكد من حقوق الآخرين، فإذا أَهملوا هذا الحقّ صاروا أخبث، وإذا نظرنا إلى المسلمين اليوم وجدنا أنّهم على اختلاف طوائفهم كلٌّ أخذ بنصيب ممّا عليه اليهود والنّصارى، فالتّحريف لكتاب الله وسنّة رسوله موجود، كما أنّ التّحريف في التّوراة والإنجيل موجود، الحسد موجود، إيثار الدّنيا على الآخرة موجود، إلى غير ذلك، لو تتبّعت أحوال المسلمين اليوم لوجدتهم أو أكثرهم قد أخذوا من خصال الكفّار والمشركين بنصيب، ولذلك وصلوا إلى الحال التي ترى، صاروا من أذلّ الأمم، بل إنّنا إذا اعتبرنا كثرتهم قلنا: هم أذلّ الأمم لأنّ أمّة تبلغ إلى هذا الحد من العدد، وإلى هذا الحد من الغنى في بعض الجهات، ثمّ تذلّ إلى هذا الذّلّ لا شكّ أنّها أردئ الأمم، فإنّ من الأمم من هم دونهم كثرة ودونهم في الغنى ومع ذلك لهم نصيبهم من الكلمة في المجتمعات أكثر من نصيب المسلمين.
فالحاصل أنّ قوله: ( الإسلام يعلو ) متى؟
إذا أخذ أهله به فإنّه سوف يعلو ويعلو بهم أي: يعليهم حتى يكونوا فوق النّاس.
( ولا يُعلى أي: لا يمكن أن يهزم ويكون شيء فوقه وهذه من البشرى، لكنّ هذه الجملة الأخيرة ليست شاملة عامّة بل مقيّدة بقول الرّسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ( لا تزال طائفة من أمّتي على الحقّ ظاهرين ) : هذه الطائفة هي التي لا يمكن أن يُعلى إسلامها ، أما الطوائف الأخرى فإنّه قد يعلى إسلامها ، والحقيقة أنّه قد تعلى هي ولا يعلى إسلامها ، الإسلام نفسه لا يمكن أن يعلوه أيّ دين ، لأنّ الدّين الإسلامي هو العالي الظاهر ، لكن إن جاء تسلط غير المسلمين مع ضعف المسلمين فهو لأنّهم لم يقوموا بما أوجب الله عليهم.