وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام ، وإذا لقيتم أحدهم في طريق ، فاضطروه إلى أضيقه ) . رواه مسلم . حفظ
الشيخ : وعلى هذا ننتقل إلى حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النّبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه ) :
( لا تبدأوا اليهود ) : اليهود هو الذين يدّعون أنّهم أتباع موسى، والنّصارى هم الذين يدّعون أنّهم أتباع عيسى.
سمّي اليهود بذلك نسبة إلى جدّهم يهوذا، وسمّي النّصارى بذلك من المناصرة لأنّهم نصروا عيسى بن مريم ، أعني : أنّ طائفة منهم نصرته، وطائفة لم تنصره كما هو معروف في آية الصّفّ.
وقيل: إنّهم سمّوا نصارى من البلد المعروفة بالنّاصرة، فهو نسبة إلى مكان، وأيّا كان فهم الذين يدّعون أنّهم متّبعون لعيسى بن مريم، وقلنا: يدّعون، وأضربنا عن قول: يتّبعون، لأنّه لا يصحّ أن نقول أنّ النّصارى اليوم متّبعون لعيسى بل هم مكذّبون لعيسى كافرون به لا شكّ، لأنّ عيسى بن مريم قال لهم: (( يا بني إسرائيل إنّي رسول الله إليكم مصدّقا لما بين يديّ من التوراة )) فهذا موقفه من الرّسالات السّابقة.
وموقفه من الرّسالات اللاّحقة قال: (( ومبشّرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد )) ولم يقل مصدّقا بل قال : ومبشّرا، وهذا أبلغ لأنّ المبَشّر به يكون نعمة على من بُشّر به ، فيكون تصديقه من باب تصديق الخبر وشكر النّعم، ومع ذلك رفضوا هذه البشارة وأنكروها ولم يؤمنوا بمحمّد عليه الصّلاة والسّلام، إذن فهم حقيقة كافرون بعيسى ولا شكّ وعيسى خصمهم يوم القيامة، لأنّ الله سيقول له : (( يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للنّاس اتّخذوني وأمّي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي به حق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك )) إلى آخر الآيات، فعيسى هو خصمهم يوم القيامة، وهم مكذّبون له كافرون به، لكن الإسلام لسعته ورحابته أقرّهم على دينهم بالجزية، ولعلّه بما عندهم من الكتاب لعلّهم يهتدون ويرجعون إلى الصّواب.
وقوله: ( لا تبدأوهم بالسّلام ) ولم يقل: بالتّحيّة لأنّ التّحيّة أعمّ، فقد يضطرّ الإنسان إلى بداءتهم بالتّحيّة لكن نقول: لا تبتدأوهم بالسّلام، التحيّة مثل أهلا وسهلا ممكن أن يضطرّ الإنسان إلى أن يقول: لرجل نصراني أو يهودي أو وثني أهلا وسهلا، لكن لا يمكن أن يقول بمقتضى الشّرع إيش؟
السّلام عليكم، ( لا تبدأوهم بالسّلام ).
وعلم من قوله: ( لا تبدأوهم بالسّلام ): أنّنا نردّ عليهم السّلام، لأنّنا إذا رددنا فهم البادؤون، والنهّي إنّما هو عن بدائتهم، أمّا الرّدّ عليهم فلا.
ولكن كيف نردّ عليهم؟
نردّ عليهم بمثل ما حيّونا به، كما قال الله تعالى: (( وإذا حيّيتم بتحيّة فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها )) فبدأ بالأحسن ثمّ قال: (( أو ردّوها )) وهو الواجب، فإذا قال اليهودي أو النصراني: السّلام عليكم بلفظ صريح، فأقول: عليك السّلام، بلفظ صريح، وإذا قال: السّام عليك، أقول: وعليك، وإذا احتمل الأمران أقول: عليك أيضًا.
وهذا أيضا من الآداب الإسلاميّة أنّه إذا قال: السّام عليك، لا أقول: وعليك السّام، أكون أنا أحسن أدبا منه، أقول: وعليك، ففي هذه الحال أكون قابلته بما قابلني به، ولهذا لمّا قالت عائشة في ردّها على اليهوديّ الذي مرّ بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقال : السام عليك يا محمّد، قالت: ( وعليك السّامّ واللّعنة ) نهاها الرّسول عليه الصّلاة والسّلام وقال: ( إنّ الله يحبّ الرّفق في الأمر كلّه )، وهذا من آداب الإسلام وعلوّه أن لا أنزل مثله إلى السّاحة التي نزل فيها وهي الدّعاء، بل أقول: عليك، كما قال لي، إن كان قال: السّامّ فهو عليه، وإن كان السّلام فهو عليه أيضا.
وقوله: ( وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه ) : إذا لقيتم أحدهم في طريق فلا تفسحوا له، اضطرّوه أي: ألجؤوه إلى الضّرورة إلى أضيقه، فلا تفسح له مهما كان، ولو كان أكبر منك مرتبة أو أغنى منك أو أعظم منك سلطة لا، لا تفسح له، إن بقي ولم يذهب يمينا ولا يسارا فلا تهتمّ به، اجعله هو الذي يميل يمينا أو يساراً ، وليس المعنى أنّك تلجؤه حتّى تضيّق عليه برصّه على الجدار، لماذا؟
لأنّ قول الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يفسّره فعله، وفعل أصحابه، فما كان النّاس في المدينة يفعلون هكذا باليهود الذين فيها، لكن إذا مثلاً لقيناهم ونحن خمسة وهم خمسة والطّريق لا يتّسع إلى لخمسة فقط، فهل نحن نفسح لهم ونمشي واحدًا واحدًا حتى يتجاوزوا أو بالعكس؟
الطالب : بالعكس.
الشيخ : بالعكس، نضطرّهم إلى الأضيق، أمّا نحن فنبقى أعزّاء.
( لا تبدأوا اليهود ) : اليهود هو الذين يدّعون أنّهم أتباع موسى، والنّصارى هم الذين يدّعون أنّهم أتباع عيسى.
سمّي اليهود بذلك نسبة إلى جدّهم يهوذا، وسمّي النّصارى بذلك من المناصرة لأنّهم نصروا عيسى بن مريم ، أعني : أنّ طائفة منهم نصرته، وطائفة لم تنصره كما هو معروف في آية الصّفّ.
وقيل: إنّهم سمّوا نصارى من البلد المعروفة بالنّاصرة، فهو نسبة إلى مكان، وأيّا كان فهم الذين يدّعون أنّهم متّبعون لعيسى بن مريم، وقلنا: يدّعون، وأضربنا عن قول: يتّبعون، لأنّه لا يصحّ أن نقول أنّ النّصارى اليوم متّبعون لعيسى بل هم مكذّبون لعيسى كافرون به لا شكّ، لأنّ عيسى بن مريم قال لهم: (( يا بني إسرائيل إنّي رسول الله إليكم مصدّقا لما بين يديّ من التوراة )) فهذا موقفه من الرّسالات السّابقة.
وموقفه من الرّسالات اللاّحقة قال: (( ومبشّرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد )) ولم يقل مصدّقا بل قال : ومبشّرا، وهذا أبلغ لأنّ المبَشّر به يكون نعمة على من بُشّر به ، فيكون تصديقه من باب تصديق الخبر وشكر النّعم، ومع ذلك رفضوا هذه البشارة وأنكروها ولم يؤمنوا بمحمّد عليه الصّلاة والسّلام، إذن فهم حقيقة كافرون بعيسى ولا شكّ وعيسى خصمهم يوم القيامة، لأنّ الله سيقول له : (( يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للنّاس اتّخذوني وأمّي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي به حق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك )) إلى آخر الآيات، فعيسى هو خصمهم يوم القيامة، وهم مكذّبون له كافرون به، لكن الإسلام لسعته ورحابته أقرّهم على دينهم بالجزية، ولعلّه بما عندهم من الكتاب لعلّهم يهتدون ويرجعون إلى الصّواب.
وقوله: ( لا تبدأوهم بالسّلام ) ولم يقل: بالتّحيّة لأنّ التّحيّة أعمّ، فقد يضطرّ الإنسان إلى بداءتهم بالتّحيّة لكن نقول: لا تبتدأوهم بالسّلام، التحيّة مثل أهلا وسهلا ممكن أن يضطرّ الإنسان إلى أن يقول: لرجل نصراني أو يهودي أو وثني أهلا وسهلا، لكن لا يمكن أن يقول بمقتضى الشّرع إيش؟
السّلام عليكم، ( لا تبدأوهم بالسّلام ).
وعلم من قوله: ( لا تبدأوهم بالسّلام ): أنّنا نردّ عليهم السّلام، لأنّنا إذا رددنا فهم البادؤون، والنهّي إنّما هو عن بدائتهم، أمّا الرّدّ عليهم فلا.
ولكن كيف نردّ عليهم؟
نردّ عليهم بمثل ما حيّونا به، كما قال الله تعالى: (( وإذا حيّيتم بتحيّة فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها )) فبدأ بالأحسن ثمّ قال: (( أو ردّوها )) وهو الواجب، فإذا قال اليهودي أو النصراني: السّلام عليكم بلفظ صريح، فأقول: عليك السّلام، بلفظ صريح، وإذا قال: السّام عليك، أقول: وعليك، وإذا احتمل الأمران أقول: عليك أيضًا.
وهذا أيضا من الآداب الإسلاميّة أنّه إذا قال: السّام عليك، لا أقول: وعليك السّام، أكون أنا أحسن أدبا منه، أقول: وعليك، ففي هذه الحال أكون قابلته بما قابلني به، ولهذا لمّا قالت عائشة في ردّها على اليهوديّ الذي مرّ بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقال : السام عليك يا محمّد، قالت: ( وعليك السّامّ واللّعنة ) نهاها الرّسول عليه الصّلاة والسّلام وقال: ( إنّ الله يحبّ الرّفق في الأمر كلّه )، وهذا من آداب الإسلام وعلوّه أن لا أنزل مثله إلى السّاحة التي نزل فيها وهي الدّعاء، بل أقول: عليك، كما قال لي، إن كان قال: السّامّ فهو عليه، وإن كان السّلام فهو عليه أيضا.
وقوله: ( وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه ) : إذا لقيتم أحدهم في طريق فلا تفسحوا له، اضطرّوه أي: ألجؤوه إلى الضّرورة إلى أضيقه، فلا تفسح له مهما كان، ولو كان أكبر منك مرتبة أو أغنى منك أو أعظم منك سلطة لا، لا تفسح له، إن بقي ولم يذهب يمينا ولا يسارا فلا تهتمّ به، اجعله هو الذي يميل يمينا أو يساراً ، وليس المعنى أنّك تلجؤه حتّى تضيّق عليه برصّه على الجدار، لماذا؟
لأنّ قول الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يفسّره فعله، وفعل أصحابه، فما كان النّاس في المدينة يفعلون هكذا باليهود الذين فيها، لكن إذا مثلاً لقيناهم ونحن خمسة وهم خمسة والطّريق لا يتّسع إلى لخمسة فقط، فهل نحن نفسح لهم ونمشي واحدًا واحدًا حتى يتجاوزوا أو بالعكس؟
الطالب : بالعكس.
الشيخ : بالعكس، نضطرّهم إلى الأضيق، أمّا نحن فنبقى أعزّاء.