فوائد حديث :( لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام ... ). حفظ
الشيخ : في هذا الحديث فوائد متعدّدة:
أوّلًا: النّهي عن بدأ اليهود والنّصارى بالسّلام، والأصل في النّهي التّحريم، ولا سيّما والقرينة هنا تدلّ عليه، وهو أنّ بَداءتهم بالسّلام فيه شيء من إكرامهم وإعزازهم والكافر لا يستحقّ إكراما ولا إعزازا لمّا قال المنافقون ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، قال الله تعالى: (( ولله العزّة ولرسوله ولرسوله )) وأمّا المنافقون فلا عزّة لهم وكذلك الكافرون.
ومن فوائد الحديث: جواز الرّدّ عليهم يؤخذ من المنطوق أو من المفهوم؟
الطالب : من المفهوم.
الشيخ : من المفهوم، لأنّه إذا كان نهى عن البداءة فالرّدّ جائز.
ولكن هل يجوز أن أزيد في الرّدّ على ما قال إذا قال: أهلا بأبي فلان، إذا قال: السّلام عليك، أقول: وعليكم السّلام ورحمة الله؟
يحتمل الآية تدلّ على أنّه فيه احتمال (( إذا حيّيتم بتحيّة فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها )) .
فإذا قال قائل: أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام نهى عن ابتدائهم؟
نقول: نعم عن الإبتداء لكن الزّيادة هنا صارت تابعة للرّدّ، ويغفر في التّوابع ما لا يغفر في الأوائل، لكن إذا خشينا أن يتعاظم في نفسه لو رددنا عليه بأكثر فحينئذ نمنعه من أجل هذه المفسدة.
ومن فوائد الحديث: أنّ المسلم ينبغي أن يكون عزيزًا في دينه لا بشخصه، فيرى في نفسه أنّه عزيز بما يحمله من دين الله من غير فخر ولا خُيلاء، لأنّه إذا رأى أنّه عزيز بالدّين لم يكن عنده فخر ولا خيلاء لأنّ الدّين يحارب الفخر والخيلاء، لكن لا ينبغي أبدًا أن يذلّ أمام الكفار، وينبني على ذلك أنّنا لا نقلّدهم فيما لا خير لنا فيه، أمّا ما فيه خير كالصّنائع وغيرها فهذا ليس تقليدا لهم في الواقع وإنّما نأخذ من علومهم ما ننتفع به، كما أخذ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مِن عبد الله بن أريقط دلالته على الطّريق، ولم يقل: هذا مشرك فلا آخذ بدلالته، بل أخذ بدلالته.
فإن قال قائل: وهل يلحق غير اليهود والنّصارى بهم في النّهي عن بداءتهم بالسّلام؟
الجواب : نعم ، بل من باب أولى ، لأنّ اليهود والنّصارى أهل كتاب ولهم من الخصائص والمزايا ما لا يوجد في غيرهم ، فإذا كان كذلك فإذا نهي عن بداءتهم بالسّلام فغيرهم من باب أولى.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّنا لا نفسح المجال لهم عند الملاقاة في الطرق لقوله: ( وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطرّوه إلى أضيقه ).
ومن فوائد الحديث: أنّه يجوز أن نمكّن اليهود والنّصارى من المشي في الطّرقات وغير ذلك، لأنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لم يقل : اطردوهم، قال: ( اضطروّهم إلى أضيقه ).