فوائد حديث :( لا سبق إلا في خف أو نصلٍ أو حافرٍ ). حفظ
الشيخ : يستفاد من هذا الحديث فوائد:
أوّلًا: تحريم المسابقة على عوض إلاّ في هذه الثّلاثة، وجه ذلك قوله: ( لا سَبَق ) وهذا النّفي بمعنى النّهي، فهو نفي لكن يراد به النّهي، كقوله تعالى: (( ذلك الكتاب لا ريب فيه )) : نفي لكنّه بمعنى النّهي أي: لا ترتابوا فيه، الأخ عادل؟
الطالب : السلام عليكم يا شيخ.
الشيخ : وعليكم السّلام ورحمة الله، الآن بدأنا قبل قليل في درس بلوغ المرام.
الطالب : طيب خير إن شاء الله.
الشيخ : طيب، فإن قال قائل: وهل تجوز المسابقة في غير ذلك على غير عوض؟
فالجواب: نعم، تجوز المسابقة على غير عوض في غير هذا، تجوز المسابقة في المصارعة، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم صارع ركانة بن يزيد، وتجوز المسابقة على الأقدام، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سابق عائشة، وتجوز المسابقة في كلّ عمل مباح لكن بلا عوض.
وأمّا العمل غير المباح فلا تجوز المسابقة فيه مثل: النّرد، والشطرنج، وما أشبههما.
وبذلك نعرف أنّ المسابقة على ثلاثة أقسام:
القسم الأوّل: ما جاز بعوض وبغير عوض، وهو هذه الثّلاثة.
والثاني: ما حرم بعوض وغيره مثل؟
الطالب : النرد.
الشيخ : النّرد والشّطرنج، وضابطه: " أنّه يلهي كثيرا ويكسب قليلا " ، فكلّ ما ألهى كثيرا وأكسب قليلا فإنّه محرّم.
والثالث: ما يجوز بلا عوض ولا يجوز بعوض وهو المسابقة في الأشياء المباحة. لكن القسم الثاني الذي لا يجوز بعوض ولا غيره، يرخّص فيه للصّبيان ما لا يرخّص فيه للكبار، وذلك لأنّ الصّبيّ لا بدّ أن يلهي نفسه باللّعب والمسابقة وما أشبه ذلك، وليس مُكلّفا بحفظ الوقت كما يكلّف الكبير، فلهذا يرخّص للصّبيان في أشياء من اللعب لا ترخّص للكبار.
من فوائد هذا الحديث: أنّ ظاهره أنّه يجوز السَّبَق ولو كان من أحد المتسابقين، مثل أن يقول أحدهما للثاني: سأسابقك على فرسي، وأنت على فرسك، والغالب منّا له ألف درهم، ثمّ يتسابقان على ذلك، فمن سبق أخذ ألف الدّرهم وهذا هو القول الرّاجح: أنّه يجوز أن يكون السَّبَق من أحد المتسابقين بدون أن يكون هناك طرف ثالث يسمّى المحلّل، لأنّ هذا حلال ولا يحتاج إلى محلّل. ولكن بعض أهل العلم -رحمهم الله- قال: لا، لا يحقّ لأحد المتسابقين إلاّ بمحلّل، بأن يدخل معهما مسابق ثالث يساوي فرسُه فرسيهما، وهذا الثالث لا يؤخذ منه شيئًا، إن سبق فله وإن سُبِق فليس عليه شيء، وعلّلوا ذلك قالوا: لأجل أن تخرج الصّورة عن مشابهة القمار، ولكنّ هذا القول ضعيف جدّا، لأنّ الشّارع أجاز القمار في هذا لغلبة المصلحة، والمصلحة إذا كانت كبيرة أكبر من مضرّة المفسدة فإنّها تغلّب، لأنّ الدين الإسلامي إنّما جاء لتحصيل المصالح الخالصة أو الرّاجحة، فإذا ترجّحت المصلحة انغمرت المفسدة فيها وكان ذلك جائزًا.