كتاب الأطعمة. حفظ
الشيخ : ثمّ قال المؤلف: " كتاب الأطعمة " :
الأطعمة: جمع طعام، وهي: ما يؤكل ويشرب، كلّ ما يؤكل ويشرب فهو طعام.
فإن قال قائل: ما يؤكل واضح أنّه طعام ولكن ما يشرب هل يسمّى طعاماً؟ الجواب: يطعم، الذي يشرب يطعم، فيكون طعامًا من هذه النّاحية لقوله الله تبارك وتعالى: (( فمن شرب منه فليس منّي ومن لم يطعمه فإنّه منّي ))، إذن الأطعمة هنا تشمل إيش؟
الأكل والشّرب.
واعلم أنّ الأصل في الأطعمة أكلا أو شرباً هو الحلّ، لقول الله تعالى: (( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ))، ولقوله تبارك وتعالى: (( وأنزلنا من السّماء ماءً طهورًا لنحييَ به بلدة ميتًا ونُسقِيَه ممّا خلقنا أنعامًا وأناسيّ كثيرًا )) وهذا الماء النازل من السّماء ولقول النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم في البحر: ( هو الطهور ماؤه، الحلّ ميتته ) فالأصل هو إيش؟
الحلّ، وقد أنكر الله عزّ وجلّ على من حرّم ذلك بغير دليل فقال: (( قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطّيّبات من الرّزق ))، وعليه فإذا اختلف اثنان في حلّ شيء مأكول فمن الذي يطالب بالدّليل؟
الطالب : الذي يحرم.
الشيخ : الذي يمنع ويحرّم هو الذي يطالب بالدّليل، وكذلك يقال في المشروبات إذا تنازع اثنان في شراب، فقال: أحدهما حلال، وقال الثاني: حرام، فالذي يطالب بالدّليل هو القائل بأنّه حرام.
إذن فالأصل الحلّ، وهل الأصل الطّهارة؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم، ما دمنا نقول: الأصل الحلّ، فالأصل الطّهارة في كلّ شيء، وسنبيّن إن شاء الله في المستقبل الأصول التي يدور عليها التّحريم:
فمنها: ما كان ضارّا، ما كان ضارّا فهو حرام، لكنّ الضارّ ينقسم إلى قسمين: ضارّ بذاته، وضارّ لعارض:
الضّارّ لذاته مثل السّمّ هذا حرام ، لأنّه ضارّ قاتل، وقد قال الله تعالى: (( ولا تقتلوا أنفسكم )).
والضّارّ لعارض: مثل الحلى لمن أصيب بالسّكّر، وكان يضرّه فإنّه يحرم عليه أن يأكله وإن كان في الأصل حلالاً، بل قال شيخ الإسلام -رحمه الله- : " إنّه يحرم أن يأكل الإنسان شيئا يتأذّى به وإن لم يضرّه " كيف ذلك ؟
يعني بأن يملأ بطنه من الطّعام ولا سيما إن كان مالحًا، حينئذ يحتاج إلى إيش؟
الطالب : ماء.
الشيخ : إلى ماء، وإذا شرب ماء وقد ملأ بطنه من الطّعام ، فإنّه على خطر أن ينفجر أو على الأقلّ يتأذّى .
والعجيب أنّنا نأكل كثيرًا ثم نطلب مهضّمات ، طيب ليش تأكل كثير؟
كل قليلا واسلم من أن تبذل دراهمك في مهضّمات، لكن طبيعة الإنسان هكذا، ولهذا كان دعاء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لمعاوية رضي الله عنه : أن يأكل بسبعة أمعاء ليس هذا للقدح فيه، بل هذا لأجل أن تطيب له الحياة، لأنّ معاوية صار ملكاً أو خليفة يؤتى له بكلّ شيء، فإذا وسّع الله بطنه وأكثر أكله صار هذا من جملة التّنعّم في الدّنيا.
طيب إذن الضارّ سواء كان ضارّا بنفسه أو لعارض فإنّه يكون حراما.
النّجس: كلّ نجس حرام، حتى لو قيل أو تصوّر أحد أنه ليس بضارّ فإنّه حرام ، لأنّه إذا كان يجب التّخلّي عن النّجس ظاهرًا فالتّخلّي عنه باطنًا من باب أولى. فإن قال قائل : ألا نقول له : كل هذا النّجس واغسل فمك ويديك إن تلوّثت به!
نقول: لا، لأنّ الله تعالى لم يجعله نجسا يجب التّحرّز منه إلاّ لضرر فيه لكن الضّرر قد يظهر، ويكون الضّرر بطيئا لا تظهر أعراضه إلاّ بعد حين.