عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) . متفق عليه . حفظ
الشيخ : قال المؤلف : " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) متفق عليه " :
قوله : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ) يعني : أن الإنسان إذا اعتمر ثم اعتمر ثانية فإن ما بين العمرتين يقع مُكفرًا ، كفارة لما بينهما .
وما : اسم موصول يفيد العموم ، فظاهره يشمل الصغار والكبائر ، ولكن قد سبق لنا قريباً : أن جمهور أهل العلم يرون أن مثل هذه الأحاديث المطلقة مقيدة باجتناب الكبائر ، قياسًا على : ( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان ) ، قالوا : فإذا كانت هذه الفرائض التي هي أصول الإسلام لا يكفّر بها إلا الصغائر فما دونها من باب أولى طيب .
وقوله : ( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) : الفرق بين العمرة والحج هنا ظاهر جدا لأن أقصى ما تفيده العمرة أن تكفّر السيئات التي بين العمرة والعمرة الأخرى أما هذا فيحصل به المطلوب ، يعني في العمرة إلى العمرة نجاة من المرهوب ، نجاة من المرهوب وهو السيئات وآثارها .
أما هذا ففيه حصول المطلوب وهو الجنة ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم اشترط في الحج أن يكون مبرورا أي : حج بر وهو الذي جمع أوصافا نذكرها الآن :
أولاً : أن يكون خالصًا لله عز وجل يعني لا يحمل الإنسان على الحج طلب مال أو جاه أو فرجة أو لقب أو ما أشبه ذلك ، بل يكون نيته التقرّب إلى الله عز وجل والوصول إلى دار كرامته ، وهذا شرط في كل عبادة كما هو معروف . الثاني : أن يكون بمال حلال ، فإن كان بمال حرام فإنه ليس بمبرور حتى إن بعض العلماء يقول : إذا حجّ بمالٍ حرام فإنه لا حج له ، لأنه كالذي يصلي بأرض مغصوبة ، وأنشدوا على ذلك :
" إذا حججتَ بمالٍ أصلهُ سُحتُ *** فما حججتَ ولكن حجة العيرُ " .
الشرط الثالث : أن يقوم الإنسان فيه بفعل ما يجب ، أن يقوم بفعل ما يجب ، ليكون عبادة ، فأما إذا لم يقم فيه بفعل ما يجب فليس بمبرور ، كما يفعل بعض الناس اليوم : يذهب ليحج فيوكّل من يرمي عنه ، ويبيت في مكة ، ويذبح هديًا عن المبيت في مكة ، ويخرج من مزدلفة من منتصف الليل أو من صلاة المغرب والعشاء ، نعم يتتبع الرخص ، ثم يقول : إنني حججت ، والذي يظهر والعلم عند الله : أن حال مثلِ هؤلاء أن يقول : لعبت لا حججت ، أين الحج من رجل لا يبيت إلا في مكة ويوكّل من يرمي عنه الجمار ، ويقول : أذبح هديا لترك المبيت ، ويتقدم من مزدلفة مبكرًا ، إذا كان لا يمكنك أن تحج إلا على هذا الوجه فخير لك ألا تحج .
المهم من شرط كون الحج مبرورا أن يأتي فيه بما يجب .
وليعلم أن الإنسان ليس بالخيار بين أن يقوم بالواجب أو يفدي عنه ليس بالخيار ، ولكنه إذا ترك الواجب نقول له : اذبح فدية ، أما أن نقول : أنت بالخيار معناه يمكن الواحد يحج يقف بعرفة ويطوف ويسعى وخلاص ، والباقي يقول أذبح، أذبح عن المبيت بمزدلفة عن المبيت بمنى عن رمي الجمار هاه وأمشي .
طيب الشرط الرابع لكون الحج مبرورًا : أن يتجنب فيه المحظور لقوله تعالى : (( فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج )) .
طيب ومن ذلك : ألّا تحج المرأة إلا بمحرم ، فإن حجت بغير محرم لم يكن حجها مبرورًا ، بل قال بعض العلماء : لم يكن حجها مقبولاً ، لأن هذا السفر سفر محرم ، والمحرم لا يكون ظرفًا لعبادة صحيحة فهي كالزمن المغصوب بالنسبة لها .
طيب هل يشترط أن يكون الإنسان فيه أشعث أغبر ؟
الطالب : لا يشترط .
الشيخ : ما يشترط ؟
لا يشترط ولكن هل يشترط ألا يزيل الإنسان عنه الشعث والغبر ، لأن بين هذين فرق ، يعني هل يشترط أن الإنسان إذا أصابه الشعث والغبر لا يزيله ؟ ليس بشرط ولهذا ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يغتسل وهو محرم ، ومعلوم أنه لن يغتسل من جنابة وهو محرم ، وهذا يدل على أنه ليس من شرط المبرور أن يكون الإنسان أشعث أغبر ، وأن الإنسان لو تنظف فلا حرج عليه .
طيب هل يشترط للحج المبرور ألا يستعمل ما فيه الرفه من مبردات وكونديشات ، وماء بارد ، وسيارة مريحة أو لا ؟
الطالب : لا .
الشيخ : الظاهر أنه لا يشترط وأنه لا حرج على الإنسان أن يستعمل ما يريحه ، وإن كان بعض الناس يقول : الأفضل ألا يتعرض لمثل هذه الرفاهية ، لأنه قد يكون للشارع غرض في أن يكون الإنسان خشنا ولهذا يباهي الله بالواقفين بعرفة الملائكة يقول : ( أتوني شعثا غبرا ضاحين ) .
طيب إذن الشروط التي يجب أن تتوفر لكون الحج مبرورا أربعة .
الطالب : في واحد !
الشيخ : ما هو ؟
الطالب : المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : ممكن المتابعة نأخذها من فعل الواجب وترك المحظور ، وإن شئنا زدنا هذا لا مانع علشان أنه يأتي به بأوصافه ، يعني معناه إنه المكملات ، إيه نعم.