وعنه رضي الله عنهما قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( إن الله كتب عليكم الحج ) فقام الأقرع بن حابس فقال : أفي كل عام يا رسول الله ؟ قال : ( لو قلتها لوجبت ، الحج مرة ، فما زاد فهو تطوع ) . رواه الخمسة غير الترمذي . وأصله في مسلم من حديث أبي هريرة . حفظ
الشيخ : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- " وعنه " : أي عن ابن عباس رضي الله عنها قال : " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( إن الله كتب عليكم الحج ، فقام الأقرع بن حابس فقال : أفي كل عام يا رسول الله ؟ قال : لو قلتها لوجبت الحج مرة فما زاد فهو تطوع ) رواه الخمسة غير الترمذي " :
انتهى النسخة التي عندي .
الطالب : ...
الشيخ : هاه كيف ؟
نعم وأصله في مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، يقول ابن عباس رضي الله عنه : ( خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : وهذه الخطبة يحتمل أن تكون من الخطب الراتبة ، ويحتمل أن تكون من الخطب العارضة ، وقد سبق لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب أصحابه خطباً راتبة كخطبة يوم الجمعة والعيدين والاستسقاء ، وأحيانا خطبة عارضة يكون لها سبب، فيقوم يخطب .
فقال: ( إن الله كتب عليكم الحج ) كتب بمعنى : أوجب كقوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام )) وقوله : (( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا )) .
وسمي الفرض كتابة لأنه كلما أريد أن يوثق الشيء فإنه يكتب ، كما قال الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه )) ، فالمفروض مكتوب كأنه وثق بهذه الكتابة .
وقوله : الحج ، قال العلماء إن الحج لغة القصد ، وشرعاً : " قصد مكة للتعبد لله سبحانه وتعالى بأداء المناسك " .
( فقام الأقرع بن حابس ) : وهو من زعماء بني تميم ومن المؤلفة قلوبهم.
فقال : ( أفي كل عام يا رسول الله ) : وهذا السؤال من الأسئلة التي لا تنبغي ولهذا كان الحديث في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنه لما قال أفي كل عام يا رسول الله قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ، ذروني ما تركتكم ، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم ، إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ) .
فقوله عليه الصلاة والسلام : ( ذروني ما تركتم ) : تفيد أنه كان لا ينبغي أن يسأل هذا السؤال ، ولكن على كل حال قد يكون في هذا السؤال خير لئلا يشتبه على من يأتي من بعده من الأمة .
قال : ( يا رسول الله أفي كل عام ؟ قال : لو قلتها لوجبت ) : يعني لو قلت في كل عام لوجبت يعني لثبتت وصار الحج فريضة كل عام ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بيّن فيما رواه مسلم قال : ( ولما استطعتم ) ، فإنه لو وجب على الناس كل عام ما استطاعوا ، أولًا : ما استطاعوا أن يأتوا كل عام إلا بمشقة شديدة .
ثانيًا : لو استطاعوا ما استطاعوا أن يؤدوا المناسك ، لأنه لو فرضنا أن المسلمين في مثل هذا العصر يمثلون كم ؟
الطالب : ألف مليون .
الشيخ : ألف مليون ها ؟
الطالب : مليار .
الشيخ : طيب إذا مثلوا هذا ولنقل أن القادر منهم على الحج نصف هذا العدد لو جاء نصف هذا العدد إلى مكة مثلا هل يستطيعون أن يقوموا بشيء ؟ لا يستطيعون .
لهذا هم لا يستطيعون لا باعتبار أفرادهم أنه يشق عليهم أن يأتوا كل عام إلى مكة لاسيما من البلاد البعيدة ، ولا باعتبار اجتماعهم حول الكعبة ، فإن هذا مشقة شديدة أيضا .
وهذا من نعمة الله عز وجل أنه لم يجب إلا كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( الحج مرة ) مرة واحدة ، ( فما زاد فهو تطوع ) : يعني الحج واجب مرة واحدة ، فما زاد على المرة الواحدة فهو تطوع ، إن شاء الإنسان أتى به وإن شاء لم يأت به .