عن عائشة رضي الله عنها قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع ، فمنا من أهل بعمرة ، ومنا من أهل بحج وعمرة ، ومنا من أهل بحج ، وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج ، فأما من أهل بعمرة فحل عند قدومه ، وأما من أهل بحج أو جمع بين الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر . متفق عليه . حفظ
الشيخ : الإحرام له ثلاثة أنواع : كما سيأتي في هذا الحديث وهو قوله : " عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهلّ بعمرة ، ومنا من أهلّ بحج وعمرة ، ومنا من أهلّ بحج ، وأهلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج ) " :
فصلت ، إذن الأقسام ثلاثة : ( منا من أهلّ بعمرة ، ومنا من أهلّ بعمرة وحج ، ومنا من أهلّ بحج ) : فهذه ثلاثة أنواع :
الذين أهلوا بعمرة تقول رضي الله عنها : " ( فحل عند قدومه ، وأما من أهلّ بالحج ، أو جمع بين الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر ) متفق عليه " :
هذه بيان الإحرام وصفته ، الذين يهلون بعمرة يحلون إذا قدموا يعني بعد الطواف والسعي والتقصير يحلون، إحلالا كاملا ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم إحلالا كاملا لأن من الصحابة رضي الله عنهم لما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالتحلل : ( قالوا : الحل كله ؟ قال : الحل كله ) : يحل فيه جميع محظورات الإحرام حتى النساء ، واضح ؟
هؤلاء الذين يحرمون بعمرة يطوفون ويسعون ويقصرون ويحلون إحلالا كاملا ويسمى هذا النوع تمتعا ، لأن هذا الرجل تمتع بالعمرة إلى الحج ، يعني تمتع بالعمرة لما أحل منها حصل له التمتع بما أحل الله له بإحلاله ، تمتع بماذا ؟
بكل المحظورات ، باللبس والطيب والتنظف بأخذ الشعر وكذلك بالنساء وغير ذلك ، تمتع .
بالعمرة أي : بسببها إلى الحج : هذا هو التمتع ، وهذا أفضل الأنساك ، إلا من ساق الهدي فإن القران في حقه أفضل .
من أهلّ بعمرة وحج فإنه إذا وصل مكة طاف وسعى ولم يحل ، يبقى على إحرامه ، لا يحل ، إذا كان يوم العيد حلَّ مع الذين يُحلون من المتمتعين ، يعني ما يحل إلا بعد رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير .
طيب من أهل بحج ؟
فكمن أهل بعمرة ، ها ؟
من أهل بحج فكمن أهل بعمرة وحج كالقارن ، يعني إذا قدم مكة طاف وسعى وبقي على إحرامه ، يبقى على إحرامه حتى يرمي جمرة العقبة يوم العيد ، ويحلق أو يقصر ، أفهمتم الآن ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب فصارت الأنواع ثلاثة : التمتع والقران والإفراد .
التمتع صفته : أن يحرم الإنسان من الميقات بالعمرة فإذا وصل مكة طاف وسعى وقصر وحل ، فإذا كان اليوم الثامن أحرم بالحج.
القران والإفراد يحرم مِن الميقات ، وإذا وصل إلى مكة طاف وسعى ولم يقصر بل بقي على إحرامه إلى يوم العيد ، إلى أن يرمي جمرة العقبة ويحلق أو يقصر ، مفهوم الآن واضح ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب الآن نقول : أيهما أفضل ؟
نقول : التمتع أفضل إلا لمن ساق الهدي فالقران أفضل، لتعذر التمتع في حقه ، التمتع في حق من ساق الهدي لا يمكن ، لأنه لا يمكن أن يحل ، التمتع عرفتموه فهو أفضل ، الدليل ؟
أولًا : لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به أصحابه وحتَّم عليهم ، حتى غضب لما توانوا في تنفيذ ذلك .
ثانيًا : أنه أيسر للمكلف ، وما كان أيسر للمكلف فهو أحب إلى الله : ( أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة ) كما يروى في الحديث ، ( وإن الدين يسر ) ، كما صح به الحديث .
ثالثًا : أنه أكثر عملا ، فإن الإنسان يأتي فيه بعمرة تامة وبحج تام ، فيطوف طواف العمرة ويسعى ، ويطوف طواف الحج ويسعى خلافاً لمن قال: إن المتمتع يكفيه السعي الأول سعي العمرة، فإن هذا قول ضعيف جداً ، ولا يصح من حيث الدليل ولا من حيث التعليل ، أما من حيث الدليل فإنه قد صح في البخاري وغيره من حديث ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم : ( أن الذين حلوا من إحرامهم طافوا بين الصفا والمروة طوافين ) : يعني أنهم طافوا مرتين وسعوا سعيين .
وأما من حيث المعنى، فلأن العمرة انفصلت عن الحج انفصالًا تامًا ، حتى إنه يفعل بينهما كل ما يُفعل في حال الحل ، وهذا انفصال تام ، فكيف يقال : إن جزءً من العمرة يكون مجزءً عن جزء من الحج ؟!
رابعًا : أن الله أوجب على الإنسان أن يطوّف بالصفا والمروة في الحج والعمرة فقال : (( فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما )) : إذن فالحج لابد فيه من سعي ، والعمرة لابد فيها من سعي .
وأما حديث جابر الذي اعتمد عليه من قال: إنه يكفيه سعي واحد وهو ما رواه مسلم أنه قال رضي الله عنه : ( لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بالصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا طوافه الأول ) : فهذا الجواب عنه سهل جدًا فيقال : المراد بأصحابه الذين كانوا مثله وهم القارنون ، ومعلوم أن القارن يكفيه سعي واحد ، ولا يمكن أن يراد به كل أصحابه ، وذلك لحديثي ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم وللمعنى الذي أشرنا إليه .
وكذلك من استدل بقوله : ( دخلت العمرة في الحج ، وشبك بين أصابعه ) : فهم أنفسهم لا يقولون بمقتضى ظاهر الحديث ، إذ لو أخذنا بمقتضى ظاهر الحديث لقلنا أيضا يكفيه طواف العمرة عن طواف الحج ولا قائل به ، وإنما دخلت العمرة في الحج أي : إن الحج كما يكون في هذه الأشهر كذلك العمرة وكذلك ما ثبت للحج من أحكام ثبت للعمرة إلا ما دل عليه الدليل ، فإن العمرة دخلت في الحج ، فهي حج كما جاء في الحديث الصحيح في المرسل الذي تلقته الأمة بالقبول : قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( والعمرة حج أصغر ) .
طيب أما القارن : القران له صفة متفق عليها وهي : أن يحرم بالعمرة والحج جميعا فيقول : لبيك عمرة وحجًا ، فإذا قال : من الميقات لبيك عمرة وحجًا فهو قارن .
وسبق أن صفة القِران أنه إذا وصل إلى مكة طاف وسعى وبقي على إحرامه إلى يوم العيد ، فيرمي جمرة العقبة ويحلق أو يقصر ويحل التحلل الأول .
طيب الصفة الثانية للقران ؟ أن يحرم بالعمرة ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافه ، وهذا وقع لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين أَحرمت بالعمرة فحاضت ، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تحرم بالحج ، وقال : ( طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعك لحجك وعمرتك ) ، فهنا أحرمت أولاً بماذا ؟
بالعمرة ، ثم أدخلت الحج عليه على العمرة قبل الشروع في الطواف ، وهل هذه الصفة مشروطة بالضرورة أو جائزة في حال الاختيار ؟
المشهور من مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- أنها جائزة حتى في حال الاختيار. الصفة الثالثة : أن يحرم بالحج أولًا ثم يُدخل العمرة عليه ، يحرم بالحج أولًا فيقول : لبيك حجًا من الميقات ، ثم يبدو له فيدخل العمرة عليه فيقول : لبيك حجا وعمرة ، فهذا فيه خلاف بين أهل العلم فمن العلماء من أجازه وقال : لا بأس به واستدل بظاهر فعل الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قالت عائشة : ( إنه أحرم بالحج مع أنه أتاه آت وقال له : قل عمرة في حجة ) ، فيقولون : إن الجمع بين حديث عائشة وبين الحديث الآخر أن الرسول أحرم صلى الله عليه وسلم بالحج أولاً ثم أدخل العمرة عليه ، وقالوا : إن العمرة أحد النسكين ، فإذا جاز إدخال الحج عليها جاز إدخالها عليه ، وحينئذ تكون الأفعال واحدة .
المهم أن القران كم صورة له ؟
الطالب : ثلاثة .
الشيخ : ثلاثة أن يحرم بالعمرة والحج جميعا ، أن يحرم بالعمرة أولا ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافه ، الثالث : أن يحرم بالحج أولا ثم يدخل العمرة عليه وهذه الصورة فيها خلاف قوي بين أهل العلم والمشهور من مذهب الحنابلة أنه لا تصح هذه الصورة ، وقالوا : إذا أدخل العمرة على الحج فإدخاله لا عبرة به ، ويبقى على نية الحج .
الإفراد له صورة واحدة وهي : أن يحرم بالحج وحده ، فيقول : لبيك حجًا ، وإذا وصل مكة طاف وسعى وبقي على إحرامه إلى يوم العيد ، ذكرنا أن التمتع أصل الأنساك ، وذكرنا كم وجها له ؟
الطالب : واحد ، التمتع واحد .
الشيخ : التمتع أفضل الأنساك وذكرنا لفضيلته كم من وجه ؟
الطالب : أربعة .
الشيخ : أربعة أوجه إي نعم لفضيلته أربعة أوجه ، إي نعم صفته ، هو صفته لغة .
طيب قلنا : إلا من ساق الهدي فالقران في حقه أفضل لتعذر التمتع في حقه . ولكن هل الأفضل أن يسوق الإنسان الهدي ويقرن ؟
هل الأفضل أن يسوق الهدي ويقرن أو الأفضل أن لا يسوق ويتمتع ؟
في هذا خلاف بين العلماء :
منهم من قال : الأفضل أن لا يسوق ويتمتع ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : ( لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولأحللت معكم ) .
ومنهم من قال : بل سوق الهدي والقران أفضل ، لأن هذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولأنه أظهر في إظهار الشعائر ، لأن الإنسان يأتي بالهدي معه يسوقه ، وهذا لا شك أن فيه من إظهار الشعائر ما ليس في من لم يسق الهدي .
وأجابوا عن قوله : ( لو استقبلت من أمري ما استدبرت ) أنه قال ذلك : من أجل أن يطيّب قلوب أصحابه ، وأنه يقول : لو علمت بأن الأمر سيبلغ منكم ما بلغ حتى يشق عليكم هذه المشقة ، لو علمت بذلك ، ما سقت الهدي ولأحللت معكم ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يترك الاختيار مراعاة لأصحابه ، كما ترك الجهاد عليه الصلاة والسلام في كل سرية مراعاة لأصحابه الذين لا يستطيعون أن يصاحبوه في كل سرية ، وليس عنده ما يحملهم عليه ، فهو لا يحب أن يشق عليهم ولا عنده ما يحملهم فيخرج بهم ، وكما ترك الصيام مراعاة لأصحابه فقالوا إن قوله : ( لو استقبلت من أمري ما استدبرت ) بهذا المعنى .
وعندي أن الأقرب أن التمتع أفضل إلا لمن ساق الهدي فالقرآن أفضل ، ليجمع في ذلك بين قول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله.
طيب هذه الأنساك الثلاثة أيها التي يجب فيها الهدي ؟
التمتع بالنص والإجماع ، قال الله تعالى : (( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم )) ، وهذا لا إشكال فيه ، وهو مجمع عليه.
القارن كالمتمتع ، يلزمه الهدي ، وهذا قول جمهور أهل العلم ، ووجه مشابهته للمتمتع أنه حصل له نسكان في سفر واحد ، فقد تمتع بالعمرة بالترفه بترك أحد السفرين ، معلوم هذا ولا لا؟
الطالب : لا.
الشيخ : ماهو معلوم ، يقول العلماء: إن القارن تمتع ليس بالحل بين العمرة والحج لأنه ما عنده حل، ولكن بترك أحد السفرين، لأنه لو أحرم مفردًا لكانت العمرة تتطلب سفرًا آخر، فلما أحرم بهما جميعًا ترفه بترك السفر الثاني للعمرة ، فهو مترفه بترك أحد السفرين وهذا نوع من التمتع ، ولهذا أدخله كثير من أهل العلم بنص الآية : (( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج )) : هذا وجه البيان .
أما الآية فلا شك أنها نص في المتمتع الذي أحرم بالعمرة وأحل منها ، لأنه قال (( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج )) ولهذا قال الإمام أحمد : " إن القارن ليس كالمتمتع " : يعني أن وجوب الهدي عليه أمر لا إشكال فيه .
إذن القارن عليه الهدي عند جمهور أهل العلم ، لأنه متمتع ، بماذا ؟
بالترفه بترك أحد السفرين .
أما المفرد فلا هدي عليه ، لأنه لا يدخل في التمتع لا لفظا ولا معنى فلا يجب عليه الهدي .
طيب في حديث عائشة رضي الله عنها فيه إشكال وهو قولها : ( وأهلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج ) :
قولها : بالحج ، نقول : ذهب بعض العلماء إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفردًا بالحج ، نعم ، وأخذوا بذلك ، وقالوا : الإفراد أفضل من القران والتمتع ، ولكن الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم حج قارنًا، قال الإمام أحمد، وهو إمام أهل السنة والحديث ، قال : " لا أشك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنًا والمتعة أحب إلي " .
وثبت في الصحيحين : ( أن الرسول عليه الصلاة والسلام جاءه الملك وقال له : قل: عمرة وحجة ، أو عمرة في حجة ) : وهذا لا يمكن أن يقع فيه مخالفة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيحرم بالحج .
فإذا كان الأمر كذلك فما الجواب عن الحديث ؟
يعني إذا كان الأمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم حج قارنا فما الجواب عن الحديث ؟
قال بعض العلماء : إن الجواب عن الحديث أنه لما كان فعل القارن كفعل المفرد ظنت عائشة رضي الله عنها أنه كان مفردًا، وهذا ليس بصحيح، لأنه يقال: إذا كانت علمت أن بعض الصحابة أحرم بحج وعمرة فكيف تجهل أن الرسول صلى الله عليه وسلم أحرم بحج وعمرة ، هذا شيء بعيد جدًا.
ومنهم من قال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أحرم أولاً بالحج ثم أدخل العمرة عليه، فقالت عائشة : أحرم بالحج باعتبار ابتداء الإحرام، ثم أدخل العمرة عليه وهذا ينطبق تمامًا على قول من يقول: بجواز إدخال العمرة على الحج، أما من لا يقول بذلك فإنهم لا يقرون هذا الجواز ، نعم ؟
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأجمعين :
سبق لنا وجوه الإحرام وصفته ، ولم يسع ، وهو كان قارنا ، طيب إذن ما الفرق بين المفرد والقارن في الأفعال طلال ؟
الطالب : المفرد ...
الشيخ : يتساوى أو يتفق المفرد والقارن في الأفعال ، ويختلفان في أن القارن عليه هدي والمفرد لا هدي عليه ، أن القارن يحصل له عمرة وحج والمفرد حج فقط .
طيب المتمتع يتفق مع القارن في أن كل منهما عليه هدي ويختلفان في أن المتمتع يأتي بعمرة مستقلة وحج مستقل ، والقارن يأتي بحج اندمجت فيه العمرة ، تندمج أفعال العمرة بأفعال الحج .
طيب أيهما أفضل ؟
ذكرنا أن الأفضل لمن ساق الهدي القران ، ولمن لم يسق الهدي التمتع .
طيب وذكرنا أيضا أن الأنساك الثلاثة كلها جائزة إلى يومنا هذا ، فإن قلت : كيف تجيب عن أمر الرسول عليه الصلاة والسلام أصحابَه أن يجعلوها عمرة وغضبه حين لم يفعلوا ذلك ، ولم يبادروا ؟
فقلنا : الجواب على ذلك ما صح في صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه : ( أنه سئل عن المتعة أهي عامة أم خاصة قال : بل هي لنا خاصة ) : قال شيخ الإسلام رحمه الله : " أي أن وجوبها خاص في الصحابة " ، لأنهم لو امتنعوا رضي الله عنهم وصمموا على الامتناع لكان في ذلك مجابهة مع من؟
مع الرسول عليه الصلاة والسلام ، ثم حد لمنع هذا التمتع ، لأنهم لو لم يفعلوا ما فعل الناس ، لأنهم أسوة لهم ، فلما كانوا هم الأسوة وكان لامتناعهم مجابهة ومنع للتمتع أو لفسخ الحج إلى التمتع كان غضب الرسول عليه الصلاة والسلام عليهم شديدًا كيف يجابههم ليسنّ هذه الطريقة لأمته ثم يمتنعون ؟! فالغضب هنا ليس لأن هذا واجب من حيث هو واجب .
الحكم مشلولا لأن الصحابة لم يفعلوه ، وهم أسوة الأمة ، فغضبه لأنهم تمانعوا أو تهاونوا في تنفيذ أمر الرسول عليه الصلاة والسلام ، والفرق بينهم وبين غيرهم ظاهر ، ولهذا صح عن أبي بكر وعمر وعثمان وعن أعلام الصحابة رضي الله عنهم : أن الأنساك الثلاثة كلها جائزة ، وتكاد الأمة تجمع على ذلك إلا نفرًا قليلا من الصحابة ومن بعدهم ، لا يساوون ولا يسامون من قالوا بالجواز .