وعن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر قبل أن يحلق ، وأمر أصحابه بذلك . رواه البخاري . حفظ
الشيخ : " عن ابن مخرمة رضي الله عنه : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر قبل أن يحلق وأمر أصحابه بذلك ) رواه البخاري " :
هذا الحديث فيه سنة فعلية وسنة قولية ، الفعلية قال : ( نحر قبل أن يحلق ) . والقولية : ( وأمر أصحابه بذلك ) : أي بأن ينحروا قبل أن يحلقوا .
وهذا الحديث الذي ذكره المؤلف هنا إنما كان في صلح الحديبية ووضعه هنا فيه إيهام لأن من قرأه يظن أن ذلك كان في حجة الوداع ، والأمر ليس كذلك ، وإنما هذا الحديث في صلح الحديبية ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لما صالح قريشًا على أن يرجع ذلك العام ويأتي من العام المقبل أمرَ أصحابه أن ينحروا ثم يحلقوا نحر هو ثم حلق وأمر أصحابه بذلك فنحروا ثم حلقوا ، وفي هذا يقول الله تعالى : (( ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي مَحِله )) والآية أيضا ظاهرة في أنها في سياق الحديبية ، لأنه قال : (( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله )) : وعلى هذا فنقول : إن الإنسان إذا أُحصر في العمرة ومنع من الوصول إلى البيت فإنه يجب عليه أن ينحر الهدي الذي معه ، ويجب عليه أن يحلق رأسه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك وأمرَ به ، فإن لم يكن معه هدي وجب عليه شِراؤه حتى يذبحه لقوله تعالى : (( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي )) .
فإن لم يكن معه شيء يعني أنه فقير فالصحيح أنه لا شيء عليه خلافًا لمن قال من أهل العلم : إنه يجب عليه أن يصوم عشرة أيام قياسًا على هدي التمتع ، وذلك لأن الفرق بينهما ظاهر ، فإن هدي الإحصار كالفدية عن عدم إتمام النسك ، وأما هدي التمتع فهو كالشكر على إتمام النسك ، لأن الإنسان يتم له فيه في التمتع عمرة وحج فبينهما فرق ، فلا يمكن أن يقاس أحدهما على الآخر ، ولهذا لم يأمر النبي عليه الصلاة والسلام أحدًا من الصحابة أن يصوم مع أن كثيرًا من الصحابة فقراء ، ليس معهم هدي ولم يأمرهم بالصوم .
إذن نقول هذا الحديث فيمن أُحصر ، إذا أُحصر عن العمرة عن إتمامها فإنه ينحر الهدي إن كان معه ويشتريه إن لم يكن معه ثم ينحره ثم يحلق امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم واقتداء بفعله.