فوائد حديث: ( أن العباس ابن عبدالمطلب رضي الله عنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ... ). حفظ
الشيخ : فيستفاد من هذا الحديث عدة فوائد :
الفائدة الأولى: مشروعية المبيت بمنى ليالي أيام منى وهي: الحادية عشرة، والثانية عشرة، والثالثة عشرة لمن تأخر، وهذا متفق عليه بين العلماء.
ولكن هل المبيت واجب يأثم الإنسان بتركه ويلزمه دم بذلك أو ليس بواجب ؟
هذا محل خلاف بين أهل العلم فمنهم من قال : إنه واجب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بات بمنى وقال للناس : ( خذوا عني مناسككم ) .
ثانيًا: لأن العباس استأذن من رسول صلى الله عليه وسلم فأذن له، ولو لم يكن واجباً ما احتاج إلى الاستئذان .
ثالثًا: أنه داخل في عموم قوله تعالى: (( واذكروا الله في أيام معدودات )) فإن ذكر الله يكون بالقول ويكون بالفعل وهو المبيت.
ومن العلماء من قال: إنه سنة واستدل لذلك بأنه مراد لغيره، فإن المقصود الأعظم هو رمي الجمرات لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله )، ولم يقل: والمبيت في منى لإقامة ذكر الله.
ولأن الأصل براءة الذمة وعدم التأثيم بالترك .
وأما قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( خذوا عني مناسككم ) فمن المعلوم أن هذا الحديث ليس على عمومه بالاتفاق ، وإلا لوجبت الإشارة إلى الحجر الأسود، ووجب الرمل، وجب الاضطباع وغير ذلك من الأشياء التي ليست بواجبة .
وأما استئذان العباس فلا يمتنع أن يستأذنه في ترك مستحب، فيقول: ائذن لي وإن كان ليس بواجب.
ولكن الذي يظهر وجوب المبيت في منى، وأنه لا يجوز للإنسان أن يدع المبيت، ولكن ما مقدار الواجب منه ؟
قال العلماء : مقدار الواجب منه أن يبيت معظم الليل ، يعني أن يبقى في منى معظم الليل من أوله أو من آخره ، فإذا وصل إلى منى مثلا من مكة وهو في مكة في النهار ووصل إلى منى قبل منتصف الليل بساعة وبقي إلى الفجر يكون أتى بالواجب ها ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نعم لأنه بقي معظم الليل ، ولو بقي في منى إلى ما بعد منتصف الليل بساعة مثلا أجزأه ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : أجزأه لماذا ؟
لأنه بقي في منى معظم الليل .
طيب إذا قلنا بالوجوب فهل يلزمه دم بترك ليلة أو بترك الليلتين جميعاً أو بترك الثلاث إن تأخر ؟
نقول : لا يلزمه دم بترك ليلة ، إنما يلزمه الدم بترك الليلتين إن تعجل أو الثلاث إن تأخر ، فأما إذا ترك ليلة واحدة فلا يلزمه دم.
لكن قيل: لا يلزمه شيء لأنه لم يترك الواجب كاملا إذ الواجب المبيت هذه الليالي فإذا ترك ليلة لم يلزمه الدم لأنه لم يترك الواجب كله وهو لا يتجزأ.
وقيل: يلزمه أن يتصدق بشيء أي شيء يكون ، مدًا من طعام أو قبضة من طعام أو أي شيء وهذا رواية عن الإمام أحمد -رحمه الله- ، وأما أن يلزم بدم مع أنه لم يدع الواجب كله فلا وجه له .
طيب إذا قلنا بالوجوب فهل يسقط هذا الواجب عن أحد ؟
نقول: إن الإنسان إذا تركه للتشاغل بمصالح الحجاج فلا بأس به ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للعباس أن يدع المبيت من أجل السقاية ، وأذن للرعاة الذين يرعون إبل الحجاج أذن لهم أن يدعوا المبيت أيضًا لأنهم يشتغلون بحاجة عامة .
ومثل ذلك في وقتنا الحاضر الجنود، جنود الأمن أو جنود تسيير الحجاج، ومن ذلك أيضًا : الأطباء الذين يتلقون المرضى في المستشفيات، فإنه يسمح لهم في ترك المبيت.
كل من يشتغل بمصلحة عامة يعذر في ترك المبيت قياسًا على إيش ؟
الطالب : على السقاية والرعاة .
الشيخ : على السقاية وعلى الرعاة أيضا .
طيب فإن كان لمصلحة خاصة مثل أن تضيع بعيره فيخرج من منى يطلبها أو يضيع ولده مثلا فيخرج من منى يطلبه ، أو يكون مريضًا يحتاج إلى أن ينقل إلى المستشفى خارج منى فهل يلحق بهذا أو لا يلحق ؟
الطالب : يلحق .
الشيخ : قال بعض العلماء: إنه يلحق لأن هذا عذره عام وهذا عذره خاص وقد تكون الضرورة في العذر الخاص أشد .
وقال بعض العلماء: لا يلحق وذلك لأن من يشتغل بالمصلحة العامة لا يشتغل في الواقع لنفسه إنما يشتغل لغيره ، ولهذا يرخص للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يدع صلاة الجماعة ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولا يرخص للإنسان على وجه الانفراد إلا بعذر يبيح ترك الجماعة .
ولكن الذي يظهر أن الشارع يخفّف في هذا الواجب، لأنه ما دام أذن للرعاة والغالب أن الراعي يشتغل مجانا ولا بأجرة ؟
الطالب : بأجرة .
الشيخ : بأجرة فيكون لمصلحته ، الظاهر أن الشارع يرخّص في هذا الشيء ويسهل فيه فإذا كان للإنسان عذر خاص من مرض أو غيره فإنه يعذر في ترك المبيت ولا شيء عليه وترى ما معي ساعة .
الطالب : الوقت .
الشيخ : ماهي بمعي ماهي بمعي إي راح نعم