وعن عائشة رضي الله عنها أنها لم تكن تفعل ذلك - أي : النزول بالأبطح - وتقول : إنما نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان منزلاً أسمح لخروجه . رواه مسلم . حفظ
الشيخ : ثم ذكر بعده حديث عائشة رضي الله عنها قال : " ( أنها لم تكن تفعل ذلك أي النزول بالأبطح ، وتقول : إنما نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان منزلا أسمح لخروجه ) رواه مسلم " :
أعقب المؤلف حديث ابن عباس بهذا الحديث ليبين أن نزول الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك المكان ليس على سبيل التعبد ، بل هو أسمح لخروجه وأيسر ، لأنه عليه الصلاة والسلام لما انتهى من منى وكان يحب أن يمشي في أول النهار ، فأين يذهب ؟
إذا كان انتهى من منى قبل صلاة الظهر ، وهو يريد أن يسافر إلى المدينة في أول النهار ، لم يبق إلا أن ينزل في هذا المكان ليستريح وينام ما شاء الله سبحانه وتعالى أن ينام ، ثم بعد ذلك يرتحل .
فعائشة تقول : إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك تعبدًا ، وإنما فعله لأنه أسمح لخروجه ولهذا كانت لا تفعله رضي الله عنها .
وبعض العلماء يقول : بل فعله تعبدًا فيكون النزول في هذا المكان سنة .فالعلماء اختلفوا في هذا ، ولكن إذا جاء مثل هذا الخلاف والأدلة فيه محتملة أن يكون ذلك على سبيل التعبد أو على سبيل الراحة والتيسير فأيهما نأخذ به؟
الطالب : الأصل المشروعية يا شيخ.
الشيخ : قد يقول قائل : إن الأصل المشروعية وأن النزول بهذا سنة ، وقد يقول قائل : لا ، الأصل عدم المشروعية لأن العبادة لابد أن نعلم بأن الشارع شرعها ، وهنا ليس عندنا علم لأن الحج بالاتفاق انتهى بعد رمي جمرة العقبة، وهذا المنزل لا نعلم أنه مكان نسك حتى نقول: إن النزول به سنة، وما نزوله في هذا المنزل إلا كنزوله قبل أن يخرج إلى الحج في الأبطح، فهل أنتم تقولون مثلا : إن نزوله في الأبطح قبل الخروج إلى منى سنة ؟
أو لأنه منزل اختاره لا على سبيل التعبد ؟
الطالب : سنة .
الشيخ : لا ما هو سنة ليس بسنة ، لكنه فعله على سبيل أنه نزح عن مكة للتوسعة على من أتى حاجا في ذلك الوقت .
على كل حال المسألة محتملة : أن يكون سنة وأن لا يكون سنة ، والمسألة الآن إنما الخلاف فيها خلاف نظري لماذا ؟
لأن الآن لا يمكن النزول في الأبطح ، انتهى الموضوع ، لكن لو فُرض أن الأمور عادت وأن مكة عادت إلى حالتها الأولى يكون النزاع حينئذ له فائدة عملية ، أما الآن فالنزاع ما هو إلا مسألة نظرية.
الطالب : ما يكفي يا شيخ من فعل الخلفاء؟
الشيخ : نعم؟
الطالب : ما يكفي يا شيخ بفعل الخلفاء؟
الشيخ : لا ما يستأنس به ، لأنه هذا أيسر مثل ما قالت عائشة .