وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت ، إلا أنه خفف عن الحائض . متفق عليه . حفظ
الشيخ : " وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض ) " :
قال : أُمر الناس هذه الصيغة قال علماء المصطلح : إن لها حكم الرفع ، لأن الصحابي إذا قال : أمر فإن الآمر هو الرسول عليه الصلاة والسلام لأنه ليس فوق مرتبة الصحابة إلا الرسول عليه الصلاة والسلام فيكون هو الآمر .
بل إن هذا أحد الألفاظ في الحديث ، وإلا ففيه لفظ آخر صريح بأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر فقال ابن عباس : ( كان الناس ينفرون من كل وجه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت ) : وهذا مرفوع صريحاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
طيب على كل حال قوله : ( أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت ) : كلمة الناس هذه لفظ عام لكن يراد به الخاص ، من هذا الخاص ؟
هم الذين ينفرون من الحج، لقول ابن عباس : ( كان الناس ينفرون من كل وجه ) .
وقيل : هم الحجاج سواء نفروا أم لم ينفروا ، وعلى هذا يكون الطواف وداع لا للسفر ولكن لانتهاء أعمال الحج ، والإنسان عليه أن يودع سواء سافر ولا ما سافر ، كما أنه إذا ودع فإنه لو بقي شهرين أو ثلاثة في مكة لا يعيد الطواف، ولكن جمهور أهل العلم على أن المراد بالناس هنا المراد بهم النافرون من الحج لقول ابن عباس : ( كان الناس ينفرون من كل وجه ) : ولا ينفر أحد في وقت الحج إلا من كان حاجا هذا هو الغالب.
وقوله : ( حتى يكون آخر عهدهم بالبيت ) : آخر عهدهم بالبيت وفي رواية لأبي داود : ( آخر عهدهم بالبيت الطواف ) : فتفسر هذه الرواية معنى الآخرية هنا وهي أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف .
وقد يقال : إنه وإن لم ترد هذه الرواية فإن المراد الطواف ، لأن الذي يختص بالبيت من الأعمال هو الطواف .
لو كانت الصلاة يعني لو قال قائل : آخر عهدهم بالبيت الصلاة مثلا ، قلنا الصلاة لا تختص بالبيت ، وإلا لقال بالمسجد مثلا ، لما قال : بالبيت وقد علم أنه لا يختص به إلا الطواف فهذه قرينة على أن المراد هنا الطواف .
ولهذا قيل : إن بعض الملوك نذر أن يتعبد لله عبادة لا يشركه فيها أحد من الناس أبدًا ، شف كيف تصور هذا : " قال لله علي نذر أن أفعل عبادة لا يشاركني فيها أحد من الناس حين فعلها " !
نقول الصلاة ؟
ما يمكن، ما نقول الصلاة لأنه يمكن أحد يصلي في ذلك الوقت ، نقول الصيام ما يمكن، الصدقة ما يمكن فسألوا العلماء فقال بعض أهل العلم :
قال لهم : أفرغوا له المطاف ، واجعلوه يطوف وحده ، حينئذ لا يشاركه أحد يكون قد وفى بنذره إذن .
الطالب : يكون عطَّل المنفعة .
الشيخ : إي دعنا من مسألة المعصية ، الكلام على إنه وفى بنذره نعم وهو إذا استسمح الذي بالمسجد ما عصى ، إذا كان في المسجد ناس وسامحهم وقال اسمحوا لي أطوف لحالي لأن علي نذر !
الطالب : النفع النفع .
الشيخ : القصد ردا لكلام الأخ طلال.
الطالب : يحصل هذا يا شيخ ، ممكن يزور مقابر ؟
الشيخ : إي في مقابر أخرى في البلاد الثانية تزار هذا الوقت
الطالب : أو تقبيل الحجر يا شيخ .
الشيخ : ما فيه شيء .
المهم على كل حال هذا الذي وقع نحن ما نريد أن نحل مشكلته الآن نخبركم بالذي وقع .
طيب أقول إن قوله : ( آخر عهده بالبيت ) : يمكن أن نقول حتى وإن لم ترد رواية أبي داود المصرحة فإنه يتعين بالقرينة أن يكون المراد الطواف .
هنا يقول : ( إلا أنه خفف عن الحائض ) : خفف يعني خفف الأمر عن الحائض والحائض معروفة .
وهل مثلها النفساء ؟
فيها خلاف بين العلماء : فابن حزم يرى أن النفساء لا يمتنع عليها الطواف ، وقد مر علينا في أول كتاب الحج وجه استدلاله ، ولكن الجمهور يرون أن النفساء كالحائض لا تطوف بالبيت ، ويجيبون عن هذا الحديث بأنه من باب التغليب ، والقيد إذا كان أغلبيا لا يكون له مفهوم .