تتمة بعض أحكام الفوات والإحصار. حفظ
الشيخ : طيب سبق أيضا أننا بحثنا هل الإحصار خاص بالعدو أو عام ، وقلنا فيه قولان لأهل العلم ، والراجح العموم ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : أنه عام، لعموم قوله تعالى: (( وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي )) معنى : (( أحصرتم )) يعني : منعتم عن إتمامهما الذي أمرناكم به ، (( فما استيسر من الهدي )).
الطالب : ...
الشيخ : توافقون على طول التقليد ما هو طيب يا جماعة : (( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله )) ، ثم قال : (( فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج )) : فيرى بعض العلماء أنه خاص بالعدو لقوله : (( فإذا أمنتم )) ، فإن هذه تدل على أن الإحصار كان بخوف .
ومنهم من قال : إنّ ذكر حكم يتعلق بفرد من أفراد العام لا يدل على الخصوص ، وهذا له نظائر منها قوله تعالى : (( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء )) إلى أن قال : (( وبعولتهن أحق بردهن في ذلك )) .
فهل نقول : إن قوله : (( وبعولتهن أحق بردهن )) يدل على أن المراد بالمطلقات الرجعيات دون البوائن ؟
جمهور أهل العلم على خلاف هذا ، على أن المطلقات يعم كل مطلقة الرجعية والبائنة ، عرفتم ؟
وكذلك أيضا قول الرسول عليه الصلاة والسلام بل قول جابر : ( قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود وصرّفت الطرق فلا شفعة ) :
فهنا عموم ، وهنا عود الحكم على بعض أفراد العموم ، أو تفريع الحكم على بعض أفراد العموم .
وين العموم ؟
( قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشعفة في كل ما لم يقسم ) : لكن وش معنى الشفعة ؟
الشفعة إذا باع الإنسان نصيبه من شيء مشترك بينه وبين غيره فإن لشريكه أن يُشَفِّع أي : أن يأخذ نصيب شريكه من الذي اشتراه بثمنه شف هذه الشفعة واضحة ؟
الطالب : واضحة .
الشيخ : ها ، بيني وبينك سيارة أنصافًا فبعت نصيبي على فلان فلك أنت أن تأخذ بالشفعة ما بعته على فلان بثمنه غصبًا على فلان ، هذه الشفعة .
نعم : ( قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم ) :
يعم كل شيء الكتاب السيارة المسجل الأرض العقار النخل أي شيء .
ثم قال في نفس الحديث : ( فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة ) : هذا التفريق خاص بإيش ؟
بما إذا كان المشترك عقارا ، هل نقول : إن العموم يخصص بهذا الفرع أو بهذا التفريع أو لا ؟
في هذا خلاف أيضا بين العلماء .
على كل حال نحن الآن نقول : إن الآية الكريم (( فإذا أمنتم )) تفريع على فرد من أفراد قوله (( فإن أحصرتم )) ، فهل نجعل الإحصار هنا عاما أو خاصًا بسبب هذا الحكم الذي فرّع ؟
الطالب : عام .
الشيخ : الصحيح أنه عام ، فإذا أحصر الإنسان عن إتمام النسك فإن عليه ما ذكره الله عز وجل : (( ما استيسر من الهدي )) وما ذكره النبي عليه الصلاة والسلام من وجوب الهدي والحلق ، طيب هذا الإحصار .
الفوات ؟ إذا حصل الفوات، رجل أحرم بالحج وسار من الميقات ولكنه تعطلت سيارته أو انكسرت راحلته أو ضل الطريق أو صار عنده خطأ في الشهر ، ظن أنه قد دخل يوم السبت وهو قد دخل يوم الجمعة ، لا يوم الأحد أحسن له دخل يوم الجمعة ، هو يظن أن يوم عرفة يوم الأحد لأنه يظن أن الشهر دخل متى ؟
يوم السبت ، فيكون يوم عرفة يوم الأحد ، لكن ثبت أن الشهر دخل يوم الجمعة ، فيكون يوم عرفة يوم السبت ، هذا الرجل بانٍ على أن يوم عرفة هو يوم الأحد ، عرفتم ؟
وسار الهوينى ، فلما وصل إلى المشاعر وجد أن الأمر على خلاف ما ظن ، وأن الوقوف قد فاته ، متى كان آخر الوقوف ؟
صباح يوم الأحد ، وهو يظن أنه صباح يوم الاثنين .
طيب إذن نقول لهذا الرجل : فاتك الحج ، ولكن ماذا يصنع ؟
يحول هذا الحج إلى عمرة ، فيذهب إلى مكة ويطوف ويسعى ويقصر ، لأنه ليس بإمكانه إتمام الحج الآن ، فإن الحج هو عرفة .
وقال بعض أهل العلم : بل ينقلب إحرامه عمرة ، يعني لا يحتاج إلى تحلل بعمرة بل ينقلب تلقائيا عمرة .
نعم حتى لو اختار أن يبقى على حجه إلى السنة الثانية فإنه يكون قد انقلب إحرامه عمرة ، ولكن لو اختار أن يبقى على إحرامه إلى السنة الثانية يبقى ولا لا ؟
نعم يبقى ، لكني لا أظن أن أحدًا يختار البقاء على إحرامه إلى السنة الثانية ، وش يبي يتجنب ؟
كل محظورات الإحرام يتجنبها ، وهذا فيه صعوبة جدًا ، يعني لا يلبس المخيط إن كان رجلا ولا يتطيب ولا يحلق رأسه ولا يصيد ولا يتطيب كل المحظورات ، المهم ما أظن أن أحدا يختار أن يبقى على إحرامه عاما كاملا ، لكن مع ذلك العلماء يقولون : إذا أحب أن يبقى على إحرامه فله أن يبقى. طيب إذن الفوات صار ماذا يفعل من فاته الحج؟
يتحلل بعمرة يعني يحول إحرامه إلى عمرة فيطوف ويسعى ويقصر وينتهي ، طيب هل يلزمه القضاء ؟
نقول : يلزمه القضاء إن كان هذا هو الواجب وإن كان تطوعًا لم يلزمه ، لأن هذا حصل بغير اختياره .
طيب فإن كان هو الذي اختار أو تهاون حتى فاته الحج فهنا يتوجه أن يقال: بوجوب القضاء ، وإن كان نفلا ، لأن الحج والعمرة من خصائصهما أن من أحرم بهما لزمه الإتمام ، وهذا هو الذي فرّط فيلزمه القضاء.