فوائد حديث :( إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ، ولا يثرب عليها ... ). حفظ
الشيخ : هذا الحديث يدل على أن سيد الأمة هو الذي يتولى إقامة الحد عليها، وذلك لأن ملكه إياها أخص من ملك الولي العام، وسيطرته عليها أخص من سيطرة الولي العام، فإن قال قائل : والزوجة هل يقيم عليها الزوج الحد ؟ قلنا : لا، لأن الزوجة لها حرية وتصرف أكثر من الأمة، الأمة مملوكة الحرة مالكة نفسها.
ومن فوائد هذا الحديث : أنه لا بد أن يتبين الزنا وأن مجرد التهمة لا يجيز للإنسان أن يقيم الحد عليها لقوله : ( فتبين زناها ).
ومن فوائده : أنه لا يشترط في إقامة السيد الحد أن يثبت ذلك بالشهود، بل يكفي أن يتبين ذلك للسيد فإذا تبين فإنه يقيم يقيم عليها الحد.
ومن فوائد هذا الحديث : أنه لا رجم في حق الإماء، لا رجم في حق الإماء الدليل قوله : ( فليجلدها ) والرجم ليس جلدًا، بل هو رمي بالحجارة حتى تموت، فإذا قال قائل : ما هو الحد ؟ قلنا : هو ما ذكره الله في قوله : (( فإذا أحصنَّ فإن أتين بفاحشةٍ فعليهنَّ نصف ما على المحصنات من العذاب )) يعني: ما على الحرائر والعذاب الذي يمكن أن يتنصف في الحرائر هو الجلد، فيؤخذ من ذلك أن الأمة وإن كانت محصنة لا ترجم بل تجلد خمسين جلدة، وظاهر هذا الحديث أنها لا تغرب لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( فليجلدها ) والتغريب ليس جلدًا، وهذه المسألة مختلف فيها بين العلماء فمنهم من قال : إنه لا يغرب لما في ذلك من الإضرار بالسيد لأن منفعة المملوك لمن ؟ لسيده فإذا غربناه فإنه تفوت مصلحة السيد، ومن العلماء من قال : تغرب بشرط أن يكون تغريبها آمنا وأن يؤمن من هروبها، لأنها ربما تهرب إلى بلد الكفر لاسيما إذا كانت حديثة عهد بسبي، إذا كانت حديثة عهد بسبي فإنه ربما فتهرب إلى بلاد الكفر، فإذا أمنت الفتنة وأمن هروبها إلى بلد الكفر فإنها تغرب، ولكن ظاهر الحديث أولى وهو عدم التغريب.
ومن فوائد هذا الحديث : أنه لا يجوز إذا أقيم الحد أن يوبخ المحدود ويعير بذنبه، لأن إقامة الحد كفارة للذنب فلا يجمع عليه بين عقوبتين، ويلتحق بهذه القاعدة أن شارب الخمر إذا طلق زوجته فإن زوجته لا تطلق خلافًا لمن قال : إنها تطلق نكالًا به لأننا نقول : إن شارب الخمر نكاله بماذا ؟ بالجلد فلا ينكل بنوع آخر.
ومن فوائد هذا الحديث : اعتبار التكرار ثلاثًا وهذا ظاهر في مسائل كثيرة تكرر ثلاث مرات كالاستئذان والسلام والكلمة إذا لم تفهم وغير ذلك مما هو كثير في الأحكام الشرعية.
ومن فوائد هذا الحديث : أنه إذا زنت الثالثة فإنها تباع، وهل تباع وجوبًا أو استحبابًا ؟ الحديث فيه الأمر ( فليبعها ) فاختلف العلماء هل الأمر للوجوب وأنه يجب على السيد في الثالثة أن يبيعها أو الأمر للاستحباب لأنها ملكه ويكون الأمر في قوله : ( فليبعها ) للإرشاد وليس للوجوب ؟ والظاهر أنه للوجوب لكنه وجوب مقيد بما إذا كنا نرجو من بيعها أن تستقيم حالها، أما إذا كنا نخشى من بيعها أن يزداد شرها فحينئذ لا تباع طيب، فإذا قال قائل : ما الفائدة من البيع إذا كانت هذه امرأة زانية ثلاث مرات يخشى إذا بيعت على آخر أن تزني فنكون كالمستجير من من الماء من الرمضاء بالنار ؟ فنقول : فيه فائدتان : الفائدة الأولى للسيد والفائدة الثانية للأمة، أما فائدة السيد : فلئلا يتهم السيد بالدياثة وإقرار أمته على الزنا كأنه يقول للناس : انظروا أنا خليتها وبعتها، والفائدة الثانية للأمة : أنه ربما إذا تغير عليها الوضع تغيرت حالها، وكذلك إذا فكرت في الأمر وأنها كلما زنت ثلاث مرات سوف تباع وتنتقل من رجل إلى آخر فإنه ربما تتغير حالها فكان في هذا فائدتان.
ومن فوائد هذا الحديث : أنها تباع ولو بثمن قليل لقوله : ( ولو بحبل من شعر ) ولكن هل هذا مراد أو للمبالغة يعني بعها ولو برخص ؟ المراد الثاني بلا شك، وإلا حبل من شعر لم تجر العادة بأنه ثمن للإماء .