فوائد حديث : ( أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم ). حفظ
الشيخ : ففي هذا الحديث دليل على وجوب إقامة الحدود لقوله : ( أقيموا ) والأصل في الأمر الوجوب، وقد مر علينا في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن إقامة الحد فريضة.
من فوائد هذا الحديث : أن السيد يقيم الحد على مملوكه سواء كان الحد جلدًا أم قطعًا أم غير ذلك لعموم للعموم في قوله : ( الحدود ) فهي صيغة جمع معرف بـأل فيكون للعموم، والمشهور عند الفقهاء رحمهم الله أنه لا يقيم على رقيقه إلا الجلد فقط لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها ) ولكن الصواب العموم وأن له أن يقيمه بالجلد والقطع بشرط أن يكون عارفاً بمحل القطع وعارفًا كيف يقطع، لأنه إذا لم يكن عارفًا بمحل القطع فقد يقطع أكثر مما يطلب أو دون ما يطلب، وإذا لم يكن عارفا بكيفية القطع فقد يقطع على وجه محرم فيعتدي به على هذا الرقيق، فإذا كان عارفًا بمحل القطع وعارفا كيف يقطع وثبت ما يوجب تبين أنه فعل ما يوجب القطع فما المانع؟ لأن الضرر في هذه الحال على من ؟ على السيد، فإذا كان الضرر عليه وباشره بنفسه فلا نرى مانعًا من أن يقيمه عليه كما يقيم الجلد.
ومن فوائد هذا الحديث : إثبات ملك الإنسان وأن هذا لا ينافي قول الله تعالى : (( ولله ملك السموات والأرض )) لأن ملك الإنسان لما يملك ليس كملك الله سبحانه وتعالى للسموات والأرض، فإن ملك الله للسموات والأرض أعم وأشمل وأوسع يفعل ما يشاء عز وجل، لكن ملكك لما تملك ضيق لا تملك إلا شيئًا يسيرًا مما في هذا الكون ولا تملكه أيضًا على وجه الإطلاق، لو أردت أن تفعل فيه ما شئت لم تتمكن من هذا إذ أنك لا تتصرف فيه إلا على حسب ما جاء به الشرع، ولهذا لو قال إنسان : هذا المال مالي سوف أحرقه قلنا : لا يجوز لأن الشرع نهى عن إضاعة المال، لكن لله تعالى أن يفعل في خلقه ما يشاء وحينئذ يكون قولنا : إن توحيد الربوبية هو إفراد الله عز وجل بالخلق والملك والتدبير لا ينافي ما ذكر.
ومن فوائد هذا الحديث : إطلاق الجزء على الكل لقوله : ( على ما ملكت أيمانكم ) .
قال : " رواه أبو داود وهو في مسلم موقوف " موقوف يعني على علي، والموقوف عند العلماء هو ما كان منتهى سنده الصحابي يعني ما أضيف إلى الصحابي فهو موقوف، وما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو مرفوع، والمضاف إلى الصحابي موقوف إلا أن يثبت له حكم الرفع فإن ثبت له حكم الرفع صار مرفوعًا حكمًا مثل أن يخبر الصحابي عن شيء من أمور الغيب وهو ممن لم يعرف عنه الأخذ من بني إسرائيل فإن إخباره هذا له حكم الرفع نعم فإذا قال قائل : إذا سقط كونه مرفوعًا نعم إذا سقط كونه مرفوعا فهل يسقط الاستدلال به إذا كان موقوفا ؟ فالجواب : لا لأنه قول صحابي قول أحد الخلفاء الراشدين قول من عرف بالفقه والعلم وهو علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيكون قوله حجة ما لم يخالف نصًّا أو صحابيًّا آخر، فإن خالف نصًّا فالعبرة بالنص، وإن خالف صحابيًّا آخر وجب أن نطلب المرجح، وهذه القاعدة في قول الصحابي : أن قول الصحابي المعروف بالفقه ولاسيما الخلفاء الراشدون حجة بشرط إيش ؟ ألا يخالف نصًّا أو قول صحابي فإن خالف نصًّا وجب اطراحه وإن خالف قول صحابي طلب المرجح .