وعن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ، ومن وجدتموه وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة ) . رواه أحمد والأربعة ورجاله موثقون ، إلا أن فيه اختلافا . حفظ
الشيخ : ثم قال : " وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ، ومن وجدتموه وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة ) . رواه أحمد والأربعة ورجاله موثقون ، إلا أن فيه اختلافًا "
قوله عليه الصلاة والسلام : ( من وجدتموه عمل عمل قوم لوط فاقتلوا ) الخطاب هنا يعود للأمة جميعًا، ولكن الذي يتولى إقامة الحدود هو الإمام أو نائب الإمام وليس كل أحد يتولى إقامة الحد إلا واحدا من ؟ السيد على رقيقه كما سبق وقوله : ( يعمل عمل قوم لوط ) يعني يأتي الرجال فإن هذا هو عمل قوم لوط، وهذه الفعلة القبيحة سماها الله تعالى الخبائث فقال : (( ونجيناه من القرية الَّتي كانت تعمل الخبائث )) وسماها نبيهم الفاحشة فقال : (( أتأتون الفاحشة )) وفى الزنا قال الله تعالى فيه : (( إنه كان فاحشةً )) وما عرّف فهو أقبح يعني كأنه جمع أنواع الفواحش ولا شك أنه أقبح لأن هذا الفرج لا يباح بحال من الأحوال، وأما فرج المرأة فيباح بعقد النكاح الصحيح أما هذا فلا يباح بأي حال من الأحوال فلذلك كان أقبح من من الزنا.
وقوله : ( اقتلوا الفاعل والمفعول به ) ولم يقل : اقتلوه مع أن مقتضى السياق أن يؤتى بالضمير، ولكنه أظهر في موضع الإضمار ليحسن العطف في قوله : ( والمفعول به ) لأنه لو قال : فاقتلوه والمفعول به ما حسن العطف، لكن إذا أظهر صار فيه أنه يحسن العطف عليه وهذه فائدة لفظية، وفيه أيضًا فائدة معنوية : وهي أن الإظهار في مقام الإضمار هنا يشير إلى علة الحكم وهي : ( اقتلوا الفاعل ) وهي الفعلة القبيحة التي صدرت منه.
( ومن وجدتموه وقع على بهيمة فاقتلوه ) وذلك للعلة السابقة لأن فرج البهيمة لا يباح لبني آدم بأي حال من الأحوال ( واقتلوا البهيمة ) لأن في ذلك زجرًا له ومنعًا للعودة مرة ثانية إلى هذه البهيمة، ولئلا تحمل بحيوان يكون بعضه آدميًا وبعضه بهيمة، ولئلا يعير بها فالفوائد إذًا في قتل البهيمة ثلاث أولًا : الزجر، والثاني : ألا تحمل بحمل يكون فيه شبه من بني آدم ومن البهائم، والثالث : ألا يعير بها هذه ثلاثة فوائد في قتل البهيمة نعم، وهذا الحديث يدل على قبح هاتين الفعلتين إتيان الذكور وإتيان البهائم.
واختلف العلماء رحمهم الله في هذا الحديث أي في صحته من ضعفه والعمل به، فمن العلماء من قال : إن هذا الحديث ضعيف لا يحتج به، وعلى هذا فيبقى النظر في حد اللوطي وحد آتي البهيمة.
ومنهم من قال : الحديث صحيح في الطرف الأول منه وهو قوله : ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ) لا في الطرف الثاني منه.
ومنهم من قال : هو صحيح في الطرفين لكن الطرف الثاني في قتل الفاعل بالبهيمة لوجود الشبهة فيه وهي اختلاف العلماء لا ينفذ، ولنرجع الآن إلى الفوائد .