فوائد حديث :( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ... ). حفظ
الشيخ : في هذا الحديث من فوائد : أولًا : وجوب قتل اللوطية فاعلًا كان أو مفعولًا به لقوله : ( اقتلوا ) والقتل إعدام، ولا يمكن إعدام المعصوم إلا بشيء واجب، لأن عصمة المعصوم ثابتة ولا تنتهك إلا بشيء واجب، وهذا هو القول الصحيح.
ومن فوائد هذا الحديث : أنه يقتل الفاعل والمفعول به سواء كانا محصنين أم غير محصنين، أي : سواء سبق لهما الزواج أم لم يسبق لعموم الحديث، ولكن هل يشمل ما إذا كانا مكلفين أو غير مكلفين ؟ الجواب : لا، لأن من شروط إقامة الحد أن يكون الفاعل لما يقتضي الحد بالغًا عاقلًا، وعلى هذا فلو وقع اللواط بين شخصين لم يبلغا فإنه لا يقام عليهما الحد ولكنهما يعزران بما يردعهما وأمثالهما، وكذلك لو وقع بين مجنون ومجنون أو مجنون وصغير.
وقد اختلف العلماء في حكم هذه المسألة على ثلاثة أقوال بل أربعة لكن الرابع ساقط:
القول الأول : جوب قتل الفاعل والمفعول به وهذا القول هو الصحيح المؤيد بالسنة وبعمل الصحابة رضي الله عنهم، وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية إجماع الصحابة على قتل الفاعل والمفعول به في اللواط قال : إلا أنهم اختلفوا كيف يقتل.
القول الثاني : أن حده حد الزاني وعلى هذا إن كانا محصنين إيش ؟ رجما، وإن كانا غير محصنين جلدا وغربا.
القول الثالث : أنه لا حد عليهما بل هو التعزير، وذلك لأن الحد إنما وجب في الزنا واللواط ليس بزنا.
القول الرابع : وهو قول ساقط لكن نذكره لإتمام سياق الأقوال أنه لا شيء عليه اكتفاء إيش ؟ بالرادع الطبيعي وهذا من أضعف الأقوال وقاسوا ذلك على البول قالوا : لو أن الإنسان شرب بولًا لم يحد ولو شرب خمرًا لحد، لأن النفوس لا تطلب البول وتطلب الخمر فيقال : هذا منتقض في أصل القياس وفي فرعه، أما أصل القياس فإننا لا نسلم أن من شرب البول لا يعزر بل يجب أن يعزر لأن شرب البول معصية حرام والتعزير واجب في كل معصية.
ثانيًا : أنه منتقض فإن قولهم : إن الطبيعة تنفر منه يراد بذلك الطبيعة السليمة، وأما المنحرفة والعياذ بالله فإنها لا تنفر هي قرية كاملة أرسل إليها رسول تعمل هذا العمل، ونقول: الزنا أيضًا النفوس السليمة تنفر منه ومع ذلك أوجب الله فيه الحد فهذا القياس باطل في أصله وفي فرعه، يبقى النظر في التعزير نقول : الاقتصار على التعزير فيه نظر أيضًا وذلك لأن اللواط والعياذ بالله استمتاع محرم في فرج فأقرب ما يكون له إيش ؟ الزنا أقرب ما يكون له الزنا، وهذا هو القول لولا أن السنة وإجماع الصحابة على خلافه وإلا لقلنا : إن حده حد الزاني، لكن ما دامت السنة دلت على وجوب قتله وكذلك الصحابة فليس لنا بد عن القول بذلك إذًا فهو مؤيد بالنص وبالإجماع بإجماع الصحابة ثم إنه مؤيد أيضا بالنظر الصحيح لأن التحرز عن اللواط غير ممكن فإنه اقتران ذكر بذكر فهل يمكن أن نقول : كلما وجدنا ذكرًا مع ذكر وجب علينا أن نفرق بينهما خوفًا من الوقوع في اللواط ؟ لا، لكن لو كان ذكر مع أنثى نفرق بينهما، فالتحرز منه لا يمكن وإذا كان التحرز منه لا يمكن فإنه لا بد من إعدامهما، حتى لا يكونا جرثومة فاسدة في المجتمع، وهذا هو الحق الذي يتعين المصير إليه أما من أتى البهيمة فنقول : إن الحديث لا يقوى على استباحة دم الفاعل لما فيه من الشبهة وعليه فلا يقتل لا يقتل الفاعل في البهيمة ولكن يعزر بما يردعه أما البهيمة فتقتل لكنها تقتل قتلا ولا تذكى تذكية، تقتل بالرصاص أو ما أشبهه ولا تذكى فإن قال قائل : هل يحل أكلها ؟ فالجواب : لا، لا يحل أكلها لأنها قتلت حدًّا وتعزيرًا على صاحبها بل وتعزيرًا على الفاعل فلا تؤكل، فإن قيل : إذا كانت البهيمة للفاعل فالغرم عليه ولا إشكال، لكن إذا كانت لغيره فكيف نقتل مال غيره أليس هذا عدوانًا على الغير ؟ فالجواب : لا، ليس عدوانًا على الغير بل نقتلها ويغرم الفاعل للغير قيمتها طيب تقوم زانية أو غير زانية إيش تقول ؟ نعم غير مفعول بها هي الآن ستعدم وتقوم غير مفعول بها، هل نقول : إننا نضمنه مثلها بمعنى أن نقول : ائت بشاة مثل هذه الشاة أو بعنز مثل هذه العنز ؟ إن قلنا : إن الحيوان مثلي وهو الصحيح قلنا نضمنه مثلها إن أمكن ونلزم الفاعل أن يشتري مثلها ويعطيها مالكها، وإن قلنا : إن الحيوان غير مثلي وهو المشهور من المذهب فإنه يضمنها بالقيمة، لكن الصحيح أنه مثلي لأنه يمكن أن نجد حيوانًا مماثلًا للآخر ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم استقرض حيوانًا ورد إيش ؟ حيوانًا استقرض بكرًا ورد خيارًا رباعيًا وقال : ( خيركم أحسنكم قضاء ) نعم خالد ؟