وعن ابن عمر - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها ، فمن ألم بها فليستتر بستر الله تعالى ، وليتب إلى الله تعالى ، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله تعالى ) . رواه الحاكم ، وهو في الموطأ من مراسيل زيد بن أسلم . حفظ
الشيخ : " وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها ، فمن ألم بها فليستتر بستر الله تعالى ، وليتب إلى الله تعالى ، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله تعالى ) . رواه الحاكم ، وهو في الموطأ من مراسيل زيد بن أسلم ".
قوله طيب : " رواه الحاكم " الحاكم معروف رحمه الله بالتساهل في الرواية وبالتساهل في التصحيح، وأما الموطأ فيقول : إنه من مراسيل زيد بن أسلم، والمرسل كما تعرفون من أقسام الضعيف، ولكن لننظر هل معنى هذا الحديث صحيح بقطع النظر عن كونه مرفوعًا أم غير مرفوع ( اجتنبوا هذه القاذورات ) القاذورات جمع قاذورة وهي كل ما يستقذر ويستقبح، ولا شك أن المعاصي عند أرباب العقول السليمة والإيمان القوي لا شك أنها مستقذرة، ولهذا سمى الزنا خبثًا واللواط خبثًا فقال الله تبارك وتعالى في لوط : (( ونجَّيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث )) مع أن هذه الخبيثة عند قوم إيش ؟ طيبة لا يستنكرونها والعياذ بالله، كذلك الزنا خبيثة يسمى خبيثًا ومنه حديث الرويجل الضعيف الذي خبث في جارية من جواري ذويه ومنه قوله تعالى: (( الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات )) فهذه قاذورات مستقذرة عند كل ذي طبع سليم ودين قويم ولهذا قال : ( التي نهي الله تعالى عنها ) وهذه الصفة بيان للواقع وليست صفة مقيدة، لأن القاذورات كلها نهى الله عنها فليست القاذورات قسمين منهي عنه وغير منهي بل كلها منهي عنها، إذًا فالصفة هنا بيان للواقع وقوله : ( ألم بها ) أي : أصاب منها، لأن اللمم هو الشيء اليسير كما قال تعالى : (( الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلَّا اللَّمم )) اللمم اليسر إما أنه يسير بممارسته بحيث لا يفعلون الكبيرة إلا مرة واحدة، أو (( إلَّا اللَّمم )) الذنب الصغير على خلاف فيه بين العلماء.
الشاهد ( ألم بها ) يعني أصاب منها ( فليستتر بستر الله ) فإن الله سبحانه وتعالى يستر على من شاء من عباده، ولكن إذا أصر الإنسان على المعصية كشفه الله والعياذ بالله لا بد أن تظهر على صفحات وجهه وفلتات لسانه، أما إذا فعل مرة فقد يستر الله عليه ويذكر أن بنى إسرائيل كان الواحد منهم إذا أصاب ذنبا وجد هذا الذنب مكتوبًا على بابه فضيحة والعياذ بالله لهم، لكننا ولله الحمد لا يوجد هذا في هذه الأمة، فإذا كان الله قد ستر عليك فاستتر لا تصبح تتحدث بأني فعلت كذا وفعلت كذا فإن هذه من المجاهرة وكل هذه الأمة معافى إلا المجاهرين أو المجاهرون فإنهم لم يعافوا كثير من الناس والعياذ بالله إذا فعل المعصية قام يتحدث بها افتخارًا أو استهتارًا وعدم مبالاة أو دعوة للضلال يريد من الناس أن يقتدوا به ويعملوا بعمله لكن المؤمن لا يفعل هذا فنقول : استتر بستر الله ( وليتب إلى الله ) الحديث إذا صح عن الرسول عليه الصلاة والسلام أمره بأمرين : الاستتار وعدم الإصرار، يؤخذ عدم الإصرار من أين ؟ ( وليتب إلى الله ) أي : ليرجع إلى الله من هذه المعصية فيندم ويستغفر ويعزم على ألا يعود.
قوله : ( فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله ) ( فإنه من يبد لنا صفحته ) يعني: ما عمل لأن الصفحة هي الجانب الذي يكتب فيه الشيء، والمعنى: من أبدى لنا عمله فإننا نقيم عليه كتاب الله، يعني نقيم عليه الحد الموجود في كتاب الله، فمن جاءنا مقرًّا بالزنا مثلًا ماذا نقيم عليه ؟ حد الزنا، نقيم عليه حد الزنا إما الجلد والتغريب وإما الرجم حسب ما تقتضيه الحال .