عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت : لما نزل عذري ، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ، فذكر ذلك ، وتلا القرآن ، فلما نزل أمر برجلين وامرأة فضربوا الحد . أخرجه أحمد والأربعة ، وأشار إليه البخاري . حفظ
الشيخ : ثم ذكر المؤلف حديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( لما نزل عذري ، قام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على المنبر فذكر ذلك ، وتلا القرآن ) صلوات الله وسلامه عليه، وقصة الإفك لعلكم قرأتموها بعد أن أشرنا إليها في الدرس الماضي قصة غريبة عجيبة فيها فوائد عظيمة ساق كثيرًا منها ابن القيم رحمه الله في " زاد المعاد " هذه القصة هي أن عائشة رضي الله عنها كانت مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في غزوة المريسيع فلما رجعوا ونزلوا في الليل وقامت لقضاء حاجتها ورجعت فقدت عقدًا يعني قلادة فذهبت تطلبه، فلما رجعت وجدت القوم قد ساروا وشدوا لأنهم حملوا هودجها وكانت صغيرة لم يأخذها اللحم، وكان الذي حمل الهودج جماعة ما هو واحد فصار الهودج خفيفًا، فحملوا على أن المرأة موجودة فيه ولكنها لم تكن فيه، فلما رجعت إلى المكان وجدت أنهم ساروا، صار من عقلها أن بقيت في المكان لأنها لو ذهبت تطلبهم لأضاعتهم ثم إذا جاؤوا يطلبونها أضاعوها أيضًا، لكنها بقيت في مكانها والغريب أنها بقيت ونامت سبحان الله، يعني في هذه الحال المخوفة المرعبة تنام مما يدل على قوة جأشها وطمأنينتها، ولا شك أن هذا ليس غريبًا على أم المؤمنين رضي الله عنها نامت، وكان صفوان بن المعطل رضي الله عنه في أخريات القوم وكان إذا نام لا يقوم إلا إذا بعثه الله، فلما قام ورأى السواد ركب بعيره ورأى هذا السواد أتى إليه، فلما رآها وإذا هي عائشة وكان يعرفها بعينها بوجهها قبل نزول الحجاب فاسترجع قال : إنا لله وإنا إليه راجعون، لأنه رضي الله عنه يعلم أن بين أيديهم منافقون كل شيء يحتمل منهم، ولكنه رضي الله عنه أناخ البعير واستيقظت هي باسترجاعه وركبت البعير، ولم يتكلم معها بربع كلمة احترامًا لفراش النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وجعل يقود البعير حتى أدرك القوم، فصار في هذا فرصة عظيمة للمنافقين أن يقدحوا في عائشة لا لأنها عائشة، ولكن لأنها زوج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهذا من أكبر العار أن يكون فراش الإنسان بغيًّا والعياذ بالله، ففرح المنافقون بهذا وجعلوا يتكلمون ويتكلم رؤساؤهم، لكنهم خبثاء عبد الله بن أبي هو رأس المنافقين وهو الذي تولى كبره منهم، لكنه لا يقول : إنها زنت يقول : قيل كذا ويأتي للإنسان ويقول : ويش تقول هذه الشبهة ويش تقول هذه امرأة شابة تأخرت عن القوم وجاءت يقودها رجل شاب ويش هذا ؟ فيجمع الحديث وحواشي الحديث ويفرقه في الناس، ومن المعلوم أن الإنسان بشر وإذا جاء هؤلاء المنافقون الذين قال الله عنهم : (( وإن يقولوا تسمع لقولهم )) أهل بيان وفصاحة فربما يؤثرون بلا شك، وهذا الذي حصل لما وصلت عائشة رضي الله عنها المدينة مرضت والناس يخوضون، ومن نعمة الله أنها مرضت حتى لا تسمع كل ما يقال، وبقي الوحي شهرًا لا ينزل على الرسول صلى الله عليه وسلم، شوف سبحان الله محن ولكن الإنسان يؤجر على هذه المصائب، بقي الوحي لا ينزل والناس يدوكون ويخوضون، والنبي عليه الصلاة والسلام يستشير أصحابه في القضية منهم من يثني على عائشة ويقول : لا نعلم إلا خيرًا، ومنهم من يقول : النساء سواها كثير أرح نفسك، يعني طلقها وأرح نفسك كعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، لأنه ابن عمه وأشد الناس شفقة عليه ولا يحب أن يغتم الرسول عليه الصلاة والسلام كثيرًا، والرسول عليه الصلاة والسلام صابر لأمر الله محتسب يدخل على أهله ولا يتكلم بالكلام التي كانت تعهده عائشة، ولكن يقول : كيف تيكم أو كيف هاتيكم فقط كلمة واحدة فقط ثم يخرج، واستنكرت عائشة رضي الله عنها منه لكن ما ظنت هذا الأمر، وفي يوم من الأيام خرجت مع أم مسطح بن أثاثة وكان الناس في ذلك الوقت ليس في بيوتهم مراحيض خرجت لقضاء الحاجة فعثرت فقالت أم مسطح: تعس مسطح ألقى الله على لسانها أن تقول هذا الكلام، فقالت عائشة: كيف تعس ؟ إنسان مهاجر شهد بدرًا فكيف تقولين : تعس مسطح ؟ فقالت : أما علمت ما يقول ؟ قالت : ماذا قال ؟ أخبرتها لأن مسطح رضي الله عنه وعفا عنه ممن تكلموا في هذا الأمر، فحينئذ أصابها ما أصابها من الغم وجعلت تبكي ليلًا ونهارًا ولا تذوق نومًا، لأن الله عز وجل حكيم جل وعلا يشتد الكرب إذا قرب الفرج مضى عليها ليلة أو ليلتان على هذا الحال، ثم جاء النبي عليه الصلاة والسلام في يوم من الأيام وقال لها : إن كان الأمر قد وقع منك فاستغفري الله وتوبي إليه وجعل يعرض لها فقالت لأمها وأبيها : أجيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : ما ندري ماذا نقول لأن الأمر فشا وانتشر، فأجابت قالت لما قالوا : أجيبي أنت الرسول ذهب عني كل ما أجد وكان الأمر لم يكن وألهمها الله قولًا سديدًا قالت : إن كنت قد فعلت شيئًا وأنا لم أفعل فإنكم لن تصدقوني حتى لو قلت ما فعلت، وإن لم أكن فعلت فسيبرؤني الله عز وجل، شوف ثقتها بالله عز وجل، فما قام النبي صلى الله عليه وسلم من مكانه إلا وقد نزل عليه الوحي ببراءتها، فلما تجلى عنه الوحي قال لها : أبشري بشرها بنزول براءتها من عند الله عز وجل الله أكبر، فكأن أباها وأمها طلبا منها أن تقوم إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وتحمده قالت : والله ما أحمد الرسول ما أحمد إلا الله عز وجل هو الذي أنزل براءتي، ثم خرج النبي عليه الصلاة والسلام وقال : ( من يعذرني في رجل قال في أهلي ما قال ؟ ) وتكلم الناس وصار بينهم كلام منهم من قال : أنا أعذرك يا رسول الله أضرب عنقه، ومنهم من قال يعني تشاتموا فيما بينهم والقصة مشهورة، لكن الرسول هدأهم عليه الصلاة والسلام وأمر أن يحد ثلاثة منهم وهم مسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش وحسان بن ثابت هؤلاء الثلاثة عفا الله عنهم يصرحون بالأمر، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يحدوا، وانظر حمنة بنت جحش ما هي من زوجات الرسول وزينب أختها من زوجات الرسول وكانت هي التي تسامي عائشة، يعني تضارعها عند الرسول عليه الصلاة والسلام ومع ذلك لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم زينب عن عائشة قالت : ( والله لا أعلم عنها إلا خيرًا وأثنت عليها ) مع أنها ضرتها وأختها وقعت فيما وقعت فيه والهدى هدى الله عز وجل، أما مسطح فقال أبو بكر وكان ينفق عليه: ( والله لا أنفق عليه ) غيرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولابنته فأنزل الله تعالى : (( ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسَّعة أن يؤتوا أولى القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبُّون أن يغفر لكم والله غفورٌ رحيم )) قال أبو بكر : ( بلى والله نحب أن يغفر الله لنا ثم رد عليه النفقة ) الله أكبر.
الفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته نعم .
السائل : شيخ بارك الله فيكم لو أن مجموعة من الناس مثلًا ... .
الشيخ :