وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : لقد أدركت أبا بكر وعمر وعثمان - رضي الله تعالى عنهم - ومن بعدهم ، فلم أرهم يضربون المملوك في القذف إلا أربعين . رواه مالك والثوري في جامعه . حفظ
الشيخ : " وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : ( لقد أدركت أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ومن بعدهم ، فلم أرهم يضربون المملوك في القذف إلا أربعين ) رواه مالك والثوري " كذا عندكم كذا " والثوري في جامعه " هذا الحديث في قوله : ( لقد أدركت أبا بكر ) فيه نظر والذي في " الموطأ " : ( أدركت عمر وعثمان ) وذلك أن عبد الله بن عامر بن ربيعة لم يدرك أبا بكر فيكون حديثه عن أبي بكر مرسلًا، لكنه في " الموطأ " بدون ذكر أبي بكر في هذا الحديث يقول يضربون المملوك في القذف لا يضربونه : ( فلم أرهم يضربون المملوك في القذف إلا أربعين ) وعلى هذا فيكون حد القذف بالنسبة للمملوك إذا قذف غيره يكون أربعين جلدة، فإذا صح هذا عن هؤلاء الخلفاء فالأمر واضح لنا فيهم أسوة، وإن لم يصح فإن القول الراجح أن المملوك في حد القذف كغيره ولا يصح قياسه على حد الزنا الذي ثبت فيه التنصيف بقوله تعالى : (( فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب )) ووجه عدم صحة القياس: أن القذف يرجع إلى معنى في غير المقذوف، والزنا يرجع إلى معنى في الزاني، كيف كان القذف يرجع إلى معنى في غير المقذوف ؟ لأن القذف يلحق به العار من ؟ القاذف أو المقذوف ؟ المقذوف وهذا لا فرق فيه بين الحر والعبد لاسيما إذا كان العبد معروفًا بالتأني والثقة، فإن العار الذي يلحق المقذوف بقذف هذا العبد كالعار الذي يلحقه بقذف الحر ولا فرق، ربما يقول قائل : إن قذف المملوك يعني قذف العبد لغيره لا يؤبه به ولا ينظر إليه لأن عادة العبيد في الغالب أنهم لا يهتمون بهذه الأمور وأنهم يطلقون القذف ولا يبالون به فيقال : هذا وارد هذا وارد لكن مثل هذا التعليل لا يمكن أن يخصص قوله تعالى : (( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة )) ثم إن القذف من المملوك لا فرق فيه عندكم بين المملوك الذي يعتبر قوله والذي هو عند الناس بمنزلة الحر وبين المملوك الذي ليس بهذا المستوى، فعلى كل حال إن صح ما نقل عن هؤلاء الخلفاء فالأمر واضح في أن لهم سنة متبعة، وإن لم يصح فالقول ما قاله أهل الظاهر أن المملوك كالحر يجلد ثمانين جلدة، ولا يصح قياس القذف على الزنا لما علمتم من أن الزنا يتعلق عاره بالزاني والقذف يتعلق عاره بالمقذوف .