باب حد السرقة. حفظ
الشيخ : قال المؤلف رحمه الله : " باب حد السرقة ".
حد السرقة يعني عقوبة السارق يعني عقوبة السارق، وليس المراد بالحد هنا التعريف.
والسرقة أخذ المال على وجه الاختفاء من مالك أو نائبه، أخذ المال على وجه الاختفاء من مالك أو نائبه هذه هي السرقة.
فقولنا : أخذ المال خرج به أخذ ما ليس بمال فإنه لا يعد سرقة شرعًا، لأنه لا حرمة له كما لو سرق الإنسان آلة لهو فإنه ليس بسارق شرعًا، لأن هذه الآلة لا يقر عليها مالكها فهي حرام.
وقولنا : من مالك خرج به ما لو سرق من غير المالك، مثل أن يسرق من سارق فإنه لا يقطع، لماذا ؟ لأن بقاء المال بيد السارق الأول بقاء غير شرعي لا يقر عليه، فالسارق من السارق لا يقطع وليس كما قال العامة : السارق من السارق كالوارث من أبيه ! هذا مو صحيح لأن الوارث من أبيه يرث مالًا حلالًا وهذا لا يرث، اللهم إلا إذا كان يسرق من السارق ليوصله إلى صاحبه فهذا جزاه الله خيرًا.
وقولنا : أو نائبه أي : من ينوب مناب المالك كمستأجر العين ومن استودعت عنده والمرتهن وغير ذلك، المهم كل من قام مقام المالك فإذا سرق منه فهي سرقة شرعًا، إذًا هل السرقة شرعًا أعم أم السرقة لغة ؟ نقول : السرقة لغة أعم، والغالب في جميع التعريفات أن التعريف اللغوي أعم من التعريف الشرعي، لأن التعريفات الشرعية متلقاة من الشرع.
ثم إن السرقة من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن السارق، واللعن لا يكون إلا على كبيرة من كبائر الذنوب، ولأن فيها حدًّا في الدنيا، وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن كل ذنب فيه حد في الدنيا فإنه من كبائر الذنوب فهي حرام، ومنزلتها في المحرمات أنها من كبائر من كبائر الذنوب، وتوجب القطع قطع اليد لقول الله تعالى : (( والسَّارق والسَّارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالًا من الله والله عزيزٌ حكيمٌ )) (( السَّارق والسَّارقة )) يعني من ثبت أنه سارق أو سارقة.
(( فاقطعوا )) والخطاب للأمة ويقصد به أو بالقصد الأول ولاة الأمور.
(( أيديهما )) جمع يد ومعلوم أنه لا يقطع من الإنسان إلا يد واحدة، لكن المتعدد إذا أضيف إلى متعدد فالأفصح فيه الجمع.
وقوله : (( أيديهما )) لم يقيدها سبحانه وتعالى فتختص بالكف لأن اليد إذا لم تقيد فهي إلى الكف فهي الكف، والدليل على هذا قوله تعالى في التيمم : (( فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه )) ومعلوم أن التيمم في الكف فقط.
وقوله : (( أيديهما )) في القراءة المشهورة اليد مجملة أو إن شئت فقل : مبهمة، لكنه لكنه فسرها قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما رضي الله عنه حين قال : ( فاقطعوا أيمانهما ) فيكون المراد باليد اليد اليمنى، ولأنها هي آلة الآخذ والإعطاء غالبًا فاختص الحكم بها.
(( جزاء بما كسبا نكالًا من الله )) أي : جزاء بكسبهما أي : بما كسباه من المال المحرم (( نكالًا من الله )) أي : عقوبة حتى ينكل الناس عن السرقة.
(( والله عزيزٌ حكيمٌ )) فلعزته وحكمته وحكمه قطع، ويذكر أن أعرابيًّا سمع قارئًا يقرأ : والله غفور رحيم فأمره أي : الأعرابي أن يعيد الآية فقال : (( جزاء بما كسبا نكالًا من الله )) والله غفور رحيم فقال : أعد الآية فأعاد الثالثة فقال في الثالثة أو الرابعة فقال : (( والله عزيزٌ حكيمٌ )) قال الأعرابي : الآن، يعني الآن أصبت لأنه عز وحكم فقطع، ولو غفر ورحم ما قطع، وصدق الأعرابي لو غفر ورحم ما قطع، ولهذا قال في قطاع الطريق : (( إلَّا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أنَّ الله غفورٌ رحيمٌ )) قال العلماء : يؤخذ من هذا أنهم إذا تابوا قبل القدرة عليهم سقط عنهم الحد، وظاهر الآية الكريمة : (( والسَّارق والسَّارقة فاقطعوا أيديهما )) العموم وأن السارق يقطع سواء سرق من حرز أو من غير حرز، وسواء سرق قليلًا أو كثيرًا لأن الآية مطلقة السارق وبهذا أخذ الظاهرية وقالوا : كل سارق يقطع ولم يلتفتوا إلى السنة، وبعضهم التفت إليها في الذهب فقط فقالوا : الذهب لا يقطع إلا ما بلغ النصاب أي : نصاب القطع وما سوى ذلك فإنه يقطع فيه بالقليل والكثير، ولكن الصحيح أنه لا بد من بلوغ النصاب ويدل لذلك قوله .