فوائد حديث :( ( لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعدا ). حفظ
الشيخ : فيستفاد من هذا الحديث فوائد : أولًا: رأفة الله عز وجل بالعباد في كون الشيء اليسير لا قطع فيه.
وثانيًا : أنه لا بد من نصاب لقطع السرقة والنصاب هنا ربع دينار النصاب ربع دينار، فإذا سرق ما دون ذلك فلا قطع، فإن قال قائل : ألم يقل النبي عليه الصلاة والسلام : ( لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده ) فكيف نجمع بين الحديثين ؟ نقول : إن قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله السارق يسرق البيضة ) يحمل على بيضة تبلغ قيمتها آه ربع دينار، وهذا يمكن في زمن المسغبة يمكن أن تصل البيضة دنانير نعم وقد وقع هذا في زمننا في بعض الجهات، أو يقال : إن المراد بالبيضة : البيضة التي توضع على الرأس عند القتال، وهي عبارة عما يشبه الإناء يضعه الإنسان على رأسه يتقي به السهام، أما الحبل فالحبل من الحبال ما يبلغ ربع الدينار الحبل المطوي الطويل يبلغ ربع دينار، أو يقال : إن المراد بالحبل : الحبال الغليظة التي تربط بها السفن على الساحل وهو يبلغ هذه القيمة، المهم : أنه لا بد من تأويل الحديث مع ما يتناسب مع الحديث الثاني.
يستفاد من هذا الحديث أيضًا : أن سرقة ربع الدينار تهدر عصمة اليد، وقد اعترض بعض الزنادقة على الشريعة في هذا الحكم وقال : كيف تقطع اليد في ربع دينار وإذا قطعت اليد وجب فيها خمسمائة دينار ؟ فقيمة اليد كم ؟ خمسمائة دينار فكيف تقطع هذه التي قيمتها خمسمائة دينار في ريع دينار وهل هذا إلا تناقض وفي ذلك يذكر عن المعري أنه قال في ذلك :
" يد بخمس مئين عسجد وديت *** ما بالها قطعت في ربع دينار
تناقض ما لنا إلا السكوت له "

وصدق في قوله : " إلا السكوت له " وكذب في قوله : " تناقض " ما فيه تناقض فأجيب :
" قل للمعري عار أيما عار *** جهل الفتى وهو عن ثوب التقى عار "
يعني معناه : أنك جاهل ولا عندك تقوى، لأن الجاهل الواجب عليه أن يسكت، وبين أنه إنما قطعت بربع دينار حماية للأموال، ووديت بخمسمائة دينار حماية للنفوس ولهذا قال :
" حماية النفس أغلاها وأرخصها *** حماية المال فافهم حكمة الباري "
وقال بعضهم : لما خانت هانت ولما كانت أمينة كانت ثمينة كانت ثمينة، فالحاصل : أن الحكمة واضحة جدًّا وأن الله تعالى جعل ديتها خمسمائة دينار حفظًا للنفوس حتى لا يجترئ أحد على قطع الأيدي وجعلها تقطع في ربع الدينار حماية للأموال حتى لا يجترئ السراق على أموال الناس .