فوائد حديث : ( أتشفع في حدٍ من حدود الله تعالى ... ). حفظ
الشيخ : هذا الحدبث فيه فوائد عظيمة من فوائده : الإنكار على من شفع في حد من الحدود، ولكن هذا بعد أن يصل الأمر إلى السلطان فأما قبل ذلك فلا بأس، لكن إذا وصل إلى السلطان فإنه لا تجوز الشفاعة فيه لما في ذلك من إسقاط حدود الله عز وجل.
ومن فوائده : الإنكار على من فعل ما ينكر عليه فيه ولو كان أحب الناس إليك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على أسامة والله تعالى لا يستحي من الحق لا تقول : هذا صديق هذا رفيق لا أحب أن أنكر عليه أنكر عليه لاسيما في الأمور العظيمة.
ومن فوائد هذا الحديث : أن الشفاعة تجوز في غير الحدود كما لو كان من باب التعزيرات فإنه يجوز أن يشفع فيها، والفرق أن الحدود فرائض والتعزيرات تبع للمصالح فقد يكون من المصلحة أن نشفع في هذا الذي يستحق التعزير لأجل أن يسقط عنه التعزير، ولهذا قال كثير من العلماء : إن التعزير ليس بواجب وإنما هو راجع إلى رأي الإمام إن رأى من المصلحة إقامة التعزير فعل وإلا فلا.
ومن فوائد هذا الحديث : حكمة الشرع في تحديد العقوبات وأنها مناسبة تماما للجرائم ولهذا أضيفت إلى الله تعالى قال : ( حد من حدود الله ) ومعلوم أن ما كان من حدود الله عز وجل فإنه في غاية الحكمة وفي غاية الرحمة.
ومن فوائد الحديث : أنه ينبغي للإنسان القدوة أن يخطب في المناسبات التي تستدعي الخطبة ولو كان ذلك في غير جمعة لقوله : ( ثم قام فخطب ).
ومن فوائده : أن الخطبة تكون عن قيام والحديث العادي يكون عن جلوس، ويتفرع على هذه الفائدة : ما يفعله بعض الإخوة الآن من القيام خطيبًا عند دفن الميت يعظ الناس مستدلًا بأن النبي صلى الله عليه وسلم وعظ أصحابه حين جلسوا إليه وجعل يتكلم عن حال الإنسان عند الموت وبعد الموت، وترجم البخاري على ذلك بقوله : " باب الموعظة عند القبر " فيقال : هناك فرق بين الموعظة وبين الخطبة نحن لا نتكر أن يجلس رجل عند المقبرة ويجلس إليه الناس ينتظرون إلحاد القبر ثم يتكلم معهم بموعظة تلين القلوب وتذكر، لكن أن يقوم خطيبا يخطب في الناس فليس هذا موضعها.
ومن فوائد هذا الحديث : أنه ينبغي استعمال الأسلوب الذي يكون أبلغ في الوصول إلى المقصود وهذا ما يسمى بالبلاغة أي : مطابقة الكلام لمقتضى الحال من أين يؤخذ ؟ من قوله : ( يا أيها الناس ) أو ( أيها الناس ) حيث وجه الخطاب بالنداء من أجل أن ينتبه الناس لما يقول.
ومن فوائد الحديث : أن الحيلولة دون تنفيذ الحدود سبب للهلاك لقوله : ( إنما هلك من كان قبلكم ).
ومن فوائدها : أن عقوبة الله عز وجل لا تختلف بالنسبة للأمم لأنه ليس بين الله وبين الخلق نسب حتى يراعيهم فإذا هلك من قبلنا بذنب فيوشك أن نهلك به لكن الفرق أن هذه أمة لا تهلك بعقوبة عامة لا تهلك بعقوبة عامة بخلاف الأمم السابقة، وقد قيل : إنه بعد نزول التوراة لم تهلك أمة بعامة لأن الله تعالى قال : (( ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى )) نعم فقيل : إنه بعد نزول التوراة لم تهلك أمة بعامة، وأما هلاك فرعون فإنه كان قبل نزول التوراة.
ومن فوائد هذا الحديث : أن حد السرقة ثابت في الأمم السابقة صح من أين يؤخذ ؟ ( إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ) كما أن حد الزنا ثابت أيضًا في الأمم السابقة، وعلى هذا فإذا شنع النصارى أو اليهود على المسلمين بقطع يد السارق قلنا لهم : نحن أيضًا نشنع عليكم لأن هذا موجود في شريعتكم، لكن أنتم تجرأتم وأبطلتم شريعة الله لكن نحن التزامنا بشريعة الله، وكذلك إذا قالوا لنا في القصاص شنعوا علينا في القصاص قلنا : وأنتم أشد منا شناعة فاليهود يجب عليهم القصاص : (( وكتبنا عليهم فيها )) أي : فرضنا عليهم (( أنَّ النَّفس بالنَّفس والعين بالعين والأنف بالأنف )) إلى آخره إذًا نقول : حد السرقة بقطع يد السارق ثابت في الأمم السابقة.
ومن فوائد هذا الحديث : جوب العدل بين الناس في إقامة الحدود وأن الجور سبب لإيش ؟ للهلاك لقوله : ( إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ).
ومن فوائد ذلك : أن السرقة لا تختص بالحاجة بل قد تكون عن هوى وشهوة من أين يؤخذ ؟ من كون الشريف يسرق فالشريف في العادة يكون غنيا إما بنفسه أو بقومه، ولكن الشيطان يغوي ابن آدم ولهذا نجد أن الرجل المتزوج الذي عنده زوجة من أحسن النساء خلقًا وسمتًا وصورة نجده يستهويه الشيطان فيزني بمن ليست بشيء عند زوجته.
ومن فوائد هذا الحديث : أنه لا يجوز أن يختلف الناس في إقامة الحدود بالمال يعني بالغنى أو الفقر قياسًا على إيش ؟ على الشرف والضعف لأن المراد بالضعيف هنا ما يقابل الشريف فلا يقال : هذا غني لا نقطعه وهذا فقير اقطعوه، لكن لو كان بالعكس وقالوا : نقطع الغني ولا نقطع الفقير لأجل أن نبقي له جوارحه يحصل بها الرزق ما تقولون في هذا ؟ لا يجوز أيضًا لوجوب العدل ووجوب إقامة الحد.
ومن فوائد هذا الحديث : ونتكلم على ما حذف منه : جواز إقسام الإنسان بدون أن يستقسم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم فقال : ( وايم الله ) مع أنه لم يستقسم.
ومن فوائده : أنه كلما عظم شأن المخبر عنه فإنه يستحسن أن يقسم عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم لعظم شأن هذا الأمر وإلا لو قال : لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها اكتفى بذلك.
ومن فوائده : فضيلة فاطمة رضي الله عنها ولا شك أن فاطمة أفضل بنات الرسول عليه الصلاة والسلام وأنها سيدة نساء أهل الجنة، لكن لا يعني ذلك أن نبالغ ونغلو فيها فإن الغلو فيها أو في غيرها مما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم
ومن فوائد هذا الحديث : أن جاحد العارية يقطع لحديث عائشة في اللفظ الثاني : ( كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده فأمر ) وجه الدلالة : أن الفاء في قوله : ( فأمر ) للسببية أي : فسبب ذلك أمرًا فيكون هذا الحكم مفرعًا على تلك العلة، وهي أنها كانت تستعير المتاع فتجحده، وقد اختلف العلماء في هذه المسألة اختلافًا كثيرًا، والقول بأن جاحد العارية يقطع انفرد به الإمام أحمد رحمه الله وأكثر العلماء على أنه لا يقطع كما أن الخائن في الوديعة وغيرها لا يقطع فكذلك الخائن في العارية، ولكن يقال : إذا ثبت النص فلا قول لأحد فما دام الحديث ثابتًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقطع يدها لأنها كانت تستعير المتاع فتجحده فإنا نقول : هذا سبب مستقل فسموه سرقة أو لا تسموه نحن لا يهمنا إن كانت السرقة تنطبق على هذه الحال فالأمر ظاهر، وإن كانت لا تنطبق فإنها قسم مستقل برأسه جاءت به السنة فوجب الأخذ بها، وأما من قال : إن هذا الحديث على تقدير محذوف كانت تستعير المتاع وتجحده فسرقته فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها فهذا لا وجه له، لأنه إثبات علة لم توجد ونفي علة إيش ؟ موجودة وهذا تحريف، لأن رفع الوصف عن الحكم وإثبات وصف آخر لا شك أنه تحريف، وهذا كقول من قال : إن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) قال هذا لمن كان جاحدًا وهذا تحريف لأننا إذا حملناه على الجحد ألغينا الوصف الذي رتب عليه الحكم وأتينا بوصف آخر جديد فيكون في هذا جناية على النص.
ومن فوائد هذا الحديث : جواز التوكيل في إقامة الحدود من أين يؤخذ ؟ ( فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها ).
ومن فوائده : أن يد السارق إنما تقطع من الكف لا من المرفق وجهه أن اليد إذا أطلقت فالمراد بها الكف وإذا أريد بها ما زاد عليه قيدت به، ولهذا جاءت الآية في الوضوء مقيدة : (( إلى المرافق )) فوجب أن تغسل في الوضوء إلى المرفق وجاءت في التيمم مطلقة فلم يجب إلا مسح الكفين فقط .