تتمة شرح حديث : ( عائشة - رضي الله تعالى عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أتشفع في حدٍ من حدود الله تعالى ؟)، ثم قام فخطب ، فقال : ( أيها الناس إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ) . متفق عليه . واللفظ لمسلم ، وله من وجه آخر عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كانت امرأة تستعير المتاع ، وتجحده ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم درس الليلة.
" وله " أي : لمسلم " من وجه آخر عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقطع يدها ) ".
كانت امرأة ومعروف أنها من بني مخزوم، لكن أحيانًا يذكر الراوي الاسم مبهمًا سترًا عليه إذا كان لم ينسه، أو نسيانًا إن كان قد نسيه ولكن الذي يظهر أنه كان من باب الستر، لأنه قد ورد مصرحًا به في وجه آخر ( تستعير المتاع ) الاستعارة طلب الإعارة كالاستغفار طلب المغفرة والغالب أن السين والتاء المزيدتين فيهما استدعاء وطلب وقولنا : ( الغالب ) احترازًا من غير الغالب في مثل ( استقر ) فإنه ليس معناه طلب القرار ولكنه بمعنى قر، لكن الغالب أن الاستفعال يفيد الطلب فقوله : ( تستعير ) أي : تطلب الإعارة، وما هي الإعارة ؟ الإعارة بذل المال لمن ينتفع به ورده بعينه هذه الإعارة، بذل المال لمن ينتفع به ورده بعينه فقولنا : لمن ينتفع به خرج به سائر البذل فخرج به الهبة، لأن باذلها يريد بذلك إيش ؟ تمليك الموهوب له وخرجت الوديعة لأن معطيها لا يريد أن ينتفع بها المودع وإنما يريد منه أن يحفظها، وخرج بقولنا : ( لمن ينتفع به ) الإجارة لأن المؤجر يسلم العين المستأجرة ليملك المستأجر منافعها، وبه يظهر الفرق الدقيق بين العارية وبين الإجارة، فالإجارة يملك المستأجر المنافع والعارية يملك الانتفاع وبينهما فرق، يظهر في شيء في بيان حكم من الأحكام التي تترتب على هذا الفرق، المستأجر له أن يؤجر العين بشرط إلا يكون لشخص أكثر منه ضررًا، المستأجر له أن يعير العين بشرط ألا يكون ذلك أشد ضررًا من انتفاعه هو المستعير لا يملك تأجيرها ولا يملك إعارتها لأنه يملك إيش ؟ الانتفاع ومن الفروق على المذهب أن المستعير ضامن لكل حال والمستأجر لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط، والصحيح أن المستعير كالمستأجر في مسألة الضمان لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط اللهم إلا إذا اشترط عليه الضمان الضمان مطلقًا والتزم فعلى ما اشترط طيب تجحده الجحد بمعنى الإنكار فمعنى جحد أي : أنكر تأخذ المال من الناس استعارة ثم تنكر تقول : ما أخذته ولا استعرته ( فأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقطع يدها ) أي : بقطع كفها لأن اليد عند الإطلاق معناها الكف، ولم يبين في الحديث أي اليدين ولكن ثبت أن المراد بها اليد اليمنى لقراءة عبد الله بن مسعود في رضي الله عنه : (( فاقطعوا أيمانهما )) والقراءة لا شك أنها حجة .