بيان حكم طهارة الخمر. حفظ
الشيخ : طيب هنا بحث لم نتكلم عليه البارحة وهو مهم: هل الخمر نجس أو طاهر ؟ هذا محل هذا مهم جدًّا أكثر العلماء على أن الخمر نجس نجاسة حسية وأنه كالبول والغائط في تنجيس الثياب والأراضي وغيرها، واستدلوا لذلك بأن الله تعالى قال : (( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون )) واستدلوا بأنه حرام ولا يحرم الله إلا الخبيث والخبيث نجس.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الخمر ليست بنجسة نجاسة حسية واستدلوا لذلك بدليل إيجابي ودليل سلبي، أما الدليل الإيجابي فقالوا : إن الخمر حين حرمت أراقها الناس في الأسواق ولم يؤمروا بغسل الأواني وهذا يدل على أنها طاهرة، إذ لو كانت نجسة لأمروا بغسل الأواني كما أمر الناس حين حرمت الحمر أن يغسلوا الأواني بعدها. ثانيًا : أن الصحابة رضي الله عنهم أراقوا الخمر حين حرمت في أسواق المدينة ولو كانت نجسة ما أراقوها في الأسواق، لأنه لا يحل للإنسان أن يضع في أسواق المسلمين ما يكون نجسًا، ولهذا حرم البول والغائط في الطرقات.
ثالثًا : أن رجلًا أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم راوية من خمر فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إنها حرمت، فتكلم أحد الصحابة مع الرجل سرًّا فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : بما ساررته ؟ قال : قلت : بعها قال : قلت : بعها . فبين الرسول عليه الصلاة والسلام أن ثمنها حرام ثم فتح الرجل فم الراوية وأراق الخمر الذي فيها ) ولم يمنعه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم من إراقته لما كان قريبًا من مجلسه وقد يكون هذا في المسجد ثم لم يأمر أن إيش ؟ أن يغسل الراوية وهذا يدل على طهارة الخمر، أما الدليل السلبي فنقول : الأصل في الأشياء الطهارة فمن ادعى نجاسة أي عين من الأعيان طولب بالدليل طولب بالدليل وقد علمتم أن للقائلين بأنه نجس دليلًا من القرآن وهو قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان )) لا (( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان )) هذه الآية والجواب عن الآية أن المراد بالرجسية هنا رجسية العمل لأنه قال : (( رجس من عمل الشيطان )) ولأن قوله : (( رجس )) خبر عن أربعة أشياء : الخمر والميسر والأنصاب والأزلام، والخبر حكم على المخبر عنه وإذا كان بالإجماع أن ثلاثة من هذه الأربعة ليست نجسة نجاسة حسية لزم أن يكون الرابع مثلها لا فرق، وعلى هذا فيكون الدفع أي : دفع من قال بالنجاسة واستدل بهذه الآية قالوا : وهو محرم أي : الخمر قلنا : وليكن محرمًا ولا شك في ذلك، لكن هل يلزم من تحريم الشيء أن يكون نجسًا ؟ لا يلزم، فها هو السم حرام وليس بنجس، والدخان مثلًا حرام وليس بنجس، وبهذه الأدلة يتبين أن الخمر ليس بنجس ويبني على هذا ما ابتلي به الناس اليوم من أن بعد الأطياب تحمل كحولًا بنسبة كبيرة، فهل يجوز أن يتطيب بها الإنسان وهل إذا تطيب بها تكون ثيابه نجسة هذان سؤالان ؟ أما الأول فنقول : الأولى ألا يتطيب بها لأنه لا ضرورة إلى ذلك إذ هناك أطياب طيبة خالية من هذه المادة، والشيء الثاني : أنها من الأمور المشتبهة لقول الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه )) فالأمر بالاجتناب يقتضي اجتنابه من كل وجه ومنه التطيب به، لكن قد يقول قائل : إنما المراد بالاجتناب ما ما تثبت به العلة وهي قوله : (( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون )) وهذا إنما يكون فيما إذا إيش ؟ إذا شربه أما إذا تطيب به أو ادهن به فلا يحصل ذلك بلا شك، وعلى هذا فيبقى التطيب به من الأمور المشتبهة والأمور المشتبهة القاعدة فيها أنها تبيحها الحاجة، فإذا احتاج الإنسان إلى استعمال هذه الكحول لتعقيم جرح أو غير ذلك فهذا جائز ولا ريب فيه حتى وإن كان فيها مادة كحول كثيرة، لأنها حاجة والتحريم فيه اشتباه ولا يمكن أن نمنع ما كان فيه الاشتباه مع أن الأصل إيش ؟ الحل فإذا احتاج الإنسان إلى استعمال هذه الأشياء لتعقيم جرح أو ما أشبه ذلك فلا بأس أي نعم .
الطالب : قلنا إن الخمر طاهرة .
الشيخ : إيش ؟
الطالب : غير نجسة .
الشيخ : نعم .
الطالب : فالكحول إذًا من باب أولى .
الشيخ : أي نعم ونحن نقول طاهرة الكلام على الاستعمال الكلام الآن اللي قلنا الاحتياط تركه هو الاستعمال لا النجاسة لا ما تنجس الثياب الخمر الأصلية لا تنجس الثياب لأنها طاهرة .