وعن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم ) أخرجه البيهقي وصححه ابن حبان. حفظ
الشيخ : ثم قال : " وعن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم ) أخرجه البيهقي وصححه ابن حبان ".
( إن الله لم يجعل شفاءكم ) الجعل ينقسم إلى قسمين : جعل شرعي وجعل قدري، والجعل هنا فى هذا الحديث جعل قدري، والجعل فى قوله تعالى : (( ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولاحام )) هذا إيش ؟ شرعي شرعي يا جماعة آه لأنه قد جعل قدرًا، إذًا البحيرة والسائبة والوصيلة والحام موجودة قد جعلها الله قدرًا، ولكن لم يجعلها شرعًا طيب (( وجعلنا اليل لباسًا * وجعلنا النهار معاشًا )) كوني صحيح صحيح، ألا يقول قائل إن (( وجعلنا اليل لباسًا )) إنه شرعي نعم له وجه لكنه بعيد في الواقع، طيب الجعل هنا ( لم يجعل شفاءكم ) أي : جعلًا قدريًّا كذا، وكذلك أيضًا شرعيًّا لأنه حرم بما حرم عليكم.
وقوله : ( شفاءكم ) الشفاء والإشفاء بينهما فرق عظيم : الشفاء البرء من الأسقام، والإشفاء الهلاك ولهذا نقول : شفاك الله ولا أشفاك صح شفاك الله ولا أشفاك ليش ؟ لأن شفى الثلاثي بمعنى أبرأ من المرض، وأشفى : أهلك (( وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها )) وأظن أنك لو قلت للعامي : شفاك الله ولا أشفاك لعلك تختنق معه لأنه يقول أولًا : دعوت لي بالشفاء ثم تراجعت وقلت : لا أشفاك الله لكننا قلنا لك : إننا دعونا بقولنا : لا أشفاك الله.
وقوله : ( فيما حرم عليكم ) التحريم بمعنى المنع ومنه الحرم لمنع القتال فيه، ومنه حريم البئر لمنع التملك حولهن فهو بمعنى فيما حرم أي : فيما منع، إذًا المحرم ليس فيه شفاء وتعليل ذلك ظاهر، لأنه لو كان فيه شفاء لكان فيه مصلحة، والله عز وجل لا يمنع عباده ما فيه مصلحة أبدًا، كل ما أباح لعباده كل ما حرم على عباده فهو مضرة ولا يمكن أن يحرم عليهم ما فيه مصلحتهم إطلاقًا طيب .