وعن عبد الله بن خباب رضي الله عنه قال سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( تكون فتنٌ فكن فيها عبد الله المقتول ولا تكن القاتل ) أخرجه ابن أبي خيثمة والدارقطني، وأخرج أحمد نحوه عن خالد بن عرفطة. حفظ
الشيخ : إلا فيما دل عليه حديث عن عبد الله بن خباب رضي الله عنه قال سمعت أبي يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول لا يقول : ( تكون فتنٌ ) تكون هنا فعل مضارع ولكنها هنا تامة أي تكتفي بمرفوعها كما قال ابن مالك :
" وذو تمام " إيش ؟ " ما برفع يكتفي "
وعلى هذا تكون فتن فاعلًا تكن فتن أي : توجد فتن والفتنة ما يفتن به الناس وهي أنواع كثيرة قد يفتن الناس في أديانهم أو في أعراضهم أو في أخلاقهم عمومًا أو في دمائهم، المهم أن الفتن أنواع متنوعة ومن الفتن الفتن المقالية التي يتنابز فيها بالناس بالألقاب السيئة أنت مبتدع أنت كافر أنت فاسق وما أشبه ذلك من الكلمات التي لا يجنى منها إلا اختلاف القلوب واختلاف الناس، لكن المراد والله أعلم بالفتن هنا فتن الدماء فتن الدماء أي : تكون فتن أي قتال بين الناس ( فكن فيها يا عبد الله المقتول ) كن فيها عبد الله عبد هنا يجوز أن تكون منصوبة على أنها خبر كن، ويجوز أن تكون منصوبة على أنها منادى وحرف النداء محذوف، أي : كن فيها يا عبد الله المقتول فعلى الأول تكون المقتول صفة لعبد الله صح يا علي ؟
الطالب : ... .
الشيخ : يبدو أنك إي على الأول وهي أن عبد خبر تكون المقتول صفة لعبد الله، وعلى الثاني أن عبد منادى تكون المقتول خبر كن أي : كن يا عبد الله المقتول ولا تكن القاتل، وهذا يعني أنك لا تدافع عن نفسك في الفتن لأن المدافعة عن النفس في الفتن قد يكون فيها شر كثير، وذلك كما جرى لأمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه الخليفة الثالث بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه نهى أن يدافع عنه بل قال لغلمانه : ( كل إنسان لا يدافع عني فهو حر ) فتركوا الدفاع عنه لماذا ؟ لأنه يحصل بذلك فتن قتل كثير في المدينة النبوية فرضي الله عنه أراد أن يقتل اتقاء للدماء اتقاء للدماء، والعجب أن الرافضة قبحهم الله يقولون : إن الحسين رضي الله عنه فدى بنفسه دماء المسلمين وحقنها ولا يقولون عن عثمان إنه فدى بنفسه دماء المسلمين وحقنها، مع إن الواضح جدًّا أن الثاني هو الحق أن عثمان رضي الله عنه أراد أن يفدي بنفسه دماء المسلمين وليقتل شهيد، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما صعد جبل أحد واهتز بهم وارتجف قال : ( اثبت ) أو ( اسكن أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان ) النبي محمد عليه الصلاة والسلام، والصديق : أبو بكر، والشهيدان : عمر وعثمان رضي الله عنهما، فالحاصل أنه اختار ذلك، ولهذا قال العلماء رحمهم الله : يجب عليه الدفاع عن نفسه إلا في الفتنة فلا يجب، ولكن إذا قلنا : لا يجب هل معنى ذلك أنه يحرم الدفاع عن نفسه في الفتنة أو ينظر للمصلحة ؟ الجواب : الثاني قد يكون الإنسان في مكان فيه فتنة وفيه قتال، لكن يمكن أن يقتل من صال عليه بدون أن يحصل بذلك فتنة حينئذ نقول اقتل وقد يكون بالعكس لو قتله لثارت القبائل، لأنه من قبائل قوية وكبيرة فتثور ويحصل بذلك فتنة، فالحاصل أنه في غير الفتنة في حكم الدفاع عن النفس واجب وفي الفتنة لا يجب، لكن ينظر الإنسان للمصلحة قد تكون المصلحة في المدافعة ولو بالقتل، وقد تكون بعدم المدافعة والإنسان ينظر إلى المصالح العامة فيقدمها على المصالح الخاصة، لأن تقديم المصالح العامة هو شرع الله وقدر الله يعني يتوافق الشرع والقدر في تقديم المصالح العامة على المصالح الخاصة، أرأيتم مثلًا المطر مصلحة عامة ولا خاصة ؟ عامة، لكن يأتي إنسان صب صبة السقف قبيل نزول المطر ما حكم ما شأن هذا المطر بالنسبة له ؟ ضرر، ضرر لكن هذا الضرر يزول ويضمحل، فالحكم القدري والحكم الشرعي من ربنا عز وجل وله الحكمة البالغة تقديم إيش ؟ المصالح العامة على المصالح الخاصة فأنت انظر في حال الفتنة هل من المصلحة أن تدافع عن نفسك أو من المصلحة أن تمسك عن الدفاع افعل ما ترى أنه مصلحة، لكن في غير الفتنة يجب أن تدافع يجب أن تدافع وبهذا نعرف أن من قاتل ليستشهد قاتل ليستشهد فهل يكون شهيدا ؟ لا تتعجلوا إذا قاتل ليقتل فهذا ليس بشهيد، وإن قاتل ليستشهد بمعنى أن يكون قتاله لإعلاء كلمة الله فهو فهو شهيد والنية لها أثر بالغ، لأن بعض الناس يظن أنه إذا قتل في الجهاد فهو شهيد بكل حال وليس كذلك، ليس من الشهادة أن تذهب لأجل أن تقتل إنما الشهادة أن تذهب لتقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، حينئذ إذا قتلت فأنت شهيد فالقتل ليس مقصودًا لذاته القتل في الجهاد ليس مقصودًا لذاته، المقصود أن تكون كلمة الله هي العليا فإذا قتلت من أجل ذلك فأنت شهيد.
ثم قال المؤلف رحمه الله : " كتاب الجهاد " كتاب الجهاد ذكرنا فيما سبق أن العلماء صنفوا تصانيفهم على ثلاثة وجوه كتاب والثاني .
الطالب : باب .
والثالث : فصل .