فوائد حديث :( أن امرأة قالت : يا رسول الله إن زوجي يريد أن يذهب بابني ... ). حفظ
الشيخ : ففي هذا الحديث : دليل على ما سبق مِن أن المدَّعي يمكّن من إبداء الأسباب الموجبة لكون محقا .
ومن فوائده : أن الغلام إذا بلغ سنا يعرف به مصالح نفسه فإنه يُخير بين أبيه وأمه ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خيره بين أبيه وأمه ، فإن اختار أباه أخذه أبوه ، وإن اختار أمه أخذته أُمُّه ، ولكن هل يلزم من ذلك أن يهجر الآخر ؟ لا ، نقول : إذا اختار أباه صار عنده ، ولكن لا يمنعه من زيارة أمه ولا من زيارة أمه له ، إلا أن يخشى من ذلك ضررا فهو أعلم ، وأما بلا ضرر فالواجب أن يمكنه من زيارة أمه ومن زيارة أمه له بلا ضرر .
ومن فوائد هذا الحديث : أن التمييز لا يُشترط له سِن ، لأنه هنا عُلق بفهم الطفل واختياره من يرى أنه أصلح له ، ولم يُعلق بسن معين ، وهذا موضع اختلف فيه العلماء : فمنهم من قال : " إن التمييز يعتبر بالسن وهو بلوغ سبع سنوات ، وقال : إذا بلغ الطفل سبع سنوات فهو مميز وما دون ذلك فليس بمميز " : وذهب بعض العلماء إلى أن التمييز معتبر بالوصف ، فمن كان ذا تمييز فهو مميز وإن كان دون السبع ، ومن لم يكن ذا تمييز فليس بمميز وإن جاوز السبع ، وأن ذكر السبع في قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( مروا أبناءكم بالصلاة لسبع ) : بناء على الأغلب ، أن من بلغ السبع صار مميز .
فإن قال قائل : إذا اعتبرتم التمييز بالوصف فما هو الوصف ؟ قال العلماء : " هو الذي يفهم الخطاب ويرد الجواب " ، يفهم ويرد وليس الذي يفهم ولا يرد ، لأن الذي لا يفهم ولا يرد يكون هذا بثلاث سنوات أو أقل ، طفل يفهم أن تقول : هات هذا هذه أمك وما أشبه ذلك ، لكن الذي يفهم الخطاب ويرد الجواب هذا المميز .
طيب الحديث في محضون ذكر فهل الأنثى كذلك ؟ يعني أنها إذا بلغت سبعًا تخير بين أبيها وأمها أم ماذا ؟
هذا موضع خلاف بين العلماء ، منهم من قال : إنها تخير كالابن .
ومنهم من قال : يأخذها الأب ، لأن بقاءها وهي بنت شابة عند أمها يخشى عليها ، إذ أن الأم لا يمكن أن تدافع لو أنه سطا عليها رجل غاشم . ومنهم قال : بل تبقى عند أمها حتى تبلغ .
المذهب الأول : أن أباها يأخذها عنده ، ولكن القول الثاني أصح : أنها تبقى عند أمها ، لأن أمها أرحم بها من غيرها ، ولأن تعلق البنت بأمها أكثر من تعلق الطفل ، ولأن عناية الأم ببنتها في تعليمها حوائج البيت من طبخ وغيره أكثر بكثير من عناية زوجة أبيها أو جدتها من قِبل أبيها .
فالصواب أنها تبقى عند أمها حتى تتزوج إلا إذا خفنا من ذلك ضررا بأن تكون الأم في بيت غير مصون ، ويكثر الفساق الذين يتسورون البيوت ، ففي هذه الحال لا بد أن تكون عند أبيها الذي يحميها .