عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن، فذكر الحديث وفيه: ( إن من اعتبط مؤمناً قتلاً عن بينةٍ فإنه قودٌ إلا أن يرضى أولياء المقتول، وإن في النفس الدية مائةً من الإبل، وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية، وفي العينين الدية، وفي اللسان الدية، وفي الشفتين الدية، وفي الذكر الدية، وفي البيضتين الدية، وفي الصلب الدية، وفي الرجل الواحدة نصف الدية، وفي المأمومة ثلث الدية، وفي الجائفة ثلث الدية، وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل، وفي كل إصبعٍ من أصابع اليد والرجل عشرٌ من الإبل، وفي السن خمسٌ من الإبل، وفي الموضحة خمسٌ من الإبل، وإن الرجل يقتل بالمرأة، وعلى أهل الذهب ألف ).دينار" أخرجه أبو داود في المراسيل، والنسائي وابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان وأحمد واختلفوا في صحته. حفظ
الشيخ : " عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده رضي الله عنهم : أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن، فذكر الحديث " :كتب : هل المراد كتب بيده الكريمة أو أمر من يكتب؟
الطالب : الثاني.
الشيخ : الثاني، هذا هو الصّحيح، وذلك لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم لم يكن يكتب، أما قبل البعثة فلا شكّ في هذا بنصّ القرآن: (( وما كنت تتلو مِن قبله من كتاب ولا تخطّه بيمينك إذن لارتاب المبطلون * بل هو آيات بيّنات في صدور الذين أوتوا العلم )) .
وأمّا بعد البعثة فقيل: إنّه كان يكتب لكن كتابا يسيرا، وقيل: إنّه لا يكتب إلاّ اسمه فقط لحديث صلح الحديبية، والذي يظهر أنّه بقي عليه الصّلاة والسّلام لا يكتب، وما ذكر من كتابة اسمه فإنّه لا يكون بذلك كاتبًا .
وهنا كتب إلى أهل اليمن أي : أنّه أمر من يكتب إلى أهل اليمن، وفيه أي: في الحديث وهو طويل لكنّه حديث مشهور مستفيض عند العلماء، متلقّا بالقبول، وشهرته واستفاضته تغني عن تصحيحه، قال: ( وفيه أن من اعتبط مؤمنا قتلا عن بيّنة فإنّه قود ) : اعتبطه : يعني قتله عمدا عباطة بدون سبب ، وقوله: ( من اعتبط مؤمنا قتلا عن بيّنة ) مؤمنًا : غير المؤمن فيه تفصيل، إن قاتله من يماثله في الدّين فإنّه يقتل به إذا تمّت بقيّة الشّروط.
وقوله: ( عن بيّنة ) متعلّق باعتبط، يعني وكان ذلك عن بيّنة، لأنّ مجرّد التّهمة لا يمكن أن يثبت بها القصاص، إذ أنّ القصاص عظيم قتل النفس، فمجرّد التّهمة لا يمكن أن يثبت فيها القصاص بل لا بدّ عن بيّنة، والبيّنة شهود رجلان بالإتّفاق، أو قرائن وتُجرى في ذلك القسامة كما هو معروف، وربّما تأتينا إن شاء الله.
( فإنّه قَوَد ) أي: يقاد به وسُمّي قودا لأنّ القاتل يقاد يؤخذ برمّته يعني بالحبل ويقاد إلى أن يسلّم إلى أولياء المقتول فيقتلونه.
( فإنّه قود، إلاّ أن يرضى أولياء المقتول ) : فإن رضي أولياء المقتول فلا قود، وإن رضي بعضهم؟
الطالب : لا قود .
الشيخ : فلا قود أيضا، للآية الكريمة: (( فمن عفي له من أخيه شيء فاتّباع بالمعروف )) .
ومن أولياء المقتول؟
أولياء المقتول من يرثونه، والدّليل على هذا قول النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ( ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجلٍ ذكر ) فدلّ ذلك على أنّ الأولياء هم الذين يرثون، لأنّه قال: أولى، إذن الوارث ولي، القريب وليّ، فإذا اجتمع قريبان أحدهما يرث والثاني لا يرث فأيهما الأولى بالولاية؟
الذي يرث، إذن فأولياء المقتول هم ورثته.
( وأنّ في النّفس ) -أنا عندي مكسورة الهمزة ولكن ليس بصحيح- ( وأنّ في النّفس دية مائة من الإبل ) : النّفس فيها الدّية وبيّنها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقوله: ( مائة من الإبل ) هذه الدّية، وكم أسنانها؟
أسنانها ستأتي إن شاء الله في الحديث الذي بعده، في ما بعد، لكن العدد مائة لا تزيد، ( في النّفس مائة من الإبل ) .
ويستثنى من ذلك المرأة فإنّ ديتها على النّصف من دية الرّجل، ويستثنى من ذلك أيضا غير المسلمين فإنّ دياتهم تختلف عن ديات المسلمين، فالكتابي نصف دية المسلم، والمجوسي والوثني ثمانمئة درهم، ثمانمئة درهم إذا جعلنا المائتين ستّة وخمسين ريالا، كم تكون؟
الطالب : مئة وأربعة وعشرين .
الشيخ : هاه؟
الطالب : مائتي ريال.
الشيخ : مائتي ريال؟
الطالب : وأربع وعشرين.
الشيخ : دية المجوسي والوثني مائتي ريال وإيش؟
الطالب : وأربع وعشرين.
الشيخ : وأربع وعشرين، دون من قيمة الشاة، نعم، هو لا يساوي شيئا: (( إنّما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا )) .
طيب، إذن مائة من الإبل يستثنى منها مستثنيات دلّت عليها السّنّة.
( وفي الأنف إذا أُوعب جدعه الدية ) : في الأنف إذا أُوعب : يعني استُكمل واستوعب.
جدعه: يعني جدع جدعا تامّا، أي قطع، الدّية.
قال العلماء في الأنف أربعة أشياء: قصبة ومنخران وأرنبة، القصبة هي العظم، والمنخران معروفان، والأرنبة الحاجز بينهما، فإذا قُطع المارن وهو ما لان من الأنف ففيه دية كاملة، وإن قُطع المنخر الواحد ففيه ثلث الدّية، وفي المنخر الثاني ثلثها، وفي الأرنبة الحاجز بينهما الثلث.
أما إذا كان جميعا ولهذا قال: ( أوعب جدعه ) كلّه ففيه الدّية، لماذا؟
لأنّه لا يوجد في البدن منه إلاّ شيء واحد، فلذلك وجبت الدّية لأنّه لا نظير له.
( وفي العينين الدّية ) : في العينين جميعا الدّية، وفي الواحدة نصف الدّية، لأنّ العينين في البدن منهما اثنان.
( وفي اللّسان الدّية ) : لأنّه ليس في الجسد منه إيش؟
الطالب : إلاّ واحد.
الشيخ : إلاّ واحد.
( وفي الشّفتين الدّية ) : الشّفتين فيهما الدّية، والشّفتين هما اللحم الذي يغطّي الأسنان، مِن منابت الأسنان من فوق ومن تحت هذه الشّفتين، وليست الشّفتان هما ما كان أحمر فقط، الشّفتان مِن منابت الأسنان، من الأسفل ومن فوق، فيهما الدّية وفي الواحدة ؟
الطالب : نصف الدّية.
الشيخ : نصف الدّية طيب.
( وفي الذّكر الدّية ) : لأنّه ليس في الإنسان منه إلاّ شيء واحد.
( وفي البيضتين الدّية ) : البيضتان: الخصيتان، فيهما الدّية وفي الواحد نصف الدّية.
( وفي الصّلب الدّية ) الصلب: الظهر هذا فيه الدّية كاملة، وكذلك أيضا في الرّجل الواحدة نصف الدّية، والرّجلان؟
الطالب : دية كاملة.
الشيخ : دية كاملة، واليد الواحدة؟
الطالب : نصف الدّية.
الشيخ : نصف الدّية، واليدان؟
الطالب : دية كاملة.
الشيخ : دية كاملة، إذن لا بدّ أن نأخذ قاعدة على هذا نقول : ما في الإنسان منه شيء واحد ففيه دية كاملة، وهو: الأنف، واللّسان، والذّكر، والصّلب، فما في الإنسان منه واحد فدية كاملة، وما فيه شيئان؟
الطالب : ففي كل واحدة نصف الدية .
الشيخ : ففي الثنتين دية كاملة ، وفي واحدة نصف الدّية، مثل العينين، الأذنين، اليدين، الرجلين، الشّفتين، الخصيتين، والسنبؤتين أيضا، السنبؤتان للرجل بمنزلة الثّديين للمرأة.
فالقاعدة إذن : " ما للإنسان منه شيئان ففي أحدهما نصف الدّية وفي الإثنين الدّية كاملة " ، وما فيه ثلاثة؟
الطالب : الثلث.
الشيخ : في الجميع الدّية كاملة، وفي البعض ثلث الدّية، أو ثلثاها، مثل مارن الأنف، فيه منخران وأرنبة، وفي الواحد منهما ثلث الدّية وفي الجميع؟
الطالب : الدية كاملة.
الشيخ : الدّية كاملة، وما فيه أربعة؟
الطالب : الرّبع.
الشيخ : كلّ واحد ربع الدّية، وفي الجميع الدّية، وش الذي فيه أربعة ؟ الأجفان، أجفان العينين كم هي؟
الطالب : أربعة .
الشيخ : عدها يا سعيد لأنك مستشكل في الموضوع هاه؟
الطالب : أربعة.
الشيخ : أربعة؟ أي نعم، في الواحد ربع الدّية، وفي الأربع؟
الطالب : دية كاملة.
الشيخ : الدّية كاملة، طيب ما في الإنسان منه خمسة ؟
نعم؟
الطالب : الأصابع .
الشيخ : لا، الأصابع عشرة.
الطالب : أصابع اليد الواحدة !
الشيخ : ما فيها دية كاملة، اليد الواحدة فيها نصف الدّية، هذا لا يوجد في الأجزاء يوجد في المنافع كما سيأتينا إن شاء الله، لكن الأجزاء ما فيه شيء، ما في الإنسان شيء خمسة أجزاء ما فيه، طيب ستّة؟
الطالب : ما فيه.
الشيخ : ما فيه، سبعة، ثمانية، تسعة، ما فيه، عشرة؟
الطالب : في .
الشيخ : فيه، الأصابع، في أصابع اليدين الدّية كاملة، يعني لو قطع الأصابع وبقيت الكفّ ففيها الدّية كاملة.
وفي أصابع الرّجلين كذلك، وفي الأصبع الواحد عُشر الدّية، وفي كلّ أنملة من الأصبع ثلث عُشر الدّية إلاّ الإبهام، لأنّ الإبهام مفصلان، فالإبهام مفصلان ففيه؟
الطالب : نصف العشر.
الشيخ : كلّ إبهام، في كلّ مفصل نصف العشر، طيب كيف؟
الطالب : فيه كم ؟
الشيخ : فيه مفصلان، الإبهام كم ؟
الطالب : ...
الشيخ : تبي واحد يقول لك: الإبهام مفصلان ؟ هذا واحد، والذي تحته واحد.
الطالب : يعني فيه كم؟
الشيخ : في كلّ مفصل نصف العشر، طيب.
لكن خِنصر الرّجل كم فيه من مفصل؟
الطالب : واحد، واحد.
الشيخ : خنصر الرّجل؟
الطالب : واحد، واحد.
طالب آخر : اثنين.
طالب آخر : ثلاثة.
الشيخ : والله كأنّنا في الحراج الآن!!
الطالب : ههههه.
الشيخ : فيه ثلاثة، فيه ثلاثة، لكن لصغره لا يتبيّن، وإلاّ ففيه ثلاثة كغيره، إبهام الرّجل كم فيه؟
اثنان، فيه مفصلان، فالإبهام في اليدين والرّجلين فيه مفصلان، والبقيّة ثلاثة مفاصل، طيب، وهنا عرفنا القاعدة في تجزئة الدّية على الأعضاء، لكن هنا أيضًا قاعدتان مهمّتان:
من جنى على عضو فأشلّه ففيه دية ذلك العضو، فيه دية ذلك العضو إلاّ الأنف والأذن، عرفتم القاعدة هذه؟
الطالب : نعم .
الشيخ : إذا جنى على عضو فأشلّه يعني صار أشلّ فعليه دية ذلك العضو إلاّ الأنف والأذن.
الأنف والأذن لو مثلا أنّه ضرب الأنف حتى صار أشلاّ ما يتحرّك فليس عليه دية أنف، لأنّ أعظم ما يكون في الأنف هو الجمال، والجمال لا يهم سواء حركه أو لم يحركه .
الأذن أيضا إذا ضرب أذنا فانشلّت ما معناها فقد السّمع، السّمع باقٍ لكن الأذن انشلّت فإنّه ليس عليه دية أُذن وإنّما عليه حكومة، لكن لو ضرب اليد فانشلّت عليه؟
الطالب : الدّية.
الشيخ : دية اليد، إذن القاعدة : " إذا جنى على عضو فأشلّه أي جعله أشلّ ففيه دية ذلك العضو إلاّ الأنف والأذن " لماذا؟
لأنّ الأنف والأذن أهم ما يكون فيهما الصّورة، هل الأذن تتحرّك؟
الطالب : نعم تتحرك .
الشيخ : نعم؟
الطالب : تتحرك .
الشيخ : الأنف يمكن يتحرّك، ولكنّه لا يتحرّك حركة وهو ثابت، مثلا الأصبع الآن يتحرك وهو ثابت، لكن حركة الأنف يميل الأنف كله، لكن تريد أن تحرّك المنخر وحده يمكن؟
الطالب : لا.
الشيخ : ما يمكن، طيب الأذن؟
الطالب : بعضهم يحرك .
الشيخ : طيب هل يمكن أحد يحرّك أذنه؟
الطالب : نعم ، بعضهم يحرك أذنيه يا شيخ .
الشيخ : هههه، حقيقة يعني تقول هذا من إطلاع على هذا الشيء ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : الأذن هذه ممكن يحركها هكذا بيده !
الطالب : بدون يده .
الشيخ : إي عجيب!
الطالب : أنا رأيته يحركها من نفسه ...
الشيخ : وشلون يعملها ؟
الطالب : يعني تذهب وتأتي .
الشيخ : آه ، يعني معناه جلدها يروح ويجي، مثل الأنف، مثل الأنف، أنا أريد الشّحم الشّحم وحده يتحرّك؟
الطالب : لا لا .
الشيخ : ما يمكن طيب، ولهذا قال العلماء: إنّه لو جنى على الأذن فأشلّها فليس عليه دية الأذن.
طيب الفائدة الثانية أو القاعدة الثانية في هذا الباب : " إذا جنى على عضو مشلول فليس عليه ديته إلاّ الأنف والأذن " : يعني لو قطع عضوا مشلولا فإنّه ليس عليه دية ذلك العضو ، لأنّ هذا العضو ما فيه منفعة إلاّ الأنف والأذن فإذا قطعهما وهما مشلولان فإنّ عليه ديتهما ، فصار الآن الأنف والأذن يختلف عن غيرهما في القاعدتين جميعاً :
القاعدة الأولى : إذا جنى على عضو فأشلّه فعليه ديته كاملة إلاّ الأنف والأذن .
الثانية: إذا قطع عضوا مشلولا فليس فيه دية إلاّ الأنف والأذن ، إذن ما الذي فيه ؟
فيه حكومة، ومعنى الحكومة : أن يقدّر هذا الرّجل الذي حصلت عليه الجناية كأنّه عبد ليس فيه جناية، ثمّ يقدّر كأنّه عبد فيه جناية، ثمّ ينظر بين القيمتين ويعطى مثل نسبته من الدّية.
فإذا قدّرنا أنّ هذا الرّجل الذي قطعت يده المشلولة لو كان عبدا غير مقطوع اليد لكان يساوي ألف درهم، وعبدًا مقطوع اليد يساوي تسعمائة درهم كم النّسبة بين التسعمائة والألف؟
الطالب : العشر.
الشيخ : العشر، نعطيه من الدّية إذا كان حُرّا، نعطيه من الدّية مثل تلك النّسبة أي: عشر الدّية، هذه الحكومة، نعم؟
الطالب : سؤال؟
الشيخ : ما فيه سؤال الآن، انتهى؟
الطالب : نعم .
الشيخ : الآن جاء الوقت ، نعم؟
الطالب : أحسن الله إليك هذه بالنسبة للمتعمد .
الشيخ : إيش؟
الطالب : الدية للمتعمد !
الشيخ : هاه؟
الطالب : في دية الأنف ؟
الشيخ : لا، هذا في المتعمّد، لأنّه ما فيه قصاص في غير المتعمّد.
الطالب : المتعمّد يا شيخ الآن ؟
الشيخ : المتعمّد يقطع.
الطالب : يقطع .
الشيخ : أي نعم.
الطالب : أما هذه في غير العمد ؟
الشيخ : هذا في الدّية.
الطالب : في غير العمد ؟
الشيخ : نعم؟
الطالب : في غير العمد؟
الشيخ : وفي العمد إذا عفا عن القصاص .
الطالب : شيخ شيخ؟
الشيخ : نعم.