وعن أبي رمثة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعي ابني، فقال: ( من هذا ؟ ) فقلت: ابني وأشهد به، قال: ( رواه النسائي وأبو داود وصححه ابن خزيمة وابن الجارود. حفظ
الشيخ : " وعن أبي رمثة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعي ابني، فقال: ( من هذا ؟ فقلت: ابني وأشهد به، فقال: أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه ) رواه النسائي وأبو داود وصححه ابن خزيمة وابن الجارود " :
نعم ، في هذا الحديث يقول: ( أتيت ومعي ابني فقال: من هذا؟ ) :
وكأنّ هناك سببا أوجب أن يسأل عنه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ولهذا أكّده فقال: ( ابني وأشهد به ) : والظاهر والله أعلم أنّ هناك فرقا في الشّبه أو في اللّون فقال له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : من هذا، أو أنّ أبا رمثة كان صغيرا لا يحتمل أن يكون هذا الإبن ولدا له فقال: من هذا؟
وأما مجرّد سؤال ثمّ يقول: ابني وأشهد به فهذا بعيد، فلا بدّ أن يكون هناك سبب لسؤاله .
( فقلت: ابني وأشهد به ) : أي هذا ابني فهو خبر لمبتدأ محذوف.
فقال: ( أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه ) : لا يجني عليك: يعني لا تتحمّل جنايته، ولا تجني عليه: يعني لا يتحمّل جنايتك، هذا المعنى، وليس المعنى أنّ الأب لا يمكن أن يجني على ابنه، لأنّه ربّما يجني عليه، ربّما يضربه، ربّما يجرحه، ربّما يقتله، وكذلك العكس، لكن المعنى أنه لا يتحمّل جنايتك ولا تتحمّل جنايته، وعلى هذا فالأب لا يحمل من الدّية إذا كانت على العاقلة شيئا، يعني لو أنّ شخصًا قتل إنسانًا خطأ فالدّية على العاقلة، والعاقلة هم الأقارب، لكنّ هذا الحديث يدلّ على أنّ الأصول والفروع لا يتحمّلون من الدّية شيئًا، لأنّه قال: ( لا يجني عليك ولا تجني عليه )، وإلى هذا ذهب بعض أهل العلم وقال: إنّ العاقلة هم ذكور العصبة ما عدا الأصول والفروع، وأنّ الأصول والفروع لا يتحمّلون من الدّية شيئا.
ولكنّ القول الرّاجح أنّهم يتحمّلون وأنّهم أولى بالتّحميل ممّن وراءهم، لأنّ القرابة الذين سواهم مِن أين كانوا قرابة لك؟
منهم، فإذا كان هم الأصل، فكيف يحمّل الفرع ولا يحمّل الأصل، فالصّواب أنّ الأصول والفروع مِن العاقلة كمن سواهم، ولكن يبقى أن يقال : كيف نجيب على هذا الحديث؟
يجاب عن هذا الحديث أنّ المراد بالجناية التي يكون فيها قصاصا، الجناية التي يكون فيها قصاص، يعني: لو جنى الإبن جناية فيها قصاص فإنّه لا يقتصّ من أبيه بدلاً عنه، ولو جنى الأب جناية فيها قصاص فإنّه لا يقتصّ من الإبن نيابة عنه، أمّا مسألة الدّية فإنّه لا تعرّض للحديث فيها، هذا هو الصّحيح.