بيان حكم قتال الخوارج. حفظ
الشيخ : الخوارج هل هم كفّار مرتدوّن يعاملون معاملة الكافر ، فإذا مثلا استولي عليهم سبيت نسائهم ، وقتل المقاتل منهم ، أو هم من بغاة فسقة؟
أظنّ أنّ هذا لم نتكلّم فيه؟
الطالب : لا.
الشيخ : نعم ، هذه المسألة فيها خلاف طويل عريض بين العلماء:
أوّلا: لا بدّ نعرف من الخوارج؟
الخوارج هم الذين خرجوا على الإمام ويعتقدون كفره، يعتقدون أنّه كافر، وليس بتأويل سائغ يقولون: إنّه كافر فيخرجون عليه يقاتلونه مقاتلة الكفّار.
الإمام لا بدّ أن يقاتلهم، فهل هم كفّار يعاملون معاملة الكافرين، وذلك لأنّهم استحلّوا دماء المسلمين المحرّمة بالنّصّ والإجماع؟ أو أنّهم بغاة فسقة يعاملون معاملة البغاة؟
فإذا قال قائل ما الفرق بين معاملة البغاة ومعاملة الخوارج؟
قلنا: الفرق ظاهر، البغاة يقاتلون حتى يفيؤوا إلى أمر الله لقوله تعالى: (( فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله )) ، وإذا فاؤوا إلى أمر الله تُركوا، والكفّار يقاتلون مقاتلة الحربيين، يعني يقتل من يقاتل منهم، الخوارج قصدي، والخوارج يقاتلون مقاتلة المرتدّين ، إذا قلنا إنّهم كفّار ، فيقتل المقاتل منهم، ويُلحق من يفرّ، و يجهّز على الجريح، وتسبى ذريّتهم، وتغنم أموالهم، كالحربيين تماما، والمسألة هذه فيها خلاف:
فالمشهور من مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- : أنّ الخوارج بغاة فسقة، وليسوا كفّارا، فيعاملون معاملة البغاة، إذا انكفّوا كففنا عنهم، ولا نجهّز على الجريح ولا نغنم الأموال ولا نسبي الذّريّة، لأنّهم فسّاق، والفاسق يقاتل على وجه الضّرورة حتى يندفع شرّه وضرره.
القول الثاني يقول: إنّ الخوارج كفّار مارقون عن الإسلام يقاتلون مقاتلة الحربيّين من أهل الكفر، وبناء على هذا القول: يكون كأنّ الذي أمامنا إيش؟ الطالب : كفار .
الشيخ : كأنّ الذين أمامنا مشركون، أو يهود، أو نصارى، إذا قدرنا عليهم قتلناهم، وإذا أدبروا تبعناهم، وإذا جرحوا أثخنا عليهم، ونغنم أموالهم، ونسبي نساءهم وذريّاتهم.
هذا إذا قلنا إنّهم كفّار، وقد اختار صاحب الإنصاف والتّنقيح أنّهم كفّار، وهو إحدى الرّوايتين عن الإمام أحمد -رحمه الله- : أنّهم كفّار مرتدّون، لاستحلالهم دماء المسلمين، وعلى هذا فيعاملون معاملة الكفّار المرتدّين.
قال صاحب الإنصاف : " هذا هو الصّواب الذي ندين الله به " ، واستدلّ بقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( إنّهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السّهم من الرّميّة ) ، وحثِّه صلّى الله عليه وسلّم على قتالهم، وهذا يدلّ على كفرهم .لكن الذين قالوا بأنّهم فسقة يعاملون معاملة البغاة قالوا : إنّهم يمرقون من الإسلام ، لكن عندهم شبهة فلا نخرجهم من الدّين إلاّ بيقين ، وعلى هذا القول يعاملون معاملة مَن؟
معاملة البغاة، ولا يعاملون معاملة المرتدّين.