فوائد حديث: ( من قتل دون ماله فهو شهيدٌ ). حفظ
الشيخ : هذا الحديث فيه دليل على فوائد:
أوّلا: جواز مدافعة الإنسان عن ماله، جواز مدافعته عن ماله، والتّعبير بالجواز هل هو لنفي التّحريم فلا ينافي الوجوب أو هو جائز حكمًا؟ والفرق بينهما واضح، إذا قلنا الجواز لنفي التّحريم ، صار لا ينافي الوجوب وعلى هذا فيجب عليه أن يدافع عن ماله، ولكنّ الأمر ليس كذلك، بل المدافعة عن المال جائزة وليست بواجبة، ووجه هذا : أنّ للإنسان أن يتبرّع بماله لأيّ واحد من النّاس، ولو كان يجب عليه أن يحفظ ماله لنفسه حرم عليه أن يتبرّع به لأحد، إذن فله أن يدافع عن ماله ويقاتل، فلو جاءك إنسان وقال: أعطني السّيّارة أنا أريد سيّارتك غصب تقول لا، إن قاتلك فقاتله فإن لم يندفع إلاّ بالقتل فاقتله، فإذا قتلته فهو في النّار، وإذا قتلك فأنت شهيد.
وهل يلزمه الدّفاع عن نفسه وعن حرمته؟
الجواب: نعم يلزمه أن يدافع عن نفسه وعن حرمته، إلاّ إذا كان في زمن فتنة فإنّه لا يلزمه الدّفاع، لأنّه إذا دافع فربّما تراق دماء كثيرة بسبب مدافعته لأنّ المقام مقام فتنة، ربّما إذا قتل هذا الصّائل في الفتنة تقتل جميع قبيلته، ولهذا لما طلب من أمير المؤمنين عثمان بن عفّان رضي الله عنه أن يقاتل دونه حينما حصر في بيته أبى وقال: " لا تقاتلوا " ، لأنّه خاف أن يكون بالمقاتلة تراق دماء كثيرة في مدينة رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ، فاستسلم رضي الله عنه حتى قتل، وهذا لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( إنّها ستكون فتنة فكن فيها عبد الله المقتول ولا تكن القاتل ) ، لأنّ الفتنة -نسأل الله أن يقينا وإيّاكم شرّها- ليست بهيّنة، غوغاء النّاس وعامّتهم والجهّال السّفهاء كلّها تطيش كما يطيش القدر من فوق النّار فيراق يمينا وشمالا، إذن يلزم الدّفع عن نفسه إلاّ في؟
الطالب : في الفتنة.
الشيخ : إلاّ في الفتنة، فكن فيها عبد الله المقتول ولا تكن القاتل، أمّا إذا كان في غير فتنة فيجب أن يدافع عن نفسه، لأنّه مأمور بحفظ نفسه قال الله تعالى: (( ولا تقتلوا أنفسكم )) ، (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة )).
طيب هل يلزمه أن يدافع عن حرمته؟
نعم يلزمه، لو أنّ أحدا حاول أن يزني بامرأته والعياذ بالله فيجب أن يدافع فإن لم يندفع الجاني إلاّ بالقتل فله؟
الطالب : قتله.
الشيخ : قتله ، " له " نفي للتّحريم أو للإباحة؟
الطالب : نفي للتحريم.
الشيخ : نفي للتحريم، يعني لا يحرم القتال لكن يجب القتال، يجب أن يقاتل دفاعا عن حرمته.
واختلف العلماء في الدّفاع عن مال غيره، والصّحيح أنّه لا يلزم الدّفاع عن مال غيره كما لا يلزم الدّفاع عن مال نفسه، لأنّ مال غيره إذا كان بيده أمانة فأقلّ ما فيه أنّه سيضمنه إذا كان متعدّيا مفرّطا وضمانه من ماله.
من فوائد هذا الحديث: أنّ من قتل دون ماله فهو شهيد وكذلك من قتل دون نفسه أو قتل دون حرمته من باب أولى.
ومن فوائده: أنّه لا يغسّل ولا يكفّن ولا يصلّى عليه ويدفن مع المسلمين، أعني المقتول ظلما، لا يغسّل ولا يكفّن ولا يصلّى عليه ويدفن مع المسلمين، لماذا؟
الطالب : لأنّه شهيد.
الشيخ : لأنّه شهيد، والشّهداء لا يغسّلون ولا يكفّنون ولا يصلّى عليهم ويدفنون إن كانوا في قتال في مصارعهم، ولهذا لما جيء بشهداء أحد إلى المدينة أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بردّهم إلى مصارعهم في أحد، حتى يخرجوا يوم القيامة من المكان الذي قتلوا فيه.
طيب وهذا الذي قلته الآن هو المشهور من مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- أنّ المقتول ظلما حكمه حكم المقتول في سبيل الله في أنّه شهيد دنيا وأخرى.
وقيل: لا، بل هو شهيدٌ أخرى وليس شهيدٌ دنيا، وعلّلوا ذلك بأنّ هناك فرقا بين هذا الذي قتل ظلما وبين المقتول في سبيل الله، المقتول في سبيل الله بذل نفسه اختيارا، وعرض رقبته اختيارا لأعداء الله لتكون كلمة الله هي العليا، وهذا الرّجل الذي قتل ظلما، قتل اختيارا وإلاّ اضطرارا؟
الطالب : اضطرارا.
الشيخ : اضطرارا، فبينهما فرق عظيم، ولهذا لما قال الفقهاء -رحمهم الله- : " إنّه يقاس على المقتول في سبيل الله لأنّ كلاّ منهما قتل بغير حقّ " ، قلنا لكن هناك فرق، فرق عظيم بين هذا وهذا، فرق بين من عرض رقبته لأعداء الله لإعلاء كلمة الله ومن دافع عن نفسه حتى قتل، فالصّواب أنّه شهيد أخرى، وليس شهيد دنيا، وأنّه يجب أن يغسّل ويكفّن ويصلّى عليه كما يجب ذلك في سائر الأموات.
ولو أنّا قلنا : كلّ من أطلق الشارع عليه شهيد فإنّ حكمه حكم الشّهيد في سبيل الله ، لقلنا: المبطون والمطعون والميّت بغرق أو هدم أو حرق يكون حكمه حكم الشّهداء في سبيل الله، ولا قائل بذلك.
طيب إذا قتل الجاني في المدافعة فهو كما قلنا؟
الطالب : في النار.
الشيخ : في النار، ولكن إذا اختلف أولياء الجاني والقاتل دفعًا عن نفسه، فقال أولياء الجاني: إنّه لم يصل عليك، وقال المدافع: بل صال عليّ فماذا نعمل؟ نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : المذهب يقولون إنّنا لا نصدّق دعوى القاتل: ( لو يُعطى الناس بدعواهم لادّعى رجال دماء قوم وأموالهم ) ، ولَكَان كلّ واحد يقتل من يريد قتله ويدّعي أنّه صائل عليه، فلا بدّ من بيّنة.
البيّنة في الواقع في مثل هذه الحال متعذّرة، لأنّ الصّائل لا يمكن أن يصول على شخص وحوله أحد، هذا لا يمكن، فالبيّنة إمّا أن تكون متعذّرة وإمّا متعثّرة جدّا ، فإقامة البيّنة في مثل هذا بعيدة.
وقال بعض أهل العلم: بل ينظر في القرائن فإذا كان المقتول الذي اتُّهم بالصّول أهلا لذلك لكونه معروفا بالشّرّ والفساد، وكان القاتل الذي ادّعى الدّفاع عن نفسه رجلا صالحا أهلا للصّدق فإنّنا إيش؟
نصدّقه، ولكن هل تجرى القسامة في هذه الحال؟ أو بدون قسامة؟
يرى بعض العلماء أنّه لا بدّ من القسامة، وذلك لأنّه توجد قرينة على صدق من؟
الطالب : دعوى القاتل.
الشيخ : أي نعم على صدق دعوى القاتل، فهذه كالعداوة، بل إنّنا قلنا : إن الرّاجح في مسألة القسامة أنّه كلّما يغلّب على الظّنّ صدق المدّعي تجرى فيه القسامة ، وعلى هذا فتجرى القسامة فيحلف المدّعي خمسين يمينا أنّه صال عليه.
وقيل: لا حاجة للقسامة، لأنّ القسامة يدّعيها أولياء المقتول ليأخذوا بالثّأر، وهنا الذي يدّعي أنّه قتل بحقّ هو القاتل حتى يسلم من الضّمان، وهذا هو ظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في أنّه يُقبل قول معروف بالصّدق في هذه المسألة.
طيب إذا قال قائل: هل له أن يقتله مبادرة أي المصول عليه، هل للمصول عليه أن يقتل الصائل مبادرة أو يدافعه بالأسهل فالأسهل؟
الطالب : بالأسهل فالأسهل.
الشيخ : نعم الواجب عليه أن يدافعه بالأسهل فالأسهل، لأنّ المقصود كفّ شرّه إلاّ إذا خاف أن يبدره بالقتل فله أن يبدره بالقتل، يعني لو كان قد أشهر المسدّس أمامه وخاف أن يطلق عليه الرّصاص، فله أن يبادره بالقتل، لكن إذا أمكنه أن يكسر يده التي أشهر بها المسدّس مثلا، فإنّه يفعل ذلك ولا يقتله، لأنّ كسر اليد قد يحصل به المقصود، إذا كسرها سقط منها المسدّس أو السّلاح، وسلم من القتل، نعم.
ثمّ قال: " وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: " قاتل يعلى بن أمية رجلاً فعض أحدهما صاحبه، فانتزع يده من فمه فنزع ثنيته، فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال : ( يعض أحدكم كما يعض الفحل؟ لا دية له ) متفقٌ عليه واللفظ لمسلمٍ " :
القصّة معروفة ، قاتل يعلى بن أميّة رجلا: والمقاتلة المشادّة والإمساك بالأيدي وما أشبه ذلك ولا يلزم أن يكون بالسّلاح، فعضّ أحدهما يد صاحبه، فعض أحدهما صاحبه فانتزع يده من فمه: كأنّه والله أعلم أنّ أحدهما لما أهوى بيده التقمها الثاني بفمه ثمّ عضّها، فالثاني أخرج يده من فمه ، لأنّه ما يمكن يبقي يده حتى يمضغها الرّجل ويقطّعها ، فهو لا بدّ أن يخرج يده، فانتزع ثنيّته، نقف هنا. نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : كيف؟
الطالب : إذا دافع عن نفسه .
الشيخ : أي له، إي نعم نعم ما دام مسلما، أي نعم، نعم خالد؟
الطالب : أحسن الله إليكم، ذكرتم في الدّرس الماضي إشكالا على حديث عبد الله بن عمر وابن مسعود .
الشيخ : نعم.
الطالب : كيف الرسول يقول : يا ابن أمّ عبد، وأنا لا أدري يعني ما هو الإشكال؟
الشيخ : ما تدري؟! ونحن أجبنا عنه بثلاثة أجوبة!
الطالب : أنا سمعتها لكن، وسمعتها على الشّريط ولكن ما ظهر لي أنّه فيه إشكال.
الشيخ : لا إله إلاّ الله! ما هو الإشكال؟ سعود؟
الطالب : الذي روى الحديث هو ابن عمر .
الشيخ : وهو كنية ابن أمّ عبد؟
الطالب : على ابن مسعود .
الشيخ : ابن مسعود.
الطالب : ما فيها شيء.
الشيخ : هاه؟
الطالب : ما فيه مانع.
الشيخ : ما فيه مانع؟
الطالب : أبدا.
الشيخ : سبحان الله!
الطالب : لو أنّ عبد الله بن عمر مثلا سمع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول أتدري يا ابن عمّ عبد كيف حكم الله؟
الشيخ : إيه.
الطالب : ثمّ قال الحديث، قال الذي سمعه، وش المانع؟
الشيخ : هذا أحد الوجهين الذي استدللنا به.
الطالب : لكن إيش الإشكال يا شيخ؟
الشيخ : الآن ما يمكن الرّسول يخاطب ابن عمر ويقول: يا ابن أمّ عبد.
الطالب : لا ، هو يخاطب ابن مسعود .
الشيخ : إذن صار ابن عمر رواه عن ابن مسعود.
الطالب : إي نعم .
الشيخ : هذا الذي أجبنا به، على أنّ الحديث من الأصل قلنا: إنّه متروك، نعم فيه راوٍ متروك وهو ضعيف، نعم.
الطالب : هل يحكم للمقتول الشهيد بالجنة ؟
الشيخ : إيش؟
الطالب : يحكم له بالجنة لأنه شهيد ؟
الشيخ : شوف بارك الله فيك النّصوص العامّة ما تطبّق على الأعيان.
الطالب : أيوا العام بأنه شهيد !
الشيخ : إيه.
الطالب : ...
الشيخ : نعم نقول هذا حكمه حكم الشّهداء في الآخرة .
الطالب : طيب يا شيخ أنه يطلب إذا خشي أنه سيرجع على خلاف.
الشيخ : أي.
الطالب : شيخنا هل يقاس على هذا بالنّسبة للبيت إذا علمنا أنّه ...
الشيخ : أي نعم.
الطالب : هل يقاس على هذا ؟
الشيخ : لا، لأنّ هذا مال فإذا أخذناه مثلا أتلفناه عليه، لكن مسألة الأسر بس نتّقي شرّهم فقط.
أوّلا: جواز مدافعة الإنسان عن ماله، جواز مدافعته عن ماله، والتّعبير بالجواز هل هو لنفي التّحريم فلا ينافي الوجوب أو هو جائز حكمًا؟ والفرق بينهما واضح، إذا قلنا الجواز لنفي التّحريم ، صار لا ينافي الوجوب وعلى هذا فيجب عليه أن يدافع عن ماله، ولكنّ الأمر ليس كذلك، بل المدافعة عن المال جائزة وليست بواجبة، ووجه هذا : أنّ للإنسان أن يتبرّع بماله لأيّ واحد من النّاس، ولو كان يجب عليه أن يحفظ ماله لنفسه حرم عليه أن يتبرّع به لأحد، إذن فله أن يدافع عن ماله ويقاتل، فلو جاءك إنسان وقال: أعطني السّيّارة أنا أريد سيّارتك غصب تقول لا، إن قاتلك فقاتله فإن لم يندفع إلاّ بالقتل فاقتله، فإذا قتلته فهو في النّار، وإذا قتلك فأنت شهيد.
وهل يلزمه الدّفاع عن نفسه وعن حرمته؟
الجواب: نعم يلزمه أن يدافع عن نفسه وعن حرمته، إلاّ إذا كان في زمن فتنة فإنّه لا يلزمه الدّفاع، لأنّه إذا دافع فربّما تراق دماء كثيرة بسبب مدافعته لأنّ المقام مقام فتنة، ربّما إذا قتل هذا الصّائل في الفتنة تقتل جميع قبيلته، ولهذا لما طلب من أمير المؤمنين عثمان بن عفّان رضي الله عنه أن يقاتل دونه حينما حصر في بيته أبى وقال: " لا تقاتلوا " ، لأنّه خاف أن يكون بالمقاتلة تراق دماء كثيرة في مدينة رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ، فاستسلم رضي الله عنه حتى قتل، وهذا لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( إنّها ستكون فتنة فكن فيها عبد الله المقتول ولا تكن القاتل ) ، لأنّ الفتنة -نسأل الله أن يقينا وإيّاكم شرّها- ليست بهيّنة، غوغاء النّاس وعامّتهم والجهّال السّفهاء كلّها تطيش كما يطيش القدر من فوق النّار فيراق يمينا وشمالا، إذن يلزم الدّفع عن نفسه إلاّ في؟
الطالب : في الفتنة.
الشيخ : إلاّ في الفتنة، فكن فيها عبد الله المقتول ولا تكن القاتل، أمّا إذا كان في غير فتنة فيجب أن يدافع عن نفسه، لأنّه مأمور بحفظ نفسه قال الله تعالى: (( ولا تقتلوا أنفسكم )) ، (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة )).
طيب هل يلزمه أن يدافع عن حرمته؟
نعم يلزمه، لو أنّ أحدا حاول أن يزني بامرأته والعياذ بالله فيجب أن يدافع فإن لم يندفع الجاني إلاّ بالقتل فله؟
الطالب : قتله.
الشيخ : قتله ، " له " نفي للتّحريم أو للإباحة؟
الطالب : نفي للتحريم.
الشيخ : نفي للتحريم، يعني لا يحرم القتال لكن يجب القتال، يجب أن يقاتل دفاعا عن حرمته.
واختلف العلماء في الدّفاع عن مال غيره، والصّحيح أنّه لا يلزم الدّفاع عن مال غيره كما لا يلزم الدّفاع عن مال نفسه، لأنّ مال غيره إذا كان بيده أمانة فأقلّ ما فيه أنّه سيضمنه إذا كان متعدّيا مفرّطا وضمانه من ماله.
من فوائد هذا الحديث: أنّ من قتل دون ماله فهو شهيد وكذلك من قتل دون نفسه أو قتل دون حرمته من باب أولى.
ومن فوائده: أنّه لا يغسّل ولا يكفّن ولا يصلّى عليه ويدفن مع المسلمين، أعني المقتول ظلما، لا يغسّل ولا يكفّن ولا يصلّى عليه ويدفن مع المسلمين، لماذا؟
الطالب : لأنّه شهيد.
الشيخ : لأنّه شهيد، والشّهداء لا يغسّلون ولا يكفّنون ولا يصلّى عليهم ويدفنون إن كانوا في قتال في مصارعهم، ولهذا لما جيء بشهداء أحد إلى المدينة أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بردّهم إلى مصارعهم في أحد، حتى يخرجوا يوم القيامة من المكان الذي قتلوا فيه.
طيب وهذا الذي قلته الآن هو المشهور من مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- أنّ المقتول ظلما حكمه حكم المقتول في سبيل الله في أنّه شهيد دنيا وأخرى.
وقيل: لا، بل هو شهيدٌ أخرى وليس شهيدٌ دنيا، وعلّلوا ذلك بأنّ هناك فرقا بين هذا الذي قتل ظلما وبين المقتول في سبيل الله، المقتول في سبيل الله بذل نفسه اختيارا، وعرض رقبته اختيارا لأعداء الله لتكون كلمة الله هي العليا، وهذا الرّجل الذي قتل ظلما، قتل اختيارا وإلاّ اضطرارا؟
الطالب : اضطرارا.
الشيخ : اضطرارا، فبينهما فرق عظيم، ولهذا لما قال الفقهاء -رحمهم الله- : " إنّه يقاس على المقتول في سبيل الله لأنّ كلاّ منهما قتل بغير حقّ " ، قلنا لكن هناك فرق، فرق عظيم بين هذا وهذا، فرق بين من عرض رقبته لأعداء الله لإعلاء كلمة الله ومن دافع عن نفسه حتى قتل، فالصّواب أنّه شهيد أخرى، وليس شهيد دنيا، وأنّه يجب أن يغسّل ويكفّن ويصلّى عليه كما يجب ذلك في سائر الأموات.
ولو أنّا قلنا : كلّ من أطلق الشارع عليه شهيد فإنّ حكمه حكم الشّهيد في سبيل الله ، لقلنا: المبطون والمطعون والميّت بغرق أو هدم أو حرق يكون حكمه حكم الشّهداء في سبيل الله، ولا قائل بذلك.
طيب إذا قتل الجاني في المدافعة فهو كما قلنا؟
الطالب : في النار.
الشيخ : في النار، ولكن إذا اختلف أولياء الجاني والقاتل دفعًا عن نفسه، فقال أولياء الجاني: إنّه لم يصل عليك، وقال المدافع: بل صال عليّ فماذا نعمل؟ نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : المذهب يقولون إنّنا لا نصدّق دعوى القاتل: ( لو يُعطى الناس بدعواهم لادّعى رجال دماء قوم وأموالهم ) ، ولَكَان كلّ واحد يقتل من يريد قتله ويدّعي أنّه صائل عليه، فلا بدّ من بيّنة.
البيّنة في الواقع في مثل هذه الحال متعذّرة، لأنّ الصّائل لا يمكن أن يصول على شخص وحوله أحد، هذا لا يمكن، فالبيّنة إمّا أن تكون متعذّرة وإمّا متعثّرة جدّا ، فإقامة البيّنة في مثل هذا بعيدة.
وقال بعض أهل العلم: بل ينظر في القرائن فإذا كان المقتول الذي اتُّهم بالصّول أهلا لذلك لكونه معروفا بالشّرّ والفساد، وكان القاتل الذي ادّعى الدّفاع عن نفسه رجلا صالحا أهلا للصّدق فإنّنا إيش؟
نصدّقه، ولكن هل تجرى القسامة في هذه الحال؟ أو بدون قسامة؟
يرى بعض العلماء أنّه لا بدّ من القسامة، وذلك لأنّه توجد قرينة على صدق من؟
الطالب : دعوى القاتل.
الشيخ : أي نعم على صدق دعوى القاتل، فهذه كالعداوة، بل إنّنا قلنا : إن الرّاجح في مسألة القسامة أنّه كلّما يغلّب على الظّنّ صدق المدّعي تجرى فيه القسامة ، وعلى هذا فتجرى القسامة فيحلف المدّعي خمسين يمينا أنّه صال عليه.
وقيل: لا حاجة للقسامة، لأنّ القسامة يدّعيها أولياء المقتول ليأخذوا بالثّأر، وهنا الذي يدّعي أنّه قتل بحقّ هو القاتل حتى يسلم من الضّمان، وهذا هو ظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في أنّه يُقبل قول معروف بالصّدق في هذه المسألة.
طيب إذا قال قائل: هل له أن يقتله مبادرة أي المصول عليه، هل للمصول عليه أن يقتل الصائل مبادرة أو يدافعه بالأسهل فالأسهل؟
الطالب : بالأسهل فالأسهل.
الشيخ : نعم الواجب عليه أن يدافعه بالأسهل فالأسهل، لأنّ المقصود كفّ شرّه إلاّ إذا خاف أن يبدره بالقتل فله أن يبدره بالقتل، يعني لو كان قد أشهر المسدّس أمامه وخاف أن يطلق عليه الرّصاص، فله أن يبادره بالقتل، لكن إذا أمكنه أن يكسر يده التي أشهر بها المسدّس مثلا، فإنّه يفعل ذلك ولا يقتله، لأنّ كسر اليد قد يحصل به المقصود، إذا كسرها سقط منها المسدّس أو السّلاح، وسلم من القتل، نعم.
ثمّ قال: " وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: " قاتل يعلى بن أمية رجلاً فعض أحدهما صاحبه، فانتزع يده من فمه فنزع ثنيته، فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال : ( يعض أحدكم كما يعض الفحل؟ لا دية له ) متفقٌ عليه واللفظ لمسلمٍ " :
القصّة معروفة ، قاتل يعلى بن أميّة رجلا: والمقاتلة المشادّة والإمساك بالأيدي وما أشبه ذلك ولا يلزم أن يكون بالسّلاح، فعضّ أحدهما يد صاحبه، فعض أحدهما صاحبه فانتزع يده من فمه: كأنّه والله أعلم أنّ أحدهما لما أهوى بيده التقمها الثاني بفمه ثمّ عضّها، فالثاني أخرج يده من فمه ، لأنّه ما يمكن يبقي يده حتى يمضغها الرّجل ويقطّعها ، فهو لا بدّ أن يخرج يده، فانتزع ثنيّته، نقف هنا. نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : كيف؟
الطالب : إذا دافع عن نفسه .
الشيخ : أي له، إي نعم نعم ما دام مسلما، أي نعم، نعم خالد؟
الطالب : أحسن الله إليكم، ذكرتم في الدّرس الماضي إشكالا على حديث عبد الله بن عمر وابن مسعود .
الشيخ : نعم.
الطالب : كيف الرسول يقول : يا ابن أمّ عبد، وأنا لا أدري يعني ما هو الإشكال؟
الشيخ : ما تدري؟! ونحن أجبنا عنه بثلاثة أجوبة!
الطالب : أنا سمعتها لكن، وسمعتها على الشّريط ولكن ما ظهر لي أنّه فيه إشكال.
الشيخ : لا إله إلاّ الله! ما هو الإشكال؟ سعود؟
الطالب : الذي روى الحديث هو ابن عمر .
الشيخ : وهو كنية ابن أمّ عبد؟
الطالب : على ابن مسعود .
الشيخ : ابن مسعود.
الطالب : ما فيها شيء.
الشيخ : هاه؟
الطالب : ما فيه مانع.
الشيخ : ما فيه مانع؟
الطالب : أبدا.
الشيخ : سبحان الله!
الطالب : لو أنّ عبد الله بن عمر مثلا سمع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول أتدري يا ابن عمّ عبد كيف حكم الله؟
الشيخ : إيه.
الطالب : ثمّ قال الحديث، قال الذي سمعه، وش المانع؟
الشيخ : هذا أحد الوجهين الذي استدللنا به.
الطالب : لكن إيش الإشكال يا شيخ؟
الشيخ : الآن ما يمكن الرّسول يخاطب ابن عمر ويقول: يا ابن أمّ عبد.
الطالب : لا ، هو يخاطب ابن مسعود .
الشيخ : إذن صار ابن عمر رواه عن ابن مسعود.
الطالب : إي نعم .
الشيخ : هذا الذي أجبنا به، على أنّ الحديث من الأصل قلنا: إنّه متروك، نعم فيه راوٍ متروك وهو ضعيف، نعم.
الطالب : هل يحكم للمقتول الشهيد بالجنة ؟
الشيخ : إيش؟
الطالب : يحكم له بالجنة لأنه شهيد ؟
الشيخ : شوف بارك الله فيك النّصوص العامّة ما تطبّق على الأعيان.
الطالب : أيوا العام بأنه شهيد !
الشيخ : إيه.
الطالب : ...
الشيخ : نعم نقول هذا حكمه حكم الشّهداء في الآخرة .
الطالب : طيب يا شيخ أنه يطلب إذا خشي أنه سيرجع على خلاف.
الشيخ : أي.
الطالب : شيخنا هل يقاس على هذا بالنّسبة للبيت إذا علمنا أنّه ...
الشيخ : أي نعم.
الطالب : هل يقاس على هذا ؟
الشيخ : لا، لأنّ هذا مال فإذا أخذناه مثلا أتلفناه عليه، لكن مسألة الأسر بس نتّقي شرّهم فقط.