فوائد حديث :( يعض أحدكم كما يعض الفحل؟ لا دية له ) . حفظ
الشيخ : هذا الحديث فيه فوائد:
أوّلا من الفوائد: أنّ الشّيطان ينزغ بين بني آدم حتى يلحقهم بالبهائم، من أين تؤخذ؟
من كون هذين الرّجلين الذين اقتتلا عضّ أحدهما الآخر كما يعضّ الفحل.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ من أتلف شيئا لدفع أذاه فلا ضمان عليه، من أين يؤخذ؟
من أنّ هذا الرّجل أتلف الثّنيّة لدفع أذاها ، هي التي عضّت يده ولهذا لم يجعل فيها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ضمانا وهذه قاعدة من قواعد الفقه، ذكرها ابن رجب رحمه الله في **القواعد الفقهيّة قال: " من أتلف شيئا لدفع أذاه لم يضمنه، وإن أتلفه لدفع أذاه به ضمنه " ، معلوم وإلاّ غير معلوم؟
الطالب : غير معلوم .
الشيخ : طيب، من أتلف شيئا لدفع أذاه لم يضمنه وإن أتلفه لدفع أذاه به ضمنه، معلوم؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب، الدّليل؟ مثل هذا الحديث أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أهدر دية الثّنيّة التي تلفت لانتزاع هذا الرّجل يده من بينها وبين الثّنيّة الأخرى لأنّ الرّجل إنّما أراد إيش؟
دفع الأذى، ومن ذلك أيضًا ما سبق في الحديث الأوّل الذي قبله، أن من صال عليك ثمّ دافعته ولم يندفع إلاّ بقتله ثمّ قتلته فإنّه ليس له دية، لأنّك إنّما أتلفته لدفع أذاه.
طيب أمّا إذا أتلفت الشيء لدفع أذاك به فإنّك تضمنه، ودليل ذلك قوله تعالى: (( فمن كان منكم مريضًا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك )) : الآية نزلت في كعب بن عجرة حين جيء به إلى النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم والقمل يتناثر على وجهه من رأسه لمرض كان به ، فأمره النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام أو أذن له أن يحلق رأسه ، وأن يفدي ، فهنا أتلف الشّعر لدفع أذى الشّعر أو لدفع أذاه به؟
الثاني، لأن الذي أذاه هو هوام رأسه كما قال النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام : ( لعلّك أذاك هوام رأسك؟ ) ، لأنّ القمل هو الذي آذاه، والقمل عادة يكون تحت الشّعر فأمره بل أذن له أن يحلق رأسه وأن يفدي وهذا أتلف الشّعر لدفع أذاه به ، أي : بإتلاف الشّعر.
ومن ذلك أيضا لو أنّ شخصا في سفينة محمّلة وفيها بضائع للنّاس وخيف الغرق فإنّنا نلقي البضائع في البحر خوفًا من الغرق ، فهل نضمن هذه البضائع التي ألقيناها في البحر؟
الطالب : لا
الشيخ : لماذا؟
الطالب : لأنّنا نريد أن ندفع الأذى بذلك فلا ضمان،، فنضمن، نضمن لصاحبها مثلها أو قيمتها حسب ما هو معروف في الفقه.
طيب من فوائد هذا الحديث: شدّة الإنكار على عضّ الإنسان أخاه، وجهه؟ قول الرّسول عليه الصّلاة والسّلام : ( أيعضّ أحدكم أخاه كما يعضّ الفحل ) ، فإنّ هذا للتّنفير وهذه قاعدة مطّردة : " لا يرد تشبيه الإنسان بالحيوان إلاّ في مقام الذّمّ " ، وإذا تتبّعت النّصوص وجدتها كذلك، في الذي آتاه الله تعالى الآيات فانسلخ منها فأتبعه الشّيطان فكان من الغاوين ، ماذا قال الله فيه؟
قال: (( مثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل الذين كذّبوا بآياتنا فاقصص القصص )) ، وجاء في الذين لا يعملون بما نزل عليهم من الكتاب أن شبّهوا بماذا؟
بالحمار : (( مثل الذين حمّلوا التّوراة ثمّ لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا )).
وشبّه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الذي يتكلّم والإمام يخطب يوم الجمعة شبّهه بالحمار.
وجاء تشبيه الذي يعود في هبته بماذا؟
( بالكلب يقيء ثمّ يعود في قيئه ).
وجاء تشبيه الذي يفترش يديه في حالة السّجود بماذا؟
بالسّبع أو الكلب.
وكذلك من لا يطمئنّ في صلاته جاء تشبيهه بالغراب، المهمّ أنّك إذا تأمّلت النّصوص وجدت أنّه لا يشبّه بنو آدم بالحيوان إلاّ في مقام الذّمّ ، وذلك لأنّ الله سبحانه وتعالى فضّل بني آدم على البهائم فإذا نزل بهم وشبّهوا بالبهائم فهذا يقتضي إيش؟
الذّمّ والتّنفير، ولهذا يرى النّاس أنّك إذا قلت لشخص ما : يا بهيمة! وش يرونه؟
الطالب : ذم .
الشيخ : هاه؟ يرونه ذمّا وقدحا، نعم .
طيب ومن فوائد هذا الحديث: أنّه يجوز للإنسان أن يدافع عن نفسه ولو تضرّر الصّائل لأنّه نزع اليد ولو تضرّر، ومنه السّؤال الذي سألت عنه لو أنّ إنسانا أمسك بيد شخص عدوانا وانتزع يده منه فانخلعت يد الممسك فلا ضمان على الأوّل.