فوائد حديث :( لو أن امرأً اطلع عليك بغير إذنٍ فحذفته بحصاةٍ ... ). حفظ
الشيخ : نأخذ من هذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: تحريم الإطّلاع على بيوت النّاس، ودليله أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أباح حذفَ هذا الرّجل وإن فُقعت عينه وهذا يدلّ على أنّه معتدي، ولولا ذلك لكان محترما لا يجوز العدوان عليه.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه لو كان للإنسان بيتًا يشرف على بيت الثاني وجب عليه أن يرفع الجدار حتى لا يطّلع على بيت جاره، وجهه؟
أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حرّم الاطّلاع على البيوت، وإذا كانت الجدران قصيرة أو كانت الشّبابيك الفرجة المفتوحة في الجدران قصيرة فهذه وسيلة للإطّلاع، ولهذا قال الفقهاء -رحمهم الله- في باب أحكام الجوار قالوا : " يلزم الأعلى سترة تمنع مشارفة الأسفل " ، ولكن هنا مسألة:
هل يفرّق بين الجار الملاصق والجار الذي بينك وبينه طريق أو لا فرق؟
نقول: لا فرق، لأنّ العلّة هي الاطّلاع على بيوت الناس، وهل يفرّق بين جار تقدّم أو تأخّر؟
يعني مثلا لو كان هذا الذي جداره قصير أو شبابيكه قصيرة سابقًا عليك وأنت الذي أحدثتَ بناء بعده، فهل نقول للأوّل ارفع الجدار، أو نقول أنت الذي وردت عليه؟ نعم؟
الطالب : لا فرق .
الشيخ : نعم الصّحيح أنّه لا فرق بين المتقدّم والمتأخّر ، لأنّ الناس جرت عادتهم أن يبني بعضهم إلى جنب بعض ، حتى لو فرض أنّك آخر البناء وأنّك ظننت أنّه لن يبني أحد وراءك ثمّ بنى فإنّ عليك أن تتّخذ جدارا طويلا يمنع مشارفة جارك.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ للإنسان أن يُطلع غيره على ما في داخل بيته، وجه ذلك قوله : ( بغير إذن ) : والحكمة ظاهرة ، لأنّ حجاب البيوت حقّ لأهل البيوت ، فإذا رضي صاحب البيت أن يدخل الإنسان إلى بيته وينظر ما فيه فلا حرج ، لأنّ هذا حقّ له .
ولكن إذا كان في البيت أناس متعدّدون فلا تطلعهم على حجرة الآخرين أو على حجر الآخرين بغير إذنهم، أمّا حجرتك الخاصّة فأنت حرّ فيها.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه لا يشترط لحذفه تقدّم الإنذار، وجهه؟
أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يشترط لجواز الحذف تقدّم الإنذار، ويتفرّع على هذه الفائدة : أنّ حذفه ليس من باب دفع الصائل ، ولكنه من باب عقوبة المعتدي ، إذ لو كان من باب دفع الصائل للزم أوّلا إنذاره ، ثمّ إن بقي وأصرّ عمل فيه هذا العمل، لكنّ هذا من باب عقوبة المعتدي، وذكرت لكم نظيرا لهذه المسألة وهو إيش؟
من رأى شخصا يزني بامرأته ورآه فوقها ثمّ قتله فلا شيء عليه.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه لو فقأ عينيه جميعاً فإنّه ضامن للعين التي لم تطّلع ، وجه ذلك أنّ فقع العين التي لا تنظر فقع في غير محلّ الجناية ، فيضمنها كما لو أصاب جبهته أو خدّه أو أنفه وما أشبه ذلك.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه لا يجوز أن يحذفه بما يقتله، لقوله: ( فحذفته بحصاة ) ولم يقل : بسهم ، فلو حذفه بما يقتله ثمّ مات فإنه يكون ضامناً.
ومن فوائد هذا الحديث: حماية الشّريعة الإسلاميّة لعورات النّاس حتى في البيوت، وجه ذلك: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أجاز العقوبة لمن انتهك حرمة البيت واطّلع على العورات، وهل يؤخذ من الحديث جواز إقامة الحدّ والقصاص ممّن له الحقّ؟
يعني مثلاً إنسان قُذف، قذفه رجل قال: أنت زان مثلا ، والذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء يجلدون ثمانين جلدة، فهل لهذا المقذوف أن يتولّى إقامة الحدّ على من قذفه؟
الطالب : لا.
الشيخ : نعم؟
الطالب : لا لا.
الشيخ : لا، إلاّ أن يكون في بلد لا يحكم فيها بالإسلام، فله إقامة الحدّ، لتعذّر إقامته من وليّ الأمر، أمّا إذا كان هناك وليّ أمر فإنّه هو الذي يتولّى ذلك، ولهذا جاءت الآية الكريمة، قال: (( فاجلدوهم ثمانين جلدة ))، فجعل الحكم موكولاً إلى وليّ الأمر.
طيب في القصاص لو أنّ إنسانا قتل شخصًا فأراد وليّه أن يقتله فهل له ذلك؟
الطالب : لا.
الشيخ : ليس له ذلك، اللهم إلاّ أن يكون في بلد لا يُحكم فيه بالإسلام فله ذلك ما لم يخش فتنة أكبر، فإن خشي فتنة أكبر فلا يقتصّ، ولهذا منع عثمان رضي الله عنه من الدّفاع عن نفسه خوفًا من الفتنة.
طيب فإن قال قائل: ما الفرق بين هذه المسائل التي ذكرت وبين مسألة المطّلع على البيت؟
نقول: لأنّ المطّلع على البيت لا يمكن التّأخير فيه، لأنّك لو أخرت لتذهب إلى الحاكم وتثبت المسألة نعم؟
الطالب : ينكر.
الشيخ : مو ينكر، يذهب، من حين ما تفتح الباب يهرب، بخلاف صاحب القذف أو القصاص أو ما أشبه ذلك.