فوائد حديث :( معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه ــــ في رجلٍ أسلم ثم تهود ــــ: ( لا أجلس حتى يقتل، قضاء الله ورسوله ) فأمر به فقتل، متفقٌ عليه، وفي روايةٍ لأبي داود: ( وكان قد استتيب قبل ذلك).). حفظ
الشيخ : الحديث فيه فوائد، حديث معاذ بن جبل لو استعرضنا لها، وأظنّ أنا استعرضنا لها لما مرّ علينا في صحيح البخاري.
الطالب : نعم، ذكرتم بارك الله فيكم ثلاثة شروط وأظنّها تامّة أليس كذلك؟
الشيخ : خلينا نكمّل البحث في هذا.
أوّلا: في حديث معاذ دليل على أنّه يجب على الإمام بعث الدّعاة إلى؟
الطالب : الأمصار.
الشيخ : إلى الأقطار للدّعوة للإسلام، وهل توافقونني على هذه العبارة وجوب البعث؟
الطالب : نعم.
الشيخ : لو قال قائل : هذا فعل والفعل لا يدلّ على الوجوب ، فالجواب هذا فعل مفسّر لقوله تعالى: (( يا أيّها الرّسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك )) ، والأمر للوجوب بلا شكّ ، فيكون الفعل المفسّر له واجبًا.
ومن فوائد هذا الحديث: مشروعيّة استعانة الدّعاة بعضهم ببعض ، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعث أبا موسى وأتبعه معاذًا.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه ينبغي لمن بعث داعيتين فأكثر أن يأمرهما بالتّطاوع وعدم التّعارض، كما أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أبا موسى ومعاذا أن يتطاوعا يعني لا يتنازعا في شيء.
يطيع أحدهما الآخر ولو كان يرى في ذلك غضاضة عليه لما في الاتّفاق والتّطاوع من الخير والمصلحة.
ومن فوائد الحديث: حسن الصّحبة بين الصّحابة رضي الله عنهم، لأنّه قد ورد في نفس الحديث وقد رواه البخاري : ( أنّه كلّما قرب أحدهما من الآخر ذهب إليه ليجدّد العهد به ) : ويتفرّع على هذه المسألة ما ذكره بعض العلماء من أنّه يستحبّ للعلماء والدّعاة للحقّ أن يكثروا الزّيارات بينهم ، لأنّ هذا يجلب المودّة والألفة وينشّط الدّعاة ويغيظ أعداء الدّعوة وأعداء الخير ، وهذا أمر لا شكّ أنّه مطلوب لا سيما بين العلماء ودعاة الخير.
ومن فوائد الحديث: أنّه ينبغي لمن بعث دعاة إلى الإسلام أن يأمرهم بما أمر به النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله وسلّم أبا موسى ومعاذًا حيث قال: ( يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا ) ، وهذا عامّ ، أو إن شئت فقل: مطلق، كلّ ما كان فيه التّيسير بدون إخلال بالشّرط فهو مطلوب، كلّ ما كان فيه التّبشير حتى لو أذنب الإنسان وجاء يقول: إنّه أذنب، فبشّره قل: أبشر يا أخي، إذا أذنبت فتب، والتّوبة تهدم ما قبلها، وربّما تجعل التّائب أحسن حالا منه قبل فعل الذّنب، وتبشّره، خلافا لبعض الإخوة الذين عندهم غلظة إذا جاء إنسان يقرّ بذنبه يقول: فعلت كذا وكذا اكفهرّ في وجهه وعبّس وقال: أعوذ بالله تفعل هذا، إيش راح عليك أنت من العائلة الفلانيّة، أنت فيك، هذا ليس صحيحًا، الذي جاء تائبا ينبغي أن يفرّج عنه ويشرح له الأمر ويوسّع له كما قال النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام.
ومن فوائد الحديث: إكرام الصاحب والزّميل، لأنّ أبا موسى أكرم معاذا بوضع الوسادة له ، والوسادة هي المخدّة التي ينام عليها الإنسان يجعل رأسه عليها عند النّوم ، ووضعها له ليجلس عليها دليل على إكرامه.
ومن فوائده : أنّه لا بأس أن يجلس شريف القوم على فراش أو وسادة وإن كان الآخرون لم يجلسوا عليها، ولا يقال: إنّ في هذا كبرياء وأنفة، لأنّ كلّ مقام له مقال، -وأظنّكم إن شاء الله تسمحون لي أن أجلس على هذا الكرسي، للمصلحة عشان أُشرف على الجميع -.
طيب ومن فوائد هذا الحديث أيضا: قوّة معاذ بن جبل رضي الله عنه، حتى قال: انزل، يعني كأنه جاء على بغلة فقال: له انزل، قال: لا أنزل ولا أجلس حتى يقتل، وهذا لا شكّ يدلّ على القوّة لأنّ هذا الرّجل كان يهوديّا فأسلم ثمّ عاد فتهوّد.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ المرتدّ لا يقرّ على ردّته وإن كان يقرّ على دينه الأوّل، لأنّ اليهودي يقرّ على دينه، لكن إذا أسلم ثمّ ارتدّ وتهوّد فإنّه لا يقرّ.
ومن فوائد الحديث: استدلال العالم بالنّصّ، وإن كان عالما، مع أن معاذ بن جبل من القضاة المشهورين في الإسلام ومن أئمة الفتوى في الصّحابة ومع ذلك استدل على ما قال بقضاء الله ورسوله.
ومن فوائد الحديث: أنّ قضاء رسول الله قضاء لله، وعلى هذا فمعصية رسول الله معصية لله، وإن لم يكن هذا في القرآن، لأنّ ما قاله النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام من الشّرع فهو شرع الله عزّ وجلّ.
ومن فوائد الحديث: جواز قرن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام مع الله بالواو في المسائل الشّرعيّة، لقوله: ( قضاء الله ورسوله ).
ومن فوائد هذا الحديث: تعظيم قضاء الله ورسوله عند الصّحابة، وأنّهم يرون لزامًا عليهم أن ينفّذوا قضاء الله ورسوله، وهكذا يجب على كلّ مؤمن أن يرى مِن نفسه وجوب تنفيذ قضاء الله ورسوله والقيام بذلك.
ومن فوائد هذا الحديث: -إذا لم نعتبر رواية أبي داود- أنّ المرتدّ يقتل بدون؟
الطالب : استتابة.
الشيخ : بدون استتابة، هذا ما تيسّر لنا الآن من فوائد هذا الحديث، ثمّ نبدأ بالدّرس الجديد.