وعنها رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة ) . متفق عليه . حفظ
الشيخ : قال : " وعنها رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( انظرن مَن إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة ) " :
( انظرن ) : فعل أمر ، والخطاب للنساء ، والمراد به أو الموجه إليه الخطاب عائشة رضي الله عنها ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل عليها ذات يوم وعندها رجل فتأثر ، فبينت له أنه أخوها من الرضاعة ، فقال : ( انظرن من إخوانكن ؟ ) ، ( انظرن ) : خطاب للنسوة لكنه موجه إلى عائشة ، وهذا من ملاطفة عائشة رضي الله عنها أنه لم يجابهها بالخطاب ، بل قال : (انظرن ) جعله خطاباً عاماً ، وقوله : ( مَن إخوانكن ؟ ) : الجملة استفهامية أي : مَن الذي يكون أخا أو ليس بأخ ؟
لأنها هي قالت : إنه أخي ، ثم قال : ( فإنما الرضاعة من المجاعة ) : إنما الرضاعة من المجاعة المعنى : إنما الرضاعة المؤثرة ما تغني مِن المجاعة ، إنما الرضاعة ما يغني من المجاعة ، وعلى هذا فيكون المعنى : أن الطفل يتغذى باللبن ، لأنه لا يغني من المجاعة إلا إذا كان يتغذى به ، أما إذا كان يتغذى بالطعام فيغنيه من المجاعة ، إيش ؟ الطعام ، وهذا يدل على أنه لا بد من شرط في الرضاع غير العدد :
الشرط أن يكون في الزمن الذي يتغذي فيه الطفل باللبن ، فإن فُطم فلا أثر للرضاع ، لماذا ؟
لأن لأنه إذا فطم لا يدفع جوعَته اللبن وإنما يدفعها الطعام ، وبناء على هذا نقول : يشترط للرضاع أن يكون قبل الفطام ، وهذا كما أنه مقتضى الدليل السمعي ، فهو مقتضى الدليل العقلي أيضًا ، لأنه إذا كان بعد الفطام فإن تغذي الطفل به ضعيف ، إذ أنه يتغذى بالمأكول والمشروب ، وغذاؤه باللبن ضعيف لكن إذا كان لم يفطم فهو محتاج إلى اللبن يتغذى به وينمو به جسمه ، وهذا الذي دلَّ عليه الحديث هو القول الراجح ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : أنه يشترط للرضاع أن يكون قبل الفطام ، لأنه هو الذي تندفع به المجاعة .
إذًا عندنا شرطان :
الشرط الأول : عدد يزيد على الثنتين هكذا نقول ، من أين يؤخذ ؟ من قوله : ( لا تحرم المصة والمصتان ) .
الشرط الثاني : أن يكون قبل الفطام في زمن تندفع به المجاعة ، وذلك قبل الفطام .
وهذا هو القول الراجح .
وذهب بعض العلماء إلى أن المعتبر السن : فما كان في الحولين فهو محرِّم وما كان بعدهما فليس بمحرِّم سواء فطم أم لم يفطم ، واستدلوا بقوله تعالى : (( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة )) : فبين الله تعالى أن تمام الرضاعة يكون بتمام الحولين ، قالوا : ولأن الحولين زمن يمكن الإحاطة به ، لأنه معلوم ، لكن الفَطام أمر تختلف فيه الأفهام ، فلا ندري هل هذا فُطم أو لم يفطم ؟ نحن نراه إذا بكى ثم ألقمناه الثدي سكت ، وإذا بكى ثم أعطيناه ثمرة سكت ، إذًا هو مفطوم أو غير مفطوم ؟ نعم ؟ لا ينضبط ، فقالوا : إن الفطام أمر لا ينضبط ، وإذا كان أمرا لا ينضبط فالسنتان أمر منضبط فليكن الرجوع إليها حتى لا يحصل الشك أو التشكك ، ولكن يقال في الجواب عن ذلك : إن الفطام أمر معلوم ، معلوم في العرف فرق بين طفل نأتي له بالطعام والشراب مع الناس يتغدى ويتعشى ويفطر أو نعطيه البسكوت أو نعطيه الكعك ويستغنى به ، وطفل ما يمكن يأكل من هذا شيئا إلا نادرا في اليوم والليلة ويحتاج إلى اللبن .
وذهب بعض العلماء إلى أن المعتبر الأكثر ، يعني إن فُطم قبل الحولين فالمعتبر الحولان ، وإن تمت الحولان قبل الفطام فالمعتبر الفطام ، وكأن هذا القول أراد به قائله أن يجمع بين الدليلين فيقول : نعتبر بالأكثر ، لكن الذي يظهر لي من الأدلة أن المعتبر الفطام ، لأنه هو الذي يتضمن العلة المعقولة وهي تغذي الطفل باللبن ، ولا يمنع أن يكون غير مفطوم إذا أكل تمرة أو تمرتين ، أو قرصًا أو قرصين وما أشبه ذلك هذا لا يمنع هو لم يفطم ولو أكل مثل هذا الشيء لأنه شيء يسير جرت به العادة .
طيب إذًا نأخذ شرطين : الشرط الأول هذا ، والشرط الثاني : ألا يكون أقل من مصتين .