فوائد حديث ( هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين ...). حفظ
الشيخ : وهذا حسن .
هذا الحديث كما رأيتم حديث عظيم وفيه فوائد كثيرة جدًا فنبدأ الآن بفوائده إن شاء الله تعالى ونسأل الله أن يوفقنا للصواب :
أولا أقول فيه أن أبا بكر كتب له هذه بدل الصدقة ، كتب له : فيستفاد من هذا العمل بالكتابة بالحديث ولا لا ؟ وأن أصل كتابة الحديث موجود في عهد الخلفاء الراشدين كما هو موجود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( اكتبوا لأبي شاه ) وكان عبدالله بن عمر بن العاص رضي الله عنه كان من أكثر الصحابة حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان يكتب الحديث ، والعمل بالكتابة بنقل الحديث وروايته أمر مجمع عليه مع دلالة النص عليه وإشارة القرآن إلى ذلك ، فإن الله تعالى جعل الكتابة من أسباب أو من الطرق التي تتوثق بها الحقوق : (( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه )) .
وفيه أيضًا : جواز الإشارة إلى ما ليس بموجود بل متصور في الذهن ، لقوله " هذه فريضة الصدقة " وهو قبل أن يكتبها .
ومنها أن الصدقة بجميع أحوالها وأوصافها وأنواعها ومقاديرها فريضة ، حتى في صرفها فريضة ماهي راجعة لاختياري أنا الذي وجبت عليّ بل هي فريضة من الله حتى في صرفها لما ذكر الله عز وجل أهل الزكاة قال (( فريضة من الله )) فلا يجوز لنا أن نتعدى ما فرض الله فيها كما لا يجوز لنا أن نتعدى ما فرض الله في الصلاة فلا يجوز لنا أن نتعدى ما فرض الله في الزكاة .
ومنها أيضًا : أن النبي صلى الله عليه وسلم يضاف إليه الفرض يضاف إليه الفرض لقوله " التي فرض " إذن هو يفرض ولا لا ؟ نعم يفرض كما أنه يوجب ويأمر فهو يفرض أيضا فهو يوجب كما في قوله صلى الله عليه وسلم ( غسل الجمعة واجب على كل محتلم ) وهو يأمر كما في أحاديث كثيرة لا تُحصى ، وهو أيضا يَفرِض كما في هذا الحديث وكما في قول عبدالله بن عمر : ( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير ) .
طيب فإن قلت هل يستقل الرسول عليه الصلاة والسلام بالحكم ويحكم من عنده ؟ فالجواب أن هذا على قسمين : قسم يكون بوحي وقسم آخر يكون من عنده لكن إقرار الله له يجعله في حكم الوحي ، كما قلنا إن الصحابي إذا فعل فعلا وأقره النبي صلى الله عليه وسلم عليه يكون هاه في حكم السنة فإن الرسول هو الذي قاله أو فعله ، كذلك أيضا ما حكم به الرسول عليه الصلاة والسلام وأقره الله عليه فإنه يضاف إلى الله تعالى وحيًا على سبيل الإقرار . طيب ومنها أن هذا الفرض الذي فرضه الرسول عليه الصلاة والسلام فرضٌ على المسلمين ، فهل يؤخذ منه أن الكافر لا يخاطَب بفروع الشريعة ؟ هاه ظاهره كذلك ، وهو كذلك أيضًا بالنسبة للمخاطبة في الدنيا فإننا لا نخاطِب الكافر بالزكاة وهو لم يسلم أبدًا ، وفي حديث معاذ الذي قبل هذا الحديث أمره أن يدعوهم أولًا إلى التوحيد ثم إلى الصلاة ثم إلى الزكاة .
ومن الجهل جدا أن تقول لكافر يقابلك يشرب الدخان تقول يا أخي ترى الدخان حرام ، استغفر الله ما تقول يا أخي ؟ تقول يا رجل ترى الدخان حرام ، نقول يا رجل ولا يا أضل من البهيمة ؟ هاه لو تقول يا أضل من البهيمة ... ما عاد يقبل منك صرفًا ولا عدلًا ، تقول يا رجل ترى شرب الدخان حرام يصلح هذا ما يصلح ؟ نأمره أولا بالإسلام أهم من ترك الدخان .
طيب إذن هم لا يخاطبون بفروع الإسلام في الدنيا لكن في الآخرة يعاقبون عليها ، وهنا ثلاث أمور بالنسبة لشرائع الإسلام في حق الكافر :
أولًا لا يُخاطَب بها في الدنيا فيُلزَم بها ، بل نقول له أسلم ثانيًا : إذا أسلم لا نأمره بإعادتها أو لا نأمره بقضائها لأن الله يقول (( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف )) ، ولهذا لا نُضَمِّنهم لو كانوا قاتلين لآبائنا وأبنائنا وأخواننا ما ضَمّنَّاهم إذا أسلموا لأن الإسلام يهدم ما قبله وثالثًا : بالنسبة للخطاب في الآخرة يعاقبون عليها ولا لا هاه ؟ يعاقبون عليها بدليل قوله تعالى (( يتساءلون عن المجرمين ما سلككهم في سقر )) هاه (( قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين )) فذكروا ثلاثة أشياء .
لعل قائلا يقول : إن كونهم يكذبون بيوم الدين هو الذي أوجب لهم الدخول في النار لأنه كفر ، فلا نُسلِّم أن يكونوا مخاطبين بالفروع فما الجواب ؟ الجواب أن نقول لولا أن لتركهم ذلك أثرًا في دخولهم النار هاه ما ذكروه لكان ذكره عبثًا لا فائدة منه فهم يخاطبون فيها في الآخرة بل إنهم يعذَّبون على الأمور المباحة للمسلم من الأكل والشرب واللباس هم يعاقبون عليه وهو مباح للمسلم وش الدليل ؟ (( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات )) إلى آخره ، (( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات )): مفهومه غير المؤمنين عليهم الجناح وهذا المفهوم هو منطوق في آية أخرى : (( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة )) ، هي لهم في الدنيا مباحة حلال خالصة يوم القيامة ما فيها شائبة ولا يلحقهم فيها تبعة وهذا دليل على أن غيرهم بالعكس .
فإذن الكافر مخاطب بفروع الشريعة بل وبما أحل الله للمسلم متى ؟ في الآخرة نعم .
طيب هنا قال " والتي أمر الله بها رسوله " الواو ما أدري تكلمنا عليها أثناء الشرح ولا لا ؟ قلنا أنها من باب عطف الصفات نعم .
"التي أمر الله بها رسوله" : في هذا دليل على أن هذه الفريضة التي فرضها الرسول عليه الصلاة والسلام كانت بأمر الله بأمر الله عز وجل .
ومن فوائد الحديث حكمة الشارع في الإيجاب لا في الصنف ولا في الوصف ولا في القدْر ، حكمة الشارع في إيجاب الزكاة في الصنف والوصف والقدر كيف في الصنف والوصف والقدر ؟ نعم لأن الإبل ما دون خمسة وعشرين هاه الزكاة واجبة من غير جنسها من غير صنفها ، ولا لا ؟ واجبة من أين ؟ من الغنم لأنها لا تتحمل أن تجب الزكاة فيها من جنسها ، فلهذا جُعلَت الزكاة الواجبة هاه من غير الجنس ، في الوصف اللي هو السن كما ترون مختلف : في خمسة وعشرين بنت مخاض وفي ست وثلاثين بنت لبون وفي ست وأربعين حقة وفي إحدى وستين جذعة : اختلفت الأوصاف باختلاف المال لأن كل مالٍ يناسبه ما أوجبه الشارع فيه .
أما في القدر ففي ست وسبعين في ست وسبعين هاه بنتا لبون زاد قدره زاد قدر الواجب ، ثم هناك حكمة أخرى ذكرناها أيضا أن الأسنان المعينة وهي أربعة نعم الأول والأخير لا يتكرر ، الأول والأخير لا يتكرر أو لا ؟ فيه أيضا شيء ثاني هاه
الطالب : الوصف
الشيخ : الوسط هو الذي يتكرر أيضا إذا استقرت الفريضة فإن الأول والأخير هاه لا يدخل أصلا فهاتان فائدتان السن الأول أدنى السنين ، والسن الأخيرة أعلاها وش نقول فيه ؟ لا يتكرر .
ثانيًا : السن الأول والأخير لا يكون فيما إذا استقرت الفريضة ، ولا لا ؟ لأنه إذا استقرت في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة .
طيب ومن فوائد الحديث : ثبوت الوقص في زكاة السائمة والوقص ما بين الفرضين وهو معفوٌّ عنه فهل هذا الوقص يثبت في غير السائمة أو لا يثبت ؟
الطالب : لا يثبت
الشيخ : الصحيح أنه لا يثبت ، الصحيح أنه لا يثبت ، الوقص في غير السائمة لا يثبت فمثلا رجل ملك مئتي درهم فيها زكاة ، كم فيها ؟ ربع العشر ، يعني فيها خمسة ولا ؟ لا طيب ملك مئتين وعشرة ، وش هو نفس الشيء يعني خمسة فقط ؟ خمسة وربع صح ولا لا ، في ثلاثمئة ؟ سبعة ونص في أربعمئة عشرة ، لا نقول إننا من مئتين إلى أربعمئة ما نزيد يعني لو كان هناك وقص كان نقول ما نزيد إلا إذا وجد نصاب جديد ولا لا ؟ ولكنه له وقص لو زاد درهم واحد وجبت زكاته بخلاف السائمة ، وهذا مما تختص به السائمة .
ومن فوائد الحديث : إثبات الخُلْطَة والتفريق في الماشية ، الخُلْطَة والتفريق في الماشية ، بمعنى أنه إذا كان مال الرجل متفرقًا وفي كل ناحية ماهو أقل من النصاب وليس ذلك حيلة هاه فلا زكاة عليه ، لا زكاة عليه كما لو كان له عشرون شاة في بلد وعشرون شاة في بلد آخر فلا زكاة عليه طيب ولو كان عنده مئة درهم في بلد ومئة درهم في آخر هاه وجبت عليه الزكاة .
طيب أيضا الخلطة مع الغير مؤثرة في السائمة فلو كان لرجلين أربعون شاة هاه فيها الزكاة ولا لا
الطالب : نعم
الشيخ : فيها زكاة طيب ولو كان لرجلين مئتا درهم فلا زكاة فيها هذا هو المعروف أو المشهور من مذهب الإمام أحمد أما الخلطة في غير السائمة لا أثر لها فإذا اختلط اثنان في نصاب من غير السائمة فلا زكاة عليهما فهمتم ؟ وذهب بعض أهل العلم إلى أن الزكاة تجب على الخليطين في المال الظاهر مثل الحبوب والثمار ، واستدلوا لذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السعاة لأخذ الزكاة من الأموال الظاهرة ولم يسأل أو ولم يأمرهم بسؤال الناس هل لهم شريك في هذه الأملاك أم لا ، والأصل عدم التفصيل يدل على العموم وأن المال المشترك الأموال الظاهرة تجري فيها الزكاة وإن كان نصيب كل واحد منهم أقل من النصاب .
لكن المشهور من مذهب الإمام أحمد هو هذا : أن الخلطة لا تؤثر إلا في السائمة نعم .
ومن فوائد الحديث طيب من فوائد الحديث أيضا حكمة الشارع في استقرار الفريضة بعد انتهاء الفرض المقدر ووجه الحكمة وجه الحكمة من ذلك : أنه لو استمر التقدير معينا بالشرع لكان في ذلك شيء من المشقة لكن إذا جُعِل إلى عمل ينتهي إليه ثم ... القاعدة صار ذلك أسهل على الدافع وعلى المدفوع إليه .
ومن فوائد الحديث أنه يجوز للإنسان أن يتصدق وإن لم تجب عليه الزكاة ، من أين تؤخذ من ( إلا أن يشاء ربها ) ومن فوائده أيضًا : أنه لابد من السوم في زكاة بهيمة الأنعام ، وقوله في الغنم ( في الغنم في سائمتها ) ، ولم يكن شرط السوم في الإبل ولكننا نقول إنه يشترط فيه لما سيأتي إن شاء الله من حديث بهز بن حكيم ، وللقياس الجلي إذ لا فرق ، فيؤخذ من هذا أن الماشية التي تُعَلَّف أكثر الحول أو الحول كلَّه أو نصف الحول هاه ؟ ليس فيها زكاة لأنها ماهي سائمة .
ويؤخذ منه أيضا أن البهيمة إذا كانت مما يركب أو يحرث عليه فإنه لا زكاة فيها ، يعني الإبل ، الإبل العوامل أو البقر العوامل التي يحرث عليها وإن بلغت ما بلغت فليس فيها زكاة ، لماذا ؟ لأنها غير سائمة لأنها غير سائمة . ولكن الإبل العوامل أو البقر العوامل الحارثة إذا كانت تُستَغل بأجرة فإن الزكاة تجب في أجرتها إذا تم عليها الحول طيب .
ومن فوائد الحديث أيضا أن الشريكين يتراجعان في الغرم بالسوية من أين يؤخذ ؟ ( وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية ) أنا قلت في الغرم والأحسن نقول في الضمان ، لئلا يفهم فاهم أن الزكاة غرم ولكنها غنيمة هي حقيقة غنيمة فما كان من شريكين فإنهما يتراجعان في الضمان بالسوية .
يتفرع على هذه الفائدة فائدة : وهي المظالم المشتركة لو فُرِض أنه جُعِل ضريبة من قبل السلطان على هذا المال وهو مشترك فسلمها أحد الشريكين بغير إذن الآخر هل يرجع على شريكه هاه ؟ إذا قال الشريك أنا ما أذنت لك أنا ما أذنت لك تدفع ورى ما قلت لا هاه ، نقول الضريبة ما جعلت عليّ أو عليك الضريبة جعلت على هذا المال نفسه ولا لا ؟ وهو مشترك ، فيجب أن تضمن بمقدار نصيبك إذا كان لك من هذا المال الثلثان تضمن ثلثي الضريبة ، وإذا كان لك الثلث تضمن ثلثها وأما أن نقول هذا الرجل الذي حمى الملك ودفع الضريبة اللي عليه نقول مالك شيء لماذا لم تستأذن شريكك : هذا ظلم وعلى هذا فنقول إنه في هذه الحال إذا جُعِل ضريبة على مال مشترك فإن الشريكين إيش ؟ يتراجعان بينهما بالسوية ، نعم .
طيب وفيه أيضا من فوائد الحديث : تحريم إخراج المعيب من أين ؟ نأخذه ( ولا يخرج الصدقة هرمة ولا ذات عوار ) وقد دل القرآن على ذلك ، فقال تعالى (( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه )) ، ودل عليه أيضًا النظر الصحيح لأنه ليس من العدل أن تُخرج عن الطيب هاه رديئًا ، هذا جور كما أنه ليس من العدل أن نأخذ منك كرائم الأموال وندع لك الأوساط أو الرديئة ، بل الواجب القسط .
ومن فوائد الحديث أيضا أنه لا يخرج في الصدقة تيس لقوله ولا تيس إلا إذا رأى المصدق أن في ذلك مصلحة لقوله ( إلا أن يشاء المصدق ) .
ومن فوائد الحديث تكافؤ الأوصاف أو مراعاة تكافؤ الأوصاف والمعاني من أين يؤخذ من التيس ممنوع ، لكن إذا كان فيه صفة مقصودة ترجح أخذه فإنه يؤخذ ويكون ناقصًا من وجه كاملًا من وجه آخر إيه نعم نقف على هذا
الطالب : ...
الشيخ : هاه
الطالب : ...
الشيخ : هذه إن شاء الله تأتينا في باب ، الظاهر يمكن في كتاب القضاء أو ما يتعلق بهذا في المظالم المشتركة
الطالب : ...
الشيخ : نعم لا إن شاء الله ...