وعن عبدالله بن أبي أوفى قال :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال : اللهم صل عليهم ). متفق عليه . حفظ
الشيخ : وعن عبد الله بن أبي أوفى مبتدأ درس اليوم وعن عبد الله بن أبي أوفى قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال اللهم صل عليهم ) متفق عليه .إذا أتاه قوم بصدقتهم قوم أي جماعة والقوم تطلق على الرجال فقط ، وتطلق على القبيلة فتشمل الذكر والأنثى .
ففي مثل قوله تعالى : (( إنا أرسلنا نوحا إلى قومه )) يشمل الذكر والأنثى ، وفي قوله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن )) خاص بالرجال ومنه قول الشاعر
" وما أدري ولست أخال أدري *** أقوم آل حصن أم نساء "
أقوم أم نساء : فجعل النساء مقابل القوم فيكون المراد بالقوم الرجال ، وهنا إذا أتاه قوم الظاهر أن المراد بهم الرجال بقرينة الحال وهي أن الذي يأتي بالصدقات النساء أو الرجال الرجال .إذا أتوا قال ( بصدقتهم ) : أي بزكاتهم كما مر علينا أن الصدقة تطلق على الزكاة وعلى صدقة التطوع .
قال ( اللهم صل عليهم ) اللهم أي يا الله فحذفت ياء النداء وعوض عنها حذفت الياء تيمنا بالبداءة باسم الله وعوضت عنها الميم للدلالة على المحذوف وصارت ميما متأخرة للدلالة على الضم لأن الميم فيها ضم الشفتين فتكون كأن الداعي جمع قلبه إلى الله وضمه .
وقوله ( صلّ عليهم ) : الصلاة تطلق على عدة معاني فإذا قلت صلّ على فلان أي : ادع له وإذا قلت اللهم صل عليه أي اللهم أثن عليه في الملأ الأعلى ، وهذا تفسير أبي العالية رحمه الله ، وهو أصح من تفسير من فسّر الصلاة بالرحمة لأن تفسير الصلاة بالرحمة يبطله قوله تعالى (( أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة )) ، لأن الأصل في العطف المغايرة ، وعلى هذا فالصواب أن الصلاة هي ثناء الله على العبد في الملأ الأعلى فإذا قلت اللهم صل على محمد أي أثن عليه في الملأ الأعلى والملأ الأعلى هم الملائكة المقربون .
طيب اللهم صل عليهم أي على هؤلاء الذين أتوا بالصدقة أي هاه : أثن عليهم في الملأ الأعلى .
وإنما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا لأن الله أمره به فقال : (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم )) فأمر الله تعالى بالصلاة عليهم وبيّن الحكمة من ذلك وهي أن النفوس أن تسكن وتطمئن لأن المال حبيب إلى النفوس وبذله شاق عليها فإذا دعي لمن بذله نعم سكن واطمأن وانشرح صدره .
ولهذا تجد الفرق بين رجلين أعطيت أحدهما هدية أو صدقة فقال جزاك الله خيرا وأخلف عليك والثاني أعطيته الهدية يالله مد يده يأخذه وحطها بمخباته وسكت أطرم ما يتكلم أيهم اللي ينشرح صدرك له ؟ هاه الأول لا شك لا شك أنك تطمئن للأول تسكن إليه أما هذا تقول كأنه هو اللي عطاه ما يتكلم ولا بكلمة .
وإن كان الذي يعطي لله لا يهمه (( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا )) لكن الآداب والأخلاق أحسن .